وبعد أن ظهرت على الساحة في عام 2009، أشاد المعجبون بالعملة الرقمية، باعتبارها وسيلة آمنة وغير مركزية، لإجراء المعاملات خارج النظام المالي التقليدي، وسرعان ما أصبحت “بيتكوين” شائعة بين تجار المخدرات والمتهربين من الضرائب.
لكن إعلان استعادة مسؤولين فدراليين أميركيين، قبل أيام، معظم عملات “بيتكوين” المدفوعة كفدية لوقف هجوم إلكتروني استهدف شركة “كولونيال” لخطوط النفط، كشف مفهوما أساسيا خاطئا حول العملات المشفرة، إذ تبين أنه ليس من الصعب تعقبها كما يعتقد مجرمو الإنترنت، وفق تحقيق لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وقد أعلنت وزارة العدل الأميركية، الإثنين، أنها تعقبت 63.7 من أصل 75 “بيتكوين”، قيمتها تقارب 2.3 مليون دولار من أصل 4.3 مليون دولار، التي دفعتها “كولونيال” للقراصنة، حيث أدى الهجوم إلى إغلاق أنظمة الكمبيوتر الخاصة بالشركة، مما أدى إلى نقص الوقود في عدد من الولايات.
ورفض المسؤولون، منذ ذلك الحين، تقديم مزيد من التفاصيل حول كيفية استردادهم العملات الرقمية.
لكن الخصائص التي تجعل العملات المشفرة جذابة لمجرمي الإنترنت، من حيث القدرة على تحويل الأموال فوريا من دون إذن مصرفي، تتيح أيضا لقوات إنفاذ القانون تتبع أموال المجرمين والاستيلاء عليها بسرعة الإنترنت.
ويقوم مستخدمو “بيتكوين” بحفظ البيانات وعمليات التداول وتسجيلها في سلاسل محاسبية تسمى كل منها “سلسلة الكتل” أو “بلوك تشين”، وهي أشبه بسجل المحاسبة الرئيسي في الأعمال التجارية، ما يعني أن جميع معاملات “بيتكوين” مفتوحة، ويمكن لأي شخص متصل بـ”سلسلة الكتل” الاطلاع على السجل الكامل للتعاملات بالعملة المشفرة.
ونظرا إلى الطبيعة شبه العلنية لسجل حسابات العملات المشفرة، فإن كل ما يتعين على أجهزة إنفاذ القانون القيام به، معرفة المحفظة الرقمية التي يستخدمها المجرمون لتخزين عملات “بيتكوين”.
ولهذه الغاية، يرجح خبراء أن تركيز السلطات كان على ما يعرف باسم “المفتاح العام” و”المفتاح الخاص”.
“المفتاح العام” هو سلسلة من الأرقام والحروف يستخدمها مالكو “بيتكوين” للتعامل مع الآخرين، بينما يتم استخدام “المفتاح الخاص” لإبقاء المحفظة آمنة، وأعلنت السلطات الأميركية أن تتبع سجل معاملات المستخدم، يتوقف على معرفة “المفتاح العام” الذي يتحكم فيه.
لكن الاستيلاء على الأصول يتطلب الحصول على “المفتاح الخاص”، وهو أمر أكثر صعوبة، ولم يتضح كيف تمكن العملاء الفدراليون الأميركيون من التوصل إليه.
وقد تعاون مكتب التحقيقات الفدرالي مع العديد من الشركات المتخصصة في تتبع العملات المشفرة عبر الحسابات الرقمية، وفق مسؤولين ووثائق المحكمة.
ونظرا للإقبال المتزايد على عملة “بيتكوين”، فإن معظم المستخدمين يصلون إلى العملة المشفرة عن طريق مماثل لما يجري في البنوك التقليدية، أي من خلال وسيط مركزي، كمنصات تداول العملات المشفرة.
وتتطلب قوانين مكافحة غسيل الأموال والتحقق من الهوية في الولايات المتحدة، أن تعرف هذه المراكز من هم عملاؤها، ما يعني إنشاء رابط بين الحساب وهوية صاحبه، ويجب على العملاء تحميل بياناتهم الشخصية، وصورة هوية من إصدار الحكومة، عند التسجيل في منصات التداول.
وقد وضعت هجمات القرصنة لطلب فدية، عمليات تبادل العملات المشفرة غير المنظمة تحت المجهر، ما دفع مجرمي الإنترنت للجوء إلى آلاف مراكز التداول ذات المخاطر العالية في أوروبا الشرقية، التي لا تلتزم بهذه القوانين.