تصريحات روسية
- في معرض إجابته على سؤال، حول ما إذا كان يمكن حرمان روسيا من حق النقض، قال دميتري بوليانسكي: “بالطبع لا، لا توجد مثل هذه الآلية التي تسمح بذلك، ودون روسيا في هذه الحالة يجب إعادة بناء الأمم المتحدة من جديد”.
- واستطرد: “لا أستطيع حتى أن أتخيل كيف يمكن أن تبدو هذه العملية دون أن يصحبها التدمير الكامل لجميع أسس العلاقات الدولية الحديثة، والجميع يدركون ذلك“.
- بوليانسكي نوه إلى أن روسيا “تبدي موقفها الخاص من إصلاح مجلس الأمن الدولي، ليتسع تمثيل دول إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية فيه”.
- وفي الإطار ذاته، قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف، إن “الولايات المتحدة ستعاني من عذاب شديد إذا حاولت التعدي على صلاحيات الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي”، مشيرا إلى أن “مصير الأمم المتحدة سيكون حينها مشابها لمصير عصبة الأمم”.
تحذير استباقي
- رأى مراقبون أن تصريحات المسؤولين الروس “تشكل تحذيرا استباقيا من مغبة مجرد التفكير في مثل هذا الأمر”، حيث يتم الترويج في بعض الدوائر الغربية، وفق الروس، لسيناريوهات سحب العضوية من روسيا على خلفية حربها بأوكرانيا، أو أقله تقليص صلاحياتها داخل مجلس الأمن.
- و”سيعني هذا انهيار المنظمة الأممية، التي تعد المؤطر للشرعية الدولية القائمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بعد انتصار الحلفاء على دول المحور عام 1945″، وفق تحذير مراقبين.
- كما أشاروا إلى أن “دعوة نائب الممثل الروسي بالأمم المتحدة، لتوسيع عضوية المجلس ليضم بلدانا من آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، بغض النظر عن مبرراتها المعلنة المتعلقة بضمان التوازن في التمثيل الدولي ضمن مجلس الأمن، فإنها تخدم موسكو، بحيث أن شبكة تحالفاتها داخل المنظمة الأممية ومؤسساتها ستتسع حينها مع اتساع التمثيل الدولي” .
“لا يمكن إخراج روسيا”
وفي هذا السياق، قالت الباحثة في العلاقات الدولية بمدرسة موسكو العليا للاقتصاد لانا بدفان، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”:
- “الدول المنتصرة بالحرب العالمية الثانية، وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي السابق، حظيت بالعضوية الدائمة بمجلس الأمن الدولي وبحق النقض، ومع انهيار ذلك الاتحاد عام 1991، حاولت دوائر غربية الترويج آنذاك لسحب المقعد السوفييتي بمجلس الأمن من موسكو”.
- واستطردت موضحة: “روسيا رفضت ذلك بشدة، بحكم أن ذلك المقعد الأممي هو حقها الذي لا مساومة عليه، وبما يتناسب مع مكانتها الدولية وقدراتها السياسية والعسكرية والاقتصادية الهائلة، كقوة عظمى ومؤسسة لنظام ما بعد الحرب العالمية الثانية منتصف القرن الماضي“.
- “الآن ثمة محاولات جديدة لإخراج روسيا من مجلس الأمن وسحب حق الفيتو منها، وهي محاولات نجاحها مستحيل، لأن إخراج روسيا من المجلس يعني بكل وضوح انهيار منظمة الأمم المتحدة ومجمل المؤسسات المرتبطة بها، وسقوط العديد من المعاهدات الدولية كتلك المتعلقة بالحد من سباقات التسلح والأسلحة النووية وغيرها”، وفق الباحثة الروسية.
- كما رأت أنه “لا يمكن تحويل التلاعب بعضوية مجلس الأمن وصلاحيات أعضائها الدائمين، لورقة ابتزاز بحق موسكو من قبل عواصم الغرب، وروسيا لن تسمح مطلقا بمثل هذا الابتزاز” .
ضمان تمثيل إفريقيا وأميركا اللاتينية
واعتبرت بدفان أن “زيادة حضور ورفع تمثيل قارات كإفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا في مؤسسات الأمم المتحدة وهيئاتها الدولية، هو مطلب ملح وضروري كون هذه القارات الثلاث التي تضم غالبية سكان ومساحة الأرض شبه مغيبة في مجلس الأمن”.
ونوهت إلى أن “قارتي إفريقيا وأميركا الجنوبية تحديدا لا وجود لهما في قائمة الدول الدائمة العضوية، مما يخل بالعدالة ويطعن في شرعية تمثيل المنظمة الأممية لمختلف شعوب العالم وقاراته”.
الفيتو.. “ضامن التوازن الدولي”
من جانبه، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري، محمد الحربي، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “رغم كونه المظلة الدولية المنوط بها حفظ الأمن والاستقرار العالميين، لكن منذ تأسيسه عام 1945 وبداية أول اجتماعاته في العام التالي، اتضح أن غالبية قرارات مجلس الأمن الدولي لا يمكن تطبيقها عمليا، وأنها واقعيا ليست ملزمة، كونه خاضع لتجاذبات الدول الخمس صاحبة حق النقض فيه ولتوافقاتها الصعبة، وهكذا تسود ازدواجية المعايير في تعاطي المجلس مع الأزمات والملفات الدولية المختلفة“.
“لهذا فحق النقض للدول الخمس دائمة العضوية، هو ضامن للتوازن والردع بينها وأي إخلال به أو تغيير، سيقود غالبا لانفراط عقد المجلس”، وفق الحربي .
هل يتكرر سيناريو عصبة الأمم؟
للإجابة على السؤال، قال الكاتب والباحث بالعلاقات الدولية، طارق سارممي، لموقع “سكاي نيوز عربية”:
- “حديث إصلاح الأمم المتحدة هو طرح غير واقعي بتوقيته في ظل الأزمة الدولية الكبرى المشتعلة بسبب حرب أوكرانيا، ولهذا فالتصريحات الصادرة عن الروس ردا على دعوات الأميركيين لإحداث إصلاحات وتغييرات بالمنظمة الأممية تحمل في طياتها مؤشرات خطيرة“.
- وأضاف: “قول مدفيديف إن الأمم المتحدة قد تلقى مصير عصبة الأمم، يدفعنا للتساؤل: هل أصبح العالم على شفا حرب عالمية ثالثة ستطيح بمؤسساتها الأممية وما تمخض عنها من قوانين دولية على مدى قرابة 8 عقود؟”.
- وذكّر أن “عصبة الأمم تشكلت عام 1919 بعد الحرب العالمية الأولى وانعقاد مؤتمر الصلح بباريس آنذاك، وحلت بنهاية الحرب العالمية الثانية في 1946، لتأخذ الأمم المتحدة مكانها”.