وصلت أسعار النفط والغاز إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من عقد من الزمن نتيجة لهذا الاضطراب الجيوسياسي، وكان التأثير أكبر بين ديسمبر 2021 ويونيو 2022؛ حيث زادت تكاليف الطاقة بنسبة 58.3 بالمئة منذ بدء العمليات.
ارتفعت تكلفة برميل النفط في منظمة أوبك إلى 114.3 دولارا أميركيا، كما ارتفع سعر الغاز عالمياً من 2.55 دولار أميركي في يناير 2022 إلى 3.27 دولار أميركي في يوليو 2022.
الاتحاد الأوروبي كان الأكثر تضررا؛ إذ يستورد 90 بالمئة من احتياجاته من الغاز الطبيعي، 41 بالمئة منها مصدرها روسيا. كما يستورد الاتحاد الأوروبي 46 بالمئة من فحمه و27 بالمئة من نفطه من روسيا.
منذ بداية العمليات الروسية في أوكرانيا، ارتفعت إمدادات النفط والغاز الروسي التي تدخل أوروبا بشكل حاد. في مارس وحده، دفعت أوروبا أكثر من 22 مليار يورو (24 مليار دولار أميركي) لروسيا من أجل النفط والغاز.
كيف واجهت أوروبا الأزمة؟
- فبراير.. تأهب وارتباك في صفوف الاتحاد الأوروبي
عقد المجلس الأوروبي اجتماعاً خاصاً في 24 فبراير لمناقشة الوضع الناجم عن العمليات العسكرية الروسية، فبادر قادة الاتحاد الأوروبي المفوضية إلى طرح إجراءات طارئة لمعالجة وضع سوق الطاقة.
- مارس.. خطة بديلة على الطاولة
في مطلع الشهر، دعا قادة الاتحاد الأوروبي المفوضية الأوروبية إلى طرح خطة (ري-باور-إي.يو) بحلول نهاية مايو 2022، بشأن سبل تحقيق هدف إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي قبل عام 2030، وتشتمل الخطة على ثلاث ركائز رئيسة: توفير وتنويع إمدادات الطاقة، وتسريع وتيرة نشر الطاقة المتجددة.
- أبريل.. مساع لحظر النفط الروسي
ناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فرض المزيد من العقوبات على روسيا بسبب عملياتها في أوكرانيا خلال اجتماعهم يوم 11 أبريل في لوكسمبورغ، كان على رأس أولويات الاجتماع مناقشة حظر حظر نفطي على روسيا.
- مايو.. اتفاق على الحظر
شهد هذا الشهر حزمة من القرارات والإجراءات؛ إذ حسم فيه قادة الاتحاد الأوروبي أمر حظر النفط الروسي الخام، بتضمينه في الحزمة السادسة من العقوبات ضد روسيا، مع الأخذ في الاعتبار اختلافات وظروف الطاقة المختلفة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
كما توصل المجلس والبرلمان الأوروبي إلى اتفاق سياسي مؤقت بشأن قواعد جديدة لتخزين الغاز.
تهدف اللائحة المقترحة إلى ضمان ملء سعات التخزين في الاتحاد الأوروبي قبل موسم الشتاء، ويمكن تقاسمها بين الدول الأعضاء بروح من التضامن.
- يونيو.. جدول زمني للاستغناء عن النفط الروسي
حدد الاتحاد الأوروبي إطاراً زمنياً للاستغناء عن النفط الروسي تنفيذاً لقرار حظر شراء أو استيراد أو نقل النفط الخام وبعض المنتجات البترولية من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي، على أن يستغرق التخلص التدريجي من النفط الروسي من 6 أشهر للنفط الخام إلى 8 أشهر للمنتجات البترولية المكررة.
التزم قادة مجموعة السبع باتخاذ إجراءات فورية لتأمين إمدادات الطاقة وتقليل ارتفاع الأسعار، بما في ذلك اللجوء إلى تدابير إضافية مثل تحديد سقف للأسعار.
- يوليو.. خفض طوعي للطلب على الغاز
في 26 يوليو 2022، توصل وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق سياسي بشأن خفض طوعي للطلب على الغاز الطبيعي بنسبة 15 بالمئة هذا الشتاء.
- أغسطس.. اعتماد لائحة الخفض الطوعي
اعتمد المجلس لائحة خفض الطلب على الغاز بنسبة 15 بالمئة، من خلال إجراء مكتوب، ويأتي الاعتماد بعد الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه في يوليو، ودخل الاتفاق حيز التنفيذ.
- سبتمبر.. إجراءات طارئة لخفض أسعار الطاقة
توصل وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق سياسي بشأن معالجة ارتفاع أسعار الطاقة.
تقدم اللائحة تدابير مشتركة تهدف إلى خفض أسعار الطاقة، وإعادة توزيع فائض إيرادات قطاع الطاقة على العملاء النهائيين، وتشمل الإجراءات:
– تقليل استخدام الكهرباء.
– تحديد سقف عائدات منتجي الكهرباء.
– تأمين مساهمة تضامنية من شركات الوقود الأحفوري.
- أكتوبر.. اتفاق أوروبي بشأن الغاز
أقر قادة الاتحاد الأوروبي اتفاقاً يتضمن الالتزام بتنظيم شراء الغاز بشكل مشترك، وإقرار قواعد جديدة في محاولة لفرض تقاسم الغاز في أوروبا لمساعدة الدول التي تواجه صعوبات، فضلاً عن إقرار إطار عمل مؤقت للاتحاد الأوروبي للحد من سعر الغاز في توليد الكهرباء.
- نوفمبر.. تسريع إجراءات منح التصاريح لمشاريع الطاقة المتجددة
وافق المجلس الأوروبي على محتوى القواعد الجديدة التي تهدف إلى تسريع إجراءات منح تصاريح لمشاريع الطاقة المتجددة.
القواعد مؤقتة وتشمل تدابير تتناول تقنيات وأنواع محددة من المشاريع، التي لديها أعلى احتمالية للانتشار السريع وأقل تأثير على البيئة.
أعلنت المفوضية الأوروبية، أن حكومات منطقة اليورو أنفقت بشكل جماعي حتى الآن حوالي 1.25 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو على دعم الطاقة لهذا العام، ما يقدر بحوالي 200 مليار يورو.
- ديسمبر.. الاتحاد الأوروبي يوافق على مستوى سقف السعر
قرر المجلس الأوروبي تحديد سقف أسعار النفط للنفط الخام والزيوت البترولية والزيوت المستخرجة من المعادن القارية التي تنشأ في روسيا أو يتم تصديرها منها، عند 60 دولارا أميركيا للبرميل.
سيحد سقف أسعار النفط الروسي من ارتفاعات الأسعار التي تدفعها ظروف السوق غير العادية ويقلل بشكل كبير من العائدات التي جنتها روسيا من النفط، بحسب الغربيين.
ما توقعات المستقبل؟
- رجحت الوكالة الدولية للطاقة أن تتسبب أزمة الطاقة العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا في حدوث تغييرات عميقة وطويلة الأمد، لديها القدرة على تسريع الانتقال إلى نظام طاقة أكثر استدامة وأماناً.
- توقع تقرير الوكالة الدولية تزايد الطلب على النفط بنسبة أقل من 1 بالمئة سنوياً قبل أن يبلغ ذروته في عام 2035 عند 103 ملايين برميل يومياً، ثم ينخفض الطلب على الوقود الأحفوري، بالتزامن مع ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية.
- إعادة تشكيل أسواق وتدفقات الطاقة العالمية، وتراجع مكانة روسيا في قطاع الطاقة عالميا، حيث ستنخفض صادرات النفط الروسية بنسبة 25 بالمئة، بينما ستنخفض صادرات الغاز بأكثر من النصف بحلول عام 2030.
- تراجع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية ببطء من نقطة عالية تبلغ 37 مليار طن سنوياً إلى 32 مليار طن بحلول عام 2050.
- تتوقع وكالة الطاقة الدولية أيضاً أن الاستثمار السنوي العالمي في الطاقة المتجددة سيصل إلى 2 تريليون دولار بحلول عام 2030، بزيادة 50 بالمئة مما هو عليه اليوم.
