وتعتقد صحيفة “الغارديان” البريطانية، في تقرير لها، أن هناك بعض الأسباب للتفاؤل الحذر بشأن ما نتوقع أن يحدث في 2024 الذي وصفته بـ”العام الحاسم”، إذ قد يتوقف مستقبل غزة والضفة الغربية جزئيا على ما إذا كان دونالد ترامب سيعود إلى البيت الأبيض، وكذلك نتيجة الحرب في أوكرانيا، كما تخوض الصين سباقًا مع الزمن مع تقدم سكانها في العمر، وقد تنضم السويد أخيرًا إلى حلف الناتو.

صراع غزة قد يمتد إلى الضفة

لا تظهر حرب غزة الخامسة والأكثر دموية أي علامة على التباطؤ أو التوقف، وسط توقعات مسؤولي الجيش الإسرائيلي باستمرار الأعمال العسكرية حتى يناير المقبل، قبل تنفيذ هدنة ثانية لإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية أو تبادل الرهائن والأسرى.

يأتي ذلك في حين أخبرت الإدارة الأميركية، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن “صبرها ينفد” بسبب الخسائر الفادحة بين المدنيين، لكنها مع ذلك لم تتبع سياسة خفض المساعدات العسكرية أو مبيعات الأسلحة والذخائر.

ولا تزال قضية “اليوم التالي” في غزة غير واضحة وسط خلافات داخلية إسرائيلية بشأن طبيعتها، إذ استبعد نتنياهو عودة السلطة الفلسطينية للسيطرة على غزة، فضلًا عن أن الحكومة الائتلافية اليمينية في إسرائيل غير مستقرة، لكن نتنياهو مصمم على البقاء في منصبه.

وقد يمتد القتال إلى القدس الشرقية والضفة الغربية، كما لا يزال خطر التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في شمال لبنان متزايدًا.

معركة البيت الأبيض

ستبدو الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 وكأنها “المعركة النهائية” للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي يسعى إلى استعادة البيت الأبيض بينما يواجه 91 تهمة جنائية في أربع ولايات، مما يثير الاحتمال الفريد بشأن مرشح رئاسي يتنقل بين التجمعات الانتخابية وقاعات المحاكم.

يحاول ترامب بالفعل تحويل الأزمة القانونية إلى مصلحته السياسية، مدعيا أنه ضحية “مؤامرة دولة عميقة”، في حين تعتبر التقارير الأميركية أن البيت الأبيض قد يكون هو فرصته الوحيدة للخروج من السجن.

ويشعر بعض الديمقراطيين بالقلق بشأن مرشحهم جو بايدن، خاصة بعدما أظهرت سلسلة من استطلاعات الرأي فرصًا أكبر لترامب.

بدوره، قال بايدن إن ترشح ترامب دفعه لخوض المنافسة الرئاسية، مشيرا إلى أنه لن يتيح الفرصة له للفوز من جديد.

السويد والناتو.. رحلة طويلة

مر ما يقرب من عامين منذ أن عقد رئيسا وزراء فنلندا والسويد آنذاك، سانا مارين وماغدالينا أندرسون، مؤتمرا صحفيا مشتركا في ستوكهولم أعلنا فيه سعيهما للانضمام إلى حلف الناتو، على وقع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

وفي حين أن فنلندا سارعت لعضوية الحلف في أبريل مسجلة بذلك أسرع انضمام للناتو في التاريخ، توقف طلب السويد عند العقبة الأخيرة مع استمرارها في انتظار الضوء الأخضر النهائي من تركيا والمجر.

بيد أن التوقعات تشير إلى اقتراب تحقيق حلم ستوكهولم بعدما وافق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في نهاية أكتوبر الماضي، على إحالة طلب السويد إلى البرلمان للتصويت عليه.

وقال وزير الدفاع السويدي بال جونسون، إنه واثق من أن السويد ستصبح قريبا عضوا في الناتو، مما يخلق قاعدة قوة جديدة في شمال أوروبا.

كما وقعت السويد بالفعل اتفاقا مع الولايات المتحدة يتيح الوصول الكامل إلى 17 من قواعدها العسكرية، وكذلك فعملية التكامل في الناتو في السويد جارية.

عام حاسم لأوكرانيا

تدخُل حرب أوكرانيا مرحلة جديدة من مسار الصراع الممتد مع روسيا منذ فبراير 2022، في حين ترجح تقديرات غربية أن تستمرّ العمليات القتالية في العام المقبل، بالنظر إلى التطوّرات في ساحة المعركة، اعتمادا على الاعتبارات الجيوسياسية، والانتخابات التي تشهدها العديد من الدول الداعمة لكييف، فضلا عن مدى استمرار الدعم الغربي في توفير الأسلحة والذخيرة المطلوبة.

وقدم النصف الثاني من عام 2023 نقطة مقابلة واقعية لتلك الآمال، بالنظر إلى الجمود في ساحة المعركة، وتزايد الخسائر، وتذبذب الالتزام الدولي بدعم كييف، وعلى الأخص من الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي، حيث هدد الجمهوريون بعرقلة المساعدات المالية الأميركية.

بالإضافة إلى ذلك، فداخلياً ينتشر نزاع محتدم بين فريق زيلينسكي والقائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني، بشكل متزايد إلى الرأي العام.

من المرجح أن يكون العام المقبل حاسما للحرب ومستقبل أوكرانيا، لكنه يعتمد على أمور عدة، ليس أقلها مدى قوة الدعم الغربي لكييف، فضلًا عن وصول ترامب إلى حكم الولايات المتحدة.

كان من المفترض أن يشهد مارس 2024 انتخابات رئاسية مع انتهاء فترة ولاية زيلينسكي البالغة خمس سنوات، لكن طرح فكرة إجراء انتخابات لفترة وجيزة قوبل بمعارضة شرسة من قبل المجتمع المدني والمعارضين السياسيين، الذين زعموا أنه سيكون من الظلم الشديد إجراء انتخابات في زمن الحرب، حيث ستؤدي ببساطة إلى فوز زيلينسكي.

سباق صيني مع الزمن

تعتبر “الغارديان” أن عام 2024 سيكون هو العام الذي تتعلم فيه بكين الفرق بين ما يمكنها السيطرة عليه وما لا تستطيع السيطرة عليه.

يبدأ العام بانتخابات رئاسية في تايوان، والتي ستحدد طبيعة العلاقات للسنوات الأربع المقبلة، حيث لا تزال بكين تأمل في إقناع تايوان بقبول الضم، ومن المتوقع أن تشن عمليات التدخل والتأثير في محاولة لدفع الناخبين نحو المرشحين الصديقين لها.

وعلى الصعيد المحلي، فإن المشاكل الناجمة عن الشيخوخة وتقلص عدد السكان في الصين ستبدأ في أن تصبح أكثر حدة، فعلى الرغم من مجموعة الحوافز لتشجيع الناس على إنجاب المزيد من الأطفال، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية ودعم التلقيح الاصطناعي المدعوم والإعانات الأخرى، ترفض الشابات الالتزام بتلك السياسات.

وأوضحت بكين أن الإنجاب هو أولوية وطنية، وشددت إجراءاتها تجاه إغلاق الكيانات النسوية التي تروج لحياة خالية من الأطفال.

وقد تكون إحدى الطرق أمام بكين هي فتح الباب أمام العمال المهاجرين، وهو النهج الذي لطالما رفضته الصين، شأنها شأن دول شرق آسيا الأخرى.

المناخ والحياة البرية

إلى جانب التحذيرات المقلقة بشكل متزايد حول حالة مناخ الأرض، يصل العالم الطبيعي إلى سلسلة جديدة من نقاط الأزمات، بعدما انخفض عدد سكان الحياة البرية بمعدل 70 بالمئة تقريبا منذ عام 1970.

تقترب نقاط التحول المناخي بينما الكوكب في طريقه لاختراق عتبة المناخ البالغة 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2027، حيث يقود البشر أكبر خسارة في الأرواح منذ زمن الديناصورات.

ومع تصاعد أزمة المناخ، فهناك مخاوف من مزيد من الفقد في الحياة البرية، بالنظر لتشابك هاتين الأزمتين، ويتوقع أن تصبح قضية فقدان الطبيعة أكثر بروزا في عام 2024، حيث تصبح عواقبها أكثر وضوحا، وبينما يلاحظ الناس بشكل مباشر تراجع الأنواع المحبوبة والنظم البيئية الثمينة.

يأتي ذلك في حين حقق مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “كوب 28″، الذي انعقد مؤخرا في الإمارات على مدار أسبوعين، قائمة من الإنجازات غير المسبوقة في تاريخ المؤتمر.

وتم التوصل إلى 28 قرارا أبرزها معالجة دور الوقود الأحفوري بشكل مباشر في القرار النصي الخاص بـ”كوب 28″، الأمر الذي يعد أهم إنجاز في العمل المناخي العالمي منذ اتفاق باريس لعام 2015، وفق صحيفة “ذا ناشونال”.

كذلك تم التأكيد على ضرورة العمل للسيطرة على متوسط ارتفاع درجة الحرارة العالمية لينحصر عند 1.5 درجة مئوية، لتجنب المزيد من الآثار السلبية لتغير المناخ.

الأرجنتين.. والمجهول

ستدخل الأرجنتين مياهًا سياسية مجهولة في عام 2024 بعد أن أصبح الليبرالي الراديكالي خافيير ميلي رئيسا في ديسمبر، مما حول بوينس آيرس إلى مكان جديد.

خلال حملته، لوح ميلي، البالغ من العمر 53 عاماً، بمنشار يرمز إلى رغبته في التغيير الجذري والتقشف، وبعد يومين من رئاسته، خفض قيمة عملة الأرجنتين بأكثر من 50 بالمئة وخفض دعم النقل والطاقة.

يدعي ميلي أن إجراءات “الصدمة” هذه هي الطريقة الوحيدة لتجنب “كارثة” التضخم المفرط، لكنها تلحق ضررا بالطبقات العاملة والمتوسطة في الأرجنتين.

من المحتمل أن تكون هناك احتجاجات جماهيرية على وقع هذه القرارات.

قنابل موقوتة بالاتحاد الأوروبي

ستهيمن 3 قضايا على السياسة العامة في بروكسل في عام 2024، اثنان منها معروفان جيدا: أوكرانيا والهجرة، إذ تمثل كلاهما تحديا بيد أن شبح الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تثبت نفسها في قلب الاتحاد الأوروبي، هو الذي يسبب التوتر من أن قيم التكتل حول المساواة ستواجه تحديا من قبل أولئك الذين يروجون لكراهية الأجانب والعنصرية وتغييب قضايا المناخ.

وتوصل المفاوضون من البرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق سياسي بشأن اتفاقية جديدة للهجرة واللجوء، تشمل عملية فحص ما قبل الدخول وتضخيم الاعتماد على دول خارج الاتحاد الأوروبي للإشراف على شؤون الهجرة.

ومن المنتظر إجراء الانتخابات البرلمانية الأوروبية في يونيو المقبل وتعد “نقطة فاصلة” للقوانين الجديدة التي سيتم الاتفاق عليها، إذ أن طبيعة البرلمان الجديد سيكون على عاتقه مهمة أكثر من غيره لأنه سيحدد الأولويات على مستوى الاتحاد الأوروبي حتى عام 2029، في وقت من المتوقع أن يتوسع فيه الاتحاد الأوروبي ليشمل أوكرانيا ومولدوفا.

وإذا حصلت الأحزاب اليمينية المتشددة على موطئ قدم في البرلمان، فهناك مخاوف من أن “التطبيع” المتصور سيؤدي إلى اضطرابات انتخابية في أماكن أخرى، بما في ذلك فرنسا.

وجوه مألوفة في آسيا

كما هو الحال في معظم أنحاء العالم، سيكون عام 2024 عاما كبيرا للانتخابات في جنوب آسيا، حيث من المقرر أن تذهب بنغلاديش وباكستان والهند جميعا إلى صناديق الاقتراع خلال الأشهر الستة الأولى.

في التحضير للانتخابات البنغلاديشية في 7 يناير، حيث تسعى رئيسة الوزراء الشيخة حسينة لولاية رابعة في السلطة، وفي الهند هناك ما يقرب من 1 مليار ناخب مؤهل وستكون كل الأنظار أيضا على انتخاباتها المتوقع إجراؤها في أبريل أو مايو، حيث ينظر إلى بقاء رئيس الوزراء ناريندرا مودي، في السلطة لولاية ثالثة على أنه أمر لا مفر منه.

وفي باكستان، رفضت لجنة الانتخابات ترشح رئيس الوزراء السابق عمران خان، لخوض الانتخابات العامة في 2024 في دائرتين انتخابيتين.

ويقول خان، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه الزعيم الأكثر شعبية في البلاد، إن الجيش يستهدفه ويريد إبعاده عن خوض الانتخابات. وينفي الجيش هذه التهمة.

ويلاحق رئيس الوزراء السابق البالغ من العمر 71 عاماً في قضايا عدّة أمام القضاء إثر الإطاحة به في أبريل 2022 على خلفية نزاع مع الجيش. وقد أودع السجن مرّتين.

skynewsarabia.com