لكن، بدا أن الأمر لم يرق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته، التي ذهبت إلى حد فتح 27 تحقيقا دفعة واحدة بحق إمام أوغلو بشبه الفساد المالي، إبان توليه إدارة بلدية أحد الأحياء في إسطنبول قبل سنوات، وهو الاتهام الذي يلاحق أصلا أنصار أردوغان الذين كانوا يمسكون بملف البلدية، وسلموها مدينة بنحو 14 مليار ليرة تركية أي ما يعادل ملياري دولار.
واعتبر مراقبون أتراك أن خطوة أردوغان تسعى إلى قطع الطريق أمام تعاظم قدرة هذا المرشح الصاعد على منافسة أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2023.
لكن إمام أوغلو لم يقف مكتوف الأيدي، فتقدم بدعوى جنائية أمام المدعي العام التركي ضد وزير الداخلية سليمان صويلو، متهما إياه وحكومته التي يرأسها أردوغان باستخدام وثيقة مزورة لإدانته بالفساد، بهدف محاصرته بالتحقيقات من أجل إفشاله في رئاسته للبلدية.
وكان إمام أوغلو فاز في انتخابات الإعادة لبلدية إسطنبول في يونيو 2019، بعدما عمل أردوغان على إلغاء الانتخابات الأولى التي أجريت من مارس في العام نفسه وفاز فيها أيضا إمام أوغلو، الذي ينتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض.
ولم تفتر عزيمة السياسي الشاب (49 عاما) من جراء إلغاء الانتخابات، رغم أن الإجراء كان ظالما، وأطلق عبارته الشهيرة “كل شيء سيكون على ما يرام”، وبالفعل فاز بالانتخابات مرة ثانية وأحدث خلال أقل من نقلة نوعية في أداء بلدية إسطنبول.
“الفاتورة المعلقة”
وكانت أحدث مبادرات إمام أوغلو ما يعرف بـ”الفاتورة المعلقة”، وتقوم فكرتها على مساعدة الفقراء لتسديد فواتير المياه والغاز المنزلية، عبر وضع هذه الفواتير على موقع مخصص للبلدية، ثم يتولى المتبرعون تسديد الفواتير عنهم عن بعد، ومن دون تعريضهم للحرج.
وغرّد إمام أوغلو قبل عدة أيام على حسابه الرسمي بموقع “تويتر” قائلا إنه تم دفع فواتير نحو 150 ألف أسرة محتاجة في إسطنبول، برقم إجمالي يصل إلى 20 مليون ليرة تركية ( نحو 3 ملايين دولار)، الأمر الذي يظهر التجاوب الكبير مع فكرته.
وقال مواطن تركي يدعى هاكان لـ”سكاي نيوز عربية” إنه سعيد بمبادرة “الفاتورة المعلقة”، إذ تمكن عبرها من مساعدة بعض الفقراء، وتمنى على رؤساء البلديات الآخرين في تركيا أن يحذو حذو إمام أوغلو.
وكانت بلدية إسطنبول أطلقت الفكرة قبل عدة أسابيع، وسرعان ما تعرض الموقع المخصص لها إلى هجوم إلكتروني، لم تتضح تفاصيلة أو الجهة التي تقف وراءه.
وقبل “الفاتورة المعلقة” لم يكف إمام أوغلو عن إطلاق المبادرات، مثل دمج خطين لسكة المترو والمساعدة في بناء مساكن للأسر ذات الدخل المحدود وصيانة العديد من الطرق وتعبيد غيرها، وتجديد محطات الحافلات ضمن مشروع حل مشكلة البنية التحتية في إسطنبول، وذلك رغم حملة التضييق التي تمارسها السلطات بحق البلدية.
لماذا التحقيقات ضد إمام أوغلو؟
وقال الباحث السياسي التركي، عبد الله بوزكورت، في حديث إلى “سكاي نيوز عربية” إن السبب الأساسي في ملاحقة أردوغان لأكرم إمام أوغلو هو الشعبية التي يتمتع والمبادرات الجيدة التي قام بها، التي تشكل تهديدا من وجهة نظر أردوغان.
وأضاف بوزكورت أن أردوغان يخشى الخسارة في الانتخابات المقبلة، لذلك “فهو يحاول تقويض المعارضة، عبر إطلاق تهم مفبركة وغير حقيقية وحتى فتح تحقيقات إدارية ضد المعارضين ولا سيما أكرم إمام أوغلو، مستغلا السلطات التي يسيطر عليها”.
ولم يعد بمقدور أردوغان التخفيف من المصاعب الاقتصادية التي تواجه تركيا، وهو أمر يدفع الكثير من الأتراك إلى البحث عن بدائل انتخابية، وفق الباحث التركي.
ورأى بوزكورت أن أردوغان سيحاول قبل بروز معارضين أقوي له تشويه سمعتهم وإضعافهم بكل الطرق.
واعتبر أنه إذا استطاع أردوغان الإطاحة برئيس بلدية إسطنبول، كما فعل مع رؤساء البلدية الأكراد، فإن ذلك لن يمكنه من حل المشكلة الاقتصادية.
وأظهر استطلاع للرأي أجري قبل عدة أشهر أن أكرم إمام أوغلو يحظى بشعبية كبيرة في تركيا، وحل ثانيا بعد أردوغان، بفارق 3 نقاط فقط.