ويهدف نص القانون المستوحى من أعمال جمعية “حق الموت بكرامة”، إلى السماح للمصابين بمرض لا شفاء منه، ويعجز العلم عن إيجاد أدوية للتخلص من أعراضه وآلامه أن تتوفر لهم حرية اختيار مفارقة الحياة. لكن ومنذ عقود شكل هذا المقترح نقطة خلاف حادة بين من يؤيده خصوصا في صفوف اليساريين، ومن يعارضه من المحافظين وممثلي الديانة المسيحية.
وفي اتصال موقع سكاي نيوز عربية مع نائب الحزب اليساري “فرنسا غير الخاضعة”، إريك كوكريل، أكد أنه يؤيد نص قانون “الموت الرحيم” لأنه موجه للبالغين الذين يعانون من مرض في مرحلة متقدمة أو نهائية، ويمرون بمعاناة تفوق طاقتهم. كما أن هيئة من ثلاثة أطباء هي التي ستقرر ما إذا كان الطلب يندرج في إطار القانون أم لا. هذا بالإضافة إلى أن حرية الطبيب قائمة ويمكنه رفض تولي مسؤولية التنفيذ.
ويتابع، “أظن أننا وبعد سنين طويلة من الأخذ والرد، استطعنا اليوم تحقيق إنجاز ذو رمزية كبيرة وخطوة تحسب لنا، إذ أن 250 نائبا صوتوا لصالح المادة 1 من اقتراح فالورني مقابل عشرات الأصوات الرافضة”.
قانون كلايز ليونيتي غير كافي
وقد كانت فرنسا في سابقة قد أقرت في عام 2016، قانون “Claeys-Leonetti” بشأن نهاية الحياة، الذي يسمح بالتخدير العميق مع وقف إمداد المريض بالماء والغذاء إلى أن تنتهي العملية بالموت، ولكن لا يزال هذا القانون غير مطبق بشكل جيد في ظل غياب المراكز المعنية في خمس فرنسا.
غير أن المندوب العام لجمعية “حق الموت بكرامة”، فيليب لوهيك، يعتبر أن قانون كلايز ليونيتي “نفاق” يجب الانتهاء منه.
ويشرح لموقع سكاي نيوز عربية قائلا: “يعرف الطبيب الذي يجري تخديرًا عميقًا ومستمرًا أنه يسبب الوفاة، قد يستمر الأمر لساعات وقد يطول لأيام، ما يجعل الأمر صعبا للغاية بالنسبة للمريض وأقاربه. إنها تذكرة الموت ببطء، هي ليست مجرد حقنة تنويم. يجب أن نتوقف عن إخفاء حقيقة نهاية الحياة في فرنسا”.
في المقابل وبحسب المندوب العام، “تسعى الجمعية منذ تأسيها عام 1980 إلى منح إمكانية الموت في اللحظة التي يختارها المريض محاطًا بأحبائه بشكل سريع، سلمي وغير مؤلم”.
ويشدد على أن العراقيل التي تبنى لمنع تبني القانون، تسمح بتزايد عمليات القتل الرحيم السري التي تمارس اليوم في فرنسا بطريقة مبهمة. كما أنها تدفع بالمرضى الذين يستطيعون تحمل التكاليف بالذهاب إلى بلجيكا أو سويسرا للاستفادة من “عمليات الموت بكرامة”.
رأي المجتمع
ويظن فيليب أن التصويت الرمزي الذي تم خلال الجمعية العامة مؤخرا، يتوافق مع رأي المجتمع الفرنسي. وبلغة الأرقام يتحدث، “تشير استطلاعات الرأي إلى أن 96 ٪ من الفرنسيين يؤيدون الموت الرحيم، وأنه من الضروري المضي قدمًا في هذا القانون، خصوصا بعد أن اتضحت لهم الصورة وتأكدوا أن القانون لا يمس المصابين بالتوحد أو المعاقين أو المصابين باكتئاب كما كان يشاع سابقا، لأنها ليست أمراض مستعصية ولا تسبب العذاب الذي نقصده”.
الوقت غير مناسب
“لست مقتنعًا بضرورة فتح نقاش بهذا الحجم اليوم”، هكذا علق وزير الصحة الفرنسي، أوليفييه فيران خلال الجلسة العامة، وأيده في ذلك عدد من النواب الذين اعتبروا أن الموضوع لا يجب أن يطرح في وقت تصارع فيه فرنسا من أجل إنقاذ حياة المئات من المرضى في العناية المركزة، بسبب وباء كورونا وتسجيل أكثر من 100000 حالة وفاة في البلاد.
من جهتها، طالبت النائبة توماس ميسنيير خلال الجلسة أيضا بـ”تطبيق أفضل لقانون كلايز ليونيتي وتوفير الوسائل المادية لتطبيقه، خصوصا أن وزير الصحة والتضامن أعرب أمام مجلس الشيوخ عن الرغبة في تحمل أموال إضافية”.
ونشير إلى أنه قبل أيام قليلة من عودة هذا الجدل إلى فرنسا، أصبحت إسبانيا في شهر مارس الماضي، رابع دولة أوروبية تلغي تجريم الموت الرحيم، بعد هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ والسادسة عالميا بعد كندا ونيوزيلندا. كما كان قد اعتمد البرلمان البرتغالي بدوره قانون الموت الرحيم في نهاية يناير الماضي، لكن المحكمة الدستورية رفضت النص وأعادته إلى النواب.