وتصدر الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته ماكرون نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد بحصوله على 27.06 في المئة من الأصوات، متقدما على مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان (23.04 في المئة) التي سيواجهها في الدورة الثانية.

واعتبرت نتائج الجولة الأولى غير مطمئنة في ظل انهيار الحزبين التقليديين الرئيسيين، الحزب الاشتراكي والجمهوري لصالح اليمين المتطرف.

وتثير الفجوة المتضائلة بين ماكرون ولوبان المخاوف بشأن العلاقات الفرنسية الألمانية والوحدة الأوروبية، حيث شبهت صحيفة “تاغشبيغجل” الألمانية، انتخاب لوبان بـ”كارثة مماثلة لتلك التي حدثت بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.

وعن مخاوف أوروبا بشأن صعود اليمين المتطرف، قال مدير قسم الرأي والسياسة بمعهد “إبسوس سوبرا ستيريا” للاقتراع، ستيفان زومستيج، التي تقدم استطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات الرئاسية 2022 في تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “تخوف أوروبا مشروع لأن النتيجة لم تحسم بعد”.

وأضاف زومستيج: “في الجولة الثانية التي ستجرى بعد 15 يوما، كل الاحتمالات ممكنة. قبل خمس سنوات كان فوز مرشحة اليمين مستحيلا. لكن اليوم، مرورها ممكن رغم أن الأفضلية لماكرون بعد أن دعا كل من مرشح حزب (فرنسا غير الخاضعة)، اليساري جون لوك ميلنشون ومرشحة الجمهوريين فاليري بيكريس إلى التصويت لصالح مرشح حزب (الجمهورية إلى الأمام). كما أنه بحسب الاستطلاع الذي قمنا به الليلة الماضية، يمنح 54 في المئة من نوايا التصويت لماكرون و46 في المئة للوبان”.

وتابع: “كل هذا لا يحسم النتيجة، لأن حملة انتخابية جديدة ستخاض في الجولة الثانية وستتطور الأمور دون أن نعرف أي مسار ستنهج. هل ستضيق الفجوة أكثر بين المرشحين أم ستكون حملة مريحة لماكرون؟”.

لماذا تتخوف أوروبا من فوز اليمين المتطرف؟

وفيما يتعلق بالقلق الغربي من صعود اليمين المتطرف في فرنسا، أشار المحلل السياسي، أوليفييه روكن في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” إلى أنه في حال وصل اليمين المتطرف إلى السلطة في فرنسا، فمن المؤكد أنه أمر مقلق للدول الغربية وعلى رأسهم ألمانيا”.

وبيّن روكن أن “لوبان تخلت عن (فريكسيت) محتمل بعد فشلها في الانتخابات الرئاسية لعام 2017، وقررت عدم الالتزام بوعدها بالتخلي عن اليورو وإجراء استفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي، لكن برنامجها الحالي لا يزال يحتوي على قائمة طويلة من الإجراءات التي تتعارض بوضوح مع بعض المبادئ الأوروبية الأساسية. ففي برنامجها الانتخابي الحالي، تريد لوبان استعادة الضوابط الحدودية متعهدة بمراقبة الحدود الوطنية عن السلع لتجنب الاحتيال”.

ولفت المحلل السياسي إلى أن لوبان “تسعى إلى إعادة تفاوض بشأن (شينغن)، إذ تدافع المرشحة اليمينية المتطرفة في كتيبها المخصص للسيطرة على الهجرة عن إصلاح (اتفاقيات شينغن)، وإعادة التفاوض بشأنها بهدف استبدال غياب أي مراقبة حدودية بإجراءات عبور مبسطة لمواطني دول الاتحاد الأوروبي. وتريد أيضا تقييد وصول المواطنين الأوروبيين إلى الحقوق الاجتماعية. هدف تنوي تحقيقه من خلال تمرير تعديل دستوري من شأنه أن يؤسس أسبقية القانون الفرنسي على القانون الأوروبي، مما يقوض مرة أخرى إحدى ركائز البناء الأوروبي”.

ومن جانب آخر، تريد مرشحة حزب الجبهة الوطنية بحسب روكن خفض المساهمة الفرنسية في ميزانية الاتحاد الأوروبي من جانب واحد، وهو أمر مستحيل قانونيا مسبقا، حيث تم اعتماد ميزانية 2021-2027 بالفعل. وتعتزم الاحتفاظ بموارد ضريبة الكربون الأوروبي، التي كانت تهدف في الأصل إلى تمويل جزئي للقرض الأوروبي الكبير الذي تم إطلاقه في عام 2021، إذ لم تحدد لوبان ما إذا كانت تعتزم سداد 14 مليارا”.

وبالنسبة لزومستيج، فإن هذا القلق الأوروبي نابع أيضا من “كون فرنسا في شخص إيمانويل ماكرون، تتسلم حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر وتعتبر محركا أساسيا في الاتحاد.

وختم زومستيج حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” قائلا: “كان ماكرون يتبع سياسة طموحة فيما يخص أوروبا ومستقبلها الدبلوماسي، فقد سعى إلى صنع أوروبا قوية ديبلوماسيا وعسكريا أكثر مما مضى. لكن إذا صعد اليمين، سيتم التشكيك في كل هذه الالتزامات الفرنسية”.

واتفق روكن مع زومستيج حيث أبدى تخوفه من “تدمير العلاقة القوية التي تجمع فرنسا بحليفتها ألمانيا، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي مع لوبان التي ستفرض حلفاء جددا”.

skynewsarabia.com