وتواجه باريس خلال الآونة الماضية ضغوطاً مكثفة، مع بدء الولاية الجديدة للرئيس إيمانويل ماكرون، لتغيير سياسة قبول العائدين من داعش، والذين ترفضهم بشكل مطلق، لكن القرار الصادر مطلع الأسبوع الجاري من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بإدانة باريس بهذا الصدد، دفع الخارجية الفرنسية للقول بأن “الحكومة ستدرس مسألة إعادة المواطنين المنضمين لتنظيم داعش”.

وحسب البيان الصادر عن وزارة الخارجية الفرنسية، “أخذت الحكومة علماً بقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان“، مشددة على أن “فرنسا لم تنتظر الحكم الصادر عن المحكمة للتحرك”، وهي مستعدة لإعادة المزيد من العائلات “كلما سمحت الظروف بذلك”.

فرنسا صاحبة نصيب الأسد في داعش

يقول رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، جاسم محمد، إن فرنسا تواجه إشكالية كبرى فيما يتعلق بقضية عودة المقاتلين في تنظيم داعش أو عوائلهم، لكنها مضطرة للاستجابة للضغوط الأوروبية في هذا الصدد، مشيراً إلى أن باريس قد اتخذت خلال السنوات الماضية نهجاً مخالفاً لجيرانها الأوروبيين في التعامل مع هذا الملف، وفي نهج مغاير أعلنت السلطات الفرنسية عودة العديد من رعاياها في يوليو 2022 وسط ضغوطات وانتقادات محلية ودولية.

وفي تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” يوضح محمد أن فرنسا تعد أكبر من أي دولة أخرى في أوروبا من حيث عدد مواطنيها الملتحقين بالتنظيم، بنحو (1450) شخصاً، وهم أشخاص يزيد عمرهم على (13) سنة، بينما عاد نحو (300) بالغ، ولا يزال نحو (165) طفلاً و(65) امرأة من الجنسية الفرنسية عالقين في معسكرات، وسابقاً طالبت الحكومة الفرنسية بمحاكمة رعاياها الأجانب في سوريا أو العراق، لكن تجربتهم محلياً ثبت أنها مستحيلة، فقد استبعدت السلطات العراقية والسورية القيام بذلك.

هل ثمة خطة لعودة الدواعش الفرنسيين؟

حسب الخبير الأوروبي، ستعمل باريس في استعادة مواطنيها وفق خطة للمحاسبة وإعادة التأهيل، وقد شكلت فرنسا والسويد فريق تحقيق مشتركا للمساعدة في محاكمة مقاتلي تنظيم داعش الذين ارتكبوا جرائم في سوريا والعراق بهدف التنسيق طويل الأمد للتحقيقات والمشاركة السريعة للمعلومات والأدلة، في تحديد أنسب الاختصاص القضائي للمقاضاة وتقديم المشورة لمنع الإجراءات القانونية المتعددة ضد الجناة لنفس الجريمة، وبالتالي تجنب خرق ما يسمى مبدأ “عدم المحاكمة على الجرم نفسه”. وستتعاون السلطات المشاركة في فريق التحقيق المشترك مع فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش.

بين نارين!

ويرى محمد أن “ترك المواطنين الأوروبيين في المخيمات ينطوي على مخاطر أكبر من إعادتهم إلى الوطن لا سيما الأطفال والقصر منهم، لأنهم قد ينضمون إلى تنظيم داعش. وقد يصبحون “الجيل القادم من المقاتلين الأجانب. ويعد الحل الأمثل لمعضلة عودة المقاتلين الأجانب هو السماح باستعادتهم وأن يُتاح للعائدين فرصة للتأهيل والاندماج من جديد بعد تحديد الدوافع وراء التحاقهم بالتنظيم ومدى مشاركتهم في العمليات القتالية فر مناطق الصراعات.”

كانت فرنسا قد استعادت في يوليو الماضي (16) امرأة تتراوح أعمارهن بين 22 و39 عاماً و(35) قاصرا من بينهن (7) عدن دون مرافقين بالغين في أكبر مجموعة أعيدت إلى الوطن دفعة واحدة من قبل فرنسا. وعادت (12) امرأة مع أطفالهن، بينما وافقت الـ(4) الأخريات في وقت سابق على عودة أطفالهن. وتم احتجاز (8) سيدات للاستجواب بينما جرى احتجاز (8) الأخريات بموجب مذكرات توقيف. تم إيداع الأطفال في خدمات رعاية الطفل الملحقة بمحكمة فرساي القضائية. غير أن هذا الموقف مخالف للرأي السائد في 2 يوليو 2022، إذ أعرب نحو (70%) من الفرنسيين عام 2019 عن معارضتهم لعودة أبناء عناصر التنظيمات الإرهابية.

skynewsarabia.com