وأعلنت هلسنكي رسميا، يوم الأحد، ترشحها للانضمام إلى الناتو، قبل ساعات من اتخاذ السويد قرارا بالخطوة نفسها بهدف تقديم طلب مشترك للبلدين.
ودفعت العملية العسكرية التي شنتها روسيا في أوكرانيا، إلى تغير تاريخي في موقف فنلندا بشأن الانضمام لحلف “الناتو”، بعدما بقيت محايدة خلال الحرب الباردة، في مقابل تأكيدات من موسكو بأن القوات السوفياتية لن تغزو أراضيها.
تأييد شعبي
وفي تصريح خاص لـ”سكاي نيوز عربية”، قال رئيس وزراء فنلندا الأسبق، ألكسندر ستاب، إن القرار قُوبل بتأييد شعبي كبير داخل البلاد، خاصة أن الانضمام إلى الحلف سيزيد من التعزيزات الأمنية في الجزء الشمالي الشرقي للقارة الأوروبية، في ظل التهديدات التي طالتها خلال الشهور الماضية.
وأشار ستاب إلى أن فنلندا منخرطة بشكل كبير في التعاون والتوافق مع أغلب الدول المشاركة في الحلف، ومن ثمّ فإن دخولها سيزيد من الترابط العسكري والأمني، واصفًا القرار بأنه “رابح للجميع”.
وقلّل رئيس الوزراء الفنلندي الأسبق من تأثير التهديدات الروسية على مضي الحكومة في قراراها بالانضمام لحلف شمال الأطلسي، مشددًا على أنهم اعتادوا عليها، لكن يجب النظر إلى أن بلاده تمتلك واحدًا من أكبر الجيوش في أوروبا.
وما تزال فنلندا واحدة من دول الاتحاد الأوروبي القلائل التي لم تُنه التجنيد الإجباري، أو تخفض الإنفاق العسكري بدرجة كبيرة، رغم انتهاء الحرب الباردة.
وفي أحدث تصريح له، أوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، أن روسيا “ليست لديها مشاكل مع فنلندا والسويد، لكن توسع البنية التحتية لحلف الناتو سيتطلب منا ردا، وسنرى ما هي التهديدات التي ستتشكل بسبب ذلك”.
تأثيرات محدودة
ويشدد الخبير الاقتصادي الفنلندي، إيكا كورهونين، والمقيم في هلسنكي، على أن أغلب المواطنين في بلده يؤيدون بشدة الانضمام للحلف العسكري، في ظل مخاوفهم من أن تطالهم الآلة العسكرية الروسية كما حدث في أوكرانيا.
وعما إذا كانت هناك تداعيات اقتصادية جراء تلك الخطوة، قال كورهونين، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”: “أعتقد أنها ستكون محدودة جدًا، لأنه بالنسبة لبعض الشركات وبعض المستثمرين، فإنهم يأملون أن يستثمروا في دولة من دول الناتو أكثر من دولة غير منحازة للحلف”.
وأضاف: “أنه بالنظر إلى ميزانيتنا الدفاعية، فنحن بالفعل خصصنا 2 في المئة تقريبًا من الناتج المحلي الإجمالي لدعم الجيش، وهو يضاهي إرشادات الناتو، وبالتالي لا أعتقد أن التأثيرات ستكون بهذا الحجم الذي قد يتوقعه البعض”.
وفي أبريل الماضي، وافقت الحكومة الفنلندية على زيادة الإنفاق العسكري بأكثر من ملياري يورو أي نحو 2.2 مليار دولار، بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وتمثل هذه الزيادة نحو 70 في المئة من قيمة ميزانية الدفاع الأصلية لفنلندا خلال العام الحالي وقدرها 2.8 مليار يورو.
وتعتزم فنلندا إنفاق 1.74 مليار يورو على شراء المعدات مثل الأسلحة و163 مليون يورو لشراء طائرة مراقبة لحراسة الحدود، بحسب تصريحات سابقة لوزيرة المالية الفنلندية أنيكا ساريكو.
تأييد شعبي
ومع ذلك، يقول جونا تيفاسينوا، المقيم في مدينة توركو الفنلندية، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، إنه يؤيد “تمامًا وجميع عائلته” الانضمام إلى الناتو في سبيل حماية بلده وتعزيز أمنها العسكري.
وأضاف تيفاسينوا أنه “وفقًا لآخر استطلاع رأي داخل بلدي، يؤيد 76 في المئة من الفنلنديين عضوية الناتو، بينما يعارضها 10 في المئة فقط، وهذه دلالة على ما تحظى به الخطوة من تأييد واسع، وبالتالي نأمل أن نتمكن من تأكيد عضويتنا في أقرب وقت ممكن”.
وعن الأوضاع الداخلية في البلاد عقب التقدم بطلب عضوية الناتو، أوضح أنه “لم يتغير شيء في عيون الفنلندي العادي حتى الآن، إذ تسير الأمور كما كانت دون ثمّة تغيير”.
ولا ينشغل تيفاسينوا كثيرًا بالتهديدات الروسية المتلاحقة من إقدام فنلندا على عضوية الناتو، إذ يقول إن “بعد دخولهم أوكرانيا أصبحوا ضعفاء للغاية ونحن أقوياء، خاصة بدعم من البريطانيين والأميركيين”.
وفي وقت سابق من الأحد، أكد أمين عام حلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، استعداد التكتل العسكري تعزيز “الضمانات الأمنية” لفنلندا والسويد قبل انضمامهما، لا سيما من خلال ترسيخ وجود الناتو في البلدين الاسكندنافيين.
أما المواطن الأميركي روزين جوردان، والمقيم في مدينة فآسا الفلندية على الساحل الغربي للبلاد، فقال إنه “على نطاق واسع هنا، فهناك أغلبية واضحة من الفنلنديين يدعمون الناتو”.
وأضاف جوردان، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أنَّ “الأغلبية تدعم الناتو من جميع الأحزاب السياسية الرئيسية، وأنا شخصياً أؤيد القرار، بعد رؤية السياسيين المفضلين لديّ، سانا مارين (رئيسة الوزراء الفنلندية) ولي أندرسون (عضوة البرلمان)، اللاتي أعربن عن دعمهن للقرار”.
وأكد أنه “لا تزال هناك مخاطر تحيط بقرار الانضمام إلى حلف الناتو، ولكن أيضًا عدم الانضمام إليه أمر محفوف بالمخاطر كذلك، ولذا أحترم قرار الفنلنديين لأنهم يشعرون أنه من الخطر في نهاية المطاف عدم الانضمام للحلف العسكري”.