ومبعث هذا الاستهجان هو انفصام هؤلاء، خاصة البرلمانيين منهم، إذ إنهم يتغاضون عن الظلم الواقع على أبناء طوائفهم.

ويقول مراقبون إن قادة الطوائف في إيران معينون من طرف نظام الملالي.

ومن المقرر أن يتوجه الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع في الـ18 من يونيو الجاري، لاختيار مرشح من بين 7 يتنافسون على منصب الرئيس، خلفا لحسن روحاني الذي تنتهي ولايته الثانية والأخيرة.

وخلال الأيام الماضية، تجاهل المرشحون السبعة الانتخابات الرئاسية الإيرانية إلى مشاكل أبناء الطوائف والأقليات.

ويرد البعض ذلك إلى أن الدستور الإيراني ينص في بنوده التأسيسية على أن الإسلام على المذهب الجعفري الأثني عشري “الشيعي” هو الدين الرسمي للبلاد، وأنه الأصل الذي يبقى إلى الأبد.

تطرق على استحياء

المرشح الإصلاحي عبد الناصر همتي تطرق خلال عرضه لبرنامجه الانتخابي إلى أوضاع الأقليات الدينية في إيران، مذكراً بأنه سيزيد من مشاركهم إلى جانب النساء في إدارة مؤسسات البلاد.

ولم يتطرق لأي من التفاصيل تخص أحوالهم المعيشية والسياسية.

أما المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي، المرشح الأوفر حظا، فقد عرف عهد في جهاز القضاء إصدار أحكام قضائية جائرة بحق أبناء الأقليات الدينية والمذهبية، من السُنة إلى البهائيين وصولا إلى المسيحيين.

وتهرب رئيسي من الأسئلة التي طرحت حول مشكلة الأقليات الدينية في إيران، مكتفيا بالحديث عن وحدة الأمة الإيرانية ومصيرها المُشترك.

وتفيد تقديرات بأن تعداد المواطنين الإيرانيين من غير المسلمين الشيعة يتجاوزون عشرة ملايين نسمة، هُم قُرابة 12% من سكان البلاد، يشكل منهم الأكراد والعرب والبلوش المسلمون السُنة اغلبية.

ويشكل المسيحيون والزرداشتيون والمندائيون والبهائيون واليهود قرابة 2% من السُكان، يزيد عددهم عن مليون نسمة، لكن أعدادهم تتراجع بشكل مستمر، بسبب الضغوط التي تُمارس عليهم.

 وفي أول تعليق له على أوضاع الأقليات في إيران، استند وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى التقرير السنوي الأميركي للحريات الدينية.

وقال بلينكن: “تواصل إيران ترهيب ومضايقة واعتقال أعضاء الأقليات الدينية، بما في ذلك البهائيين والمسيحيين واليهود والزرادشتيين والسنة والمسلمين الصوفيين”.

وتتفق المؤسسات الحقوقية والسياسية المهتمة بالشأن الإيراني مع هذا التقييم.

لماذا هذه الواجهات؟

ويقول الباحث الإيراني في الشؤون السياسية، سِنان زاجيري، شرح في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “الأهم بالنسبة للسلطات الإيرانية هو التعتيم على أشكال الاضطهاد التي يتعرض لها قرابة عشرة ملايين من مواطنيها.”.

ومن أجل تحقيق تلك الغاية، تعين السلطات الإيرانية عددا من الموالين لها من هذه الطوائف ممثلين لها، بحيث يحاولون رسم صورة إيجابية عن وضع الأقليات فيما الصورة مغايرة تماما، وفق زاجيري.

ويقول زاجيري إن النائب اليهودي همايون سامح آبادي نموذجاً لذلك الدور، فهو يعرض للإعلام صورة مزخرفة لأوضاع الأقلية اليهودية في إيران، بالرغم من تناقص أعدادهم من قرابة 80 ألفاً حين اندلاع الثورة عام 1979، إلى أقل من 15 ألفاً في الوقت الراهن، بسبب ضغوط النظام.

الطبقات الشبابية من أبناء الأقليات الدينية والمذهبية الإيرانية وجهوا أسئلة مباشرة لمرشحي الرئاسة الإيرانية بشأن “بطاقة الهوية الوطنية البارومترية” ودورها في مراقبة واضطهاد الأقليات الدينية والمذهبية في البلاد.

فالبطاقة التي تم توزيعها بشكل إجباري على مختلف سُكان البلاد منذ أوائل هذا العام، وتحوي على معلومات تُحدد دين ومذهب الشخص الحاصل عليها، وهي الوسيلة الوحيدة للدخول إلى شبكات الأنترنت والتواصل الاجتماعي، مما يعني بأن السلطات الأمنية الإيرانية تستطيع أن تتابع نشاطات واهتمامات أبناء الأقليات الدينية على الإنترنت، لكن مرشحي الرئاسة الإيرانية أما أعرضوا عن الإجابة أو اعتبروها جزء من “أتمتة مؤسسات الدولة في إيران”.

مستويات القمع

الكاتب والمعلق الإيراني دوغان شرفاني، عدّد في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية” مستويات الاضطهاد السياسي والعقائدي التي يتعرض لها أبناء الأقليات في إيران.

وقال شرفاني: “ربما تكون مفاجئة كبرى إذا ما قلنا بأن اليهود والمسيحيين الإيرانيين هُم الأقل تعرضاً للاضطهاد نسبياً من باقي أبناء الأقليات، فأبناء الطائفتين المُقدر أعدادهم بنحو 150 ألف نسمة، يعرضهم ويستخدمهم النظام السياسي الإيراني في علاقاته مع الدول الغربية، ومع ذلك فإن ثلاثة أرباعهم هاجروا خلال السنوات الأخيرة، تحت ضغوط الظروف الاقتصادية والقمع السياسي العام”

أما المسلمون السُنة، المُقدرون بحوالى عشرة ملايين نسمة، فأنهم مهمشون تماماً من أي دور عام في البلاد، ومناطقهم مهملة تماماً، ولا يستطيعون المجاهرة بمُعتقداتهم في الأماكن العام بشكل مُريح، وفق شرفاني.

وأضاف أن الطائفة الأكثر تعرضاً للقمع هُم البهائيون، المُقدرين بحوالى 350 ألفاً، المُعتبرين بمثابة “هراطقة”، حيث تتعرض دور عباداتهم “السرية” للتنكيل، كذلك تُعرض مقابرهم للتخريب، ويُسجن كبار دعاتهم ويُعاقبون بسنوات سجنٍ مديدة بسبب معتقداتهم فحسب”.

skynewsarabia.com