وقال اليوناني البالغ من العمر 79 عاما والذي يعيش الآن في منزله بأثينا، بصوت مشحون بالانفعال “يبدو الأمر كما لو أن جزءا من كياني أُخذ مني.. عمري نحو 80 عاما. عشت كل حياتي هناك، ولذا فالخرطوم، أو السودان، جزء من حياتي”.
الفندق التاريخي
وفندق أكروبول من أقدم الفنادق في المدينة وافتتحه عام 1952 باناغيس والد باغولاتوس الذي وفد إلى الخرطوم قادما من اليونان عام 1944، في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية.
واستضاف المبنى ذو اللون الرملي في وسط الخرطوم الصحفيين الأجانب وعمال الإغاثة والدبلوماسيين ورجال الأعمال طوال تاريخه الممتد 71 عاما.
ويقول باغولاتوس: “لقد كان دائما، ومنذ البداية، نشاطا عائليا”.
وأدار الفندق باغولاتوس وشقيقاه الأصغر جورج وماكيس المولودان في أكروبول على مدار عقود، وأكسبه حضورهم وتفانيهم في الخدمة ذيوع صيت حميد بين عملائه الأجانب.
الخروج قسرا
وبعد أن احتدم القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم هذا الأسبوع، تحصن باغولاتوس وامرأة من الأسرة الكبيرة داخل الفندق مع 4 نزلاء وثلاثة موظفين لمدة 10 أيام من دون كهرباء أو مياه جارية.
وحين أجبرهم مقاتلو قوات الدعم السريع على مغادرة الفندق، فروا سيرا على الأقدام عبر شوارع قال باغولاتوس إنها كانت مليئة بالجثث، ولم يأخذوا سوى جوازات سفرهم، وجهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به، وملابسهم.
وقال باغولاتوس، وهو رجل طويل القامة هادئ الصوت وصل إلى أثينا هذا الأسبوع كجزء من موجة نزوح جماعية أوسع للرعايا الأجانب “شهدنا انقلابات وتغييرات كثيرة لكن لم يحدث مثل هذا الشيء” من قبل.
وأضاف: “كان هذا شيئا من خارج هذا العالم حقا”.
سنعود للمرة الأخيرة
وفي السنوات القليلة الماضية، مع تزايد عدد الاحتجاجات في الخرطوم، قرر أصحاب الفندق الانتقال للإقامة فيه. وقال باغولاتوس إنه حتى حينذاك لم يخطر بباله قط مغادرة السودان.
ومضى يقول: “حتى تحركاتي في اللحظات الأخيرة كانت تهدف للعثور على مكان آمن لأبقى فيه.. حتى يهدأ الوضع، ثم أواصل عملي.. لكن مغادرة السودان؟ لا”.
والفندق مغلق الآن وليس من الآمن أن يتفقد أي أصدقاء في الخرطوم المبنى. لكن باغولاتوس مازال معلقا بأمل العودة.
وقال إنه مازال يريد زيارة “السودان مرة أخرى، على الأقل ربما للمرة الأخيرة.. ولابد أن يتحقق هذا. لأن كل شيء، كل شيء، عملنا، متاعنا، كل شيء، هناك. غادرنا بلا شيء، بلا شيء على الإطلاق”.