ولم تقتصر قائمة المنتقدين على الصين وروسيا فقط، بل جاءت الانتقادات من قلب واشنطن ولندن على حد سواء.

وتعقد القمة التي دعا إليها بايدن، في نوفمبر الماضي، ضمن مساعيه للدفاع الديمقراطية في العالم، وهو الوعد الذي قطعه أثناء حملته الرئاسية.

وتقوم القمة على 3 أهداف رئيسية هي: الدفاع ضد الاستبداد ومكافحة الفساد وتعزيز احترام حقوق الإنسان، بحسب ما يقول موقع وزارة الخارجية الأميركية على الإنترنت.

ومن المقرر أن يدعو بايدن إلى قمة ثانية بعد مرور عام، لاستعراض التقدم المحرز مقارنة بالتعهدات التي يقطعها ممثلو الدول في القمة الأولى.

“أميركا ليست الأفضل”

لكن حتى قبل انعقاد القمة الأولى، طاردتها الانتقادات من كل حدب وصوب، فمجلة “فورين بوليسي” الأميركية اعتبرت أن القمة قد تأتي بنتائج عكسية.

وأضافت أن هناك مخاطر تنطوي عليها القمة لجمع دبلوماسيين من عشرات الدول دون هدف واضح.

ومن حيث المبدأ، ترى المجلة الأميركية أنه لا يوجد خطأ في عقد الديمقراطيات الموجودة في العالم قمة لتعزيز الأفكار الليبرالية، وربما قد يعتبرها المرء مهمة ملحة في وقت تعيش الديمقراطية تحت الحصار في أماكن عدة وتواجه تحديات كبيرة مثل شبكات التواصل الاجتماعي.

ومع ذلك، على المرء أن يتساءل على جدوى المضي قدما في هذه الفكرة حاليا، خاصة أن الهدف النهائي من الاجتماع يبدو غير واضح.

وتساءلت “فورين بوليسي”: هل من المفترض أن تسفر القمة عن نتائج ملموسة والتزامات جديدة أو برامج ذات تأثير قابل للقياس على قوة الديمقراطية حول العالم؟ أم هل هي عبارة عن حلقة نقاش يصدر عنها تصريحات براقة، ولكنها تؤدي إلى القليل من النتائج؟”.

واعتبرت المجلة أن الولايات المتحدة ليست أفضل مكان لاحتضان هكذا قمة، فأميركا مصنفة حاليا على أنها في فئة “الديمقراطية المعيبة” حتى قبل انتخاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ولم يحدث شيء لتصويب ذلك الوضع، فأحد الحزبين الرئيسيين في البلاد يرفض القبول بنتائج انتخابات 2020.

وقالت المجلة إنه إذا كانت المشكلة الرئيسية لواشنطن هي صعود الصين على نحو متزايد، فلا يمكن أن تكون الولايات المتحدة انتقائية بشأن مَن هم أصدقاؤها، فمن منظور استراتيجية، الترجيب بأنغولا في القمة وتجاهل سنغافورة يدل على قصر نظر.

ورأت أنه في حالة كانت هناك أهداف لواشنطن من القمة بصفتها قوة عظمى، فإن تفضيل الديمقراطية قد يقلل من تأثيرها كقوة عظمى، ويمنح، في المقابل، الصين فرصة لجذب دول أخرى لن تغير طبيعتها السياسية من أجل إسعاد “العم سام”، وهذا يشير إلى النتائج العكسية التي قد تجلبها القمة.

“اخيتارات وفقا للمصلحة”

من جانبها، ترى مجلة “الإيكونومست” البريطانية أن المدعوين إلى قمة الديمقراطية ليسوا جميعا ديمقراطيين.

وقالت إن قائمة المدعوين التي أصدرتها الخارجية الأميركية تضم 110 دول، مشيرة إلى أن الاختيار اعتمد على المصالح الأميركية أكثر من المعايير الموضوعية.

وعلى سبيل المثال، تصدر مؤسسة “فريدم هاوس”، وهي مؤسسة مقرها واشنطن قائمة سنوية منذ عام 1973، بشأن تقييم حالة الحقوق السياسية والمدنية لدول العالم.

وتصنف قائمة “فريدم هاوس” دول العالم إلى دول: “حرة أو حرة جزئيا أو غير حرة”.

لكن قائمة الدول التي دعاها بايدن لحضور القمة، تضم دولا صنفتها “فريدم هاوس” على أنها حرة جزئيا أو غير حرة على الإطلاق، مثل أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

وفي تفسير الأمر، قالت “الإيكونومست” إنه يتعلق بحاجة إدارة بايدن إلى التنوع الإقليمي، لذلك تمت دعوة مثل النيجر، والاعتبارات الاستراتيجية لعبت دورا أيضا، فدول مثل باكستان وأوكرانيا لديهما سجل باهت في مجال الديمقراطية، لكنهما شركاء استراتيجيون للولايات المتحدة.

ورغم تراجع الديمقراطية كثيرا في الهند والبرازيل، إلا أنهما ستحضران القمة، لا لشيء إلا لأهميتهما السياسية للإدارة الأميركية.

الأولويات متباينة 

أما مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي فقد ركزت على تفاوت أولويات الدول المشاركة في القمة، فلكل منها تحديات خاصة مختلفة عن الأخرى.

وتضرب المؤسسة في تقرير لها بقارة إفريقيا مثالا على تباين الأولويات، وهي التي تشارك بـ17 دولة في القمة، فدول منطقة الساحل مثل بوركينا فاسو والنيجر ومالي تستفحل فيها التحديات الوجودية، بسبب الحركات الإرهابية وتدفق الأسلحة خصوص من ليبيا الغارقة بالفوضى. وفي جنوب إفريقيا الأمر مختلف، فهي تشهد تدهورا اقتصادي وسياسيا مستمرا في السنوات الأخيرة.

وفي أوروبا، ثمة تردد في تبني عودة القيادة الأميركية العالمية، فالشعار الأوروبي “الاستقلال الاستراتيجي” يظهر رغبة الاتحاد الأوروبي لتحرير نفسه من الخضوع تحت قيادة واشنطن أو بكين، علاوة على مخاوف البعض بأن تؤدي قمة بايدن وتوجهه بشأن الديمقراطية إلى تقسيم دول العالم إلى ديمقراطيات وأخرى غير ديمقراطية، وهذا لا يأخذ في الاعتبار الوضع المعقد للعالم.

روسيا والصين تنتقدان

وكانت أولى الانتقادات قد جاءت من الصين وروسيا، فقد كتب سفيرا الدولتين لدى واشنطن مقالا مشتركا نددا فيها بالقمة واستبعاد دولتهما منها.

واعتبر أن السفيران الروسي أناتولي أنتونوف والصيني تشين جانغ القمة بأنها “نتاج واضح لعقلية الحرب الباردة”، و”ستثير مواجهة إيديولوجية وانقساماً في العالم”.

وأكدا أن “تحقيق الديمقراطية يجري بطرق عدة، لذلك لا يوجد نموذج مناسب لجميع البلدان”.

وشدد السفيران على أنه “لا يحق لأي بلد الحكم على المشهد السياسي والمتنوع للعالم بمعيار واحد”.

skynewsarabia.com