تأتي تلك المناقشات في وقت تلف فيه العلاقات بين البلدين جملة من التحديات والسيناريوهات المفتوحة، في ظل توتر العلاقات والتصعيد المتبادل مع العقوبات الأميركية المفروضة أخيراً على روسيا والرد الروسي بالمثل.
ومساعي عقد القمة بين الرئيسين تأتي من أجل مناقشة “التوجهات المحتملة لتطوير التعاون بين البلدين” وفق ما أعلنه سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، خلال اتصاله بمستشار الأمن القومي الأميركي جاكوب سوليفان من أجل التحضير للقمة الروسية الأميركية.
وبنهاية الأسبوع الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على روسيا، استهدفت كيانات ومسؤولين ودبلوماسيين روس، وتضمنت طرد 10 دبلوماسيين.
وبالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي وكندا وبريطانيا وأستراليا، فرضت واشنطن أيضا عقوبات على 8 أشخاص وكيانات.
ذلك في الوقت الذي تقول فيه روسيا إن واشنطن “ستدفع ثمن تدهور العلاقات”.
كما ردت روسيا بالمثل، بحسب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي قال إن بلاده ستطرد 10 دبلوماسيين أميركيين وستضع 8 آخرين على قائمة العقوبات الروسية.
تدهور العلاقات
وبموازاة مشاورات عقد القمة لمناقشة تطوير التعاون، تسيطر حالة من القلق على الساحة الدولية من احتمالات المواجهة بين موسكو وواشنطن نتيجة تصاعد التوتر على المستويات كافة، العسكرية والسياسية، ودخول حلف الناتو على خط الأزمة، وأيضاً الاتحاد الأوربي، مع محاولات تركيا استغلال الموقف بهدف استعادة ثقة إدارة بايدن.
ويعزي مدير المركز المصري الروسي للدراسات أشرف كمال ذلك التوتر إلى أسباب مختلفة من بينها الأزمة الأوكرانية بعد أن فرضت واشنطن حزمة جديدة من العقوبات على موسكو، مشيراً إلى أن “المثير للقلق هو ما صدر من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي من دعم للقرار الأميركي. حتى جاء الرد الروسي المماثل على أطراف الأزمة”.
ويُحمِّل كمال إدارة الرئيس بايدن مسؤولية تدهور العلاقات مع روسيا؛ ذلك أن “الخطاب السياسي الأميركي تجاه روسيا غير مريح منذ البداية، ومن الطبيعي أن تكون هناك ردود أفعال مماثلة من الجانب الروسي”.
ويشير الباحث في العلاقات الدولية في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” إلى أنه “بتحريض من الولايات المتحدة لم تلتزم كييف بتنفيذ بنود اتفاق مينسك، الذي تمت صياغته من خلال اجتماعات رباعية النورماندي، التي تضم روسيا وفرنسا وألمانيا وأوكرانيا”.
وأوضح في الوقت نفسه أن “الجولة الخارجية للرئيس الأوكراني، والتي بدأت من تركيا، تستهدف حشد الغرب سياسياً وعسكرياً ضد روسيا”.
خفض التوتر
على النقيض من ذلك الرأي، يقلل بعض المراقبين من احتماليات تصاعد التوتر بين البلدين. وفي هذا السياق، فإن المآلات المتوقعة لهذا التوتر تشرحها المستشارة السياسية والكاتبة السورية الأميركية مرح البقاعي، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، بقولها: “أعتقد بأن التوتر بين الطرفين لن يتجاوز ما شهدناه مؤخراً من الطرد المتبادل للدبلوماسيين الروس والأميركيين من سفارتي واشنطن وموسكو”.
وتشير البقاعي إلى أن “ما يقلق واشنطن هي إرهاصات الأحلاف التي تتشكل في الشرق على شكل اتفاقات اقتصادية وعسكرية شهدناها مؤخراً بين الصين وإيران. كما نشهد اتفاقات موازية بين روسيا وقوى ناشئة في المنطقة”.
وتضيف إن “سياسة روسيا الالتفافية على القوانين الدولية والاستقرار العالمي بدت واضحة في سوريا وأوكرانيا وليبيا على سبيل المثال لا الحصر (..) سياسة تعتمد على اقتناص الفرص في البلدان التي تعاني من الهشاشة السياسة وفقدان الأمن، لتتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر للاستحواذ على النفوذ في مناطق حساسة من العالم”.
سيناريوهات مفتوحة
وينظر بعض المحللين إلى الصراع بين موسكو وواشنطن اليوم باعتباره صراع بين خصمين أحدهما ليس لديه ما يخسره، بالإشارة إلى روسيا، ما يجعل السيناريوهات كافة مفتوحة.
ويميل إلى هذا الرأي المستشار السابق بوزارة الخارجية الأميركية عضو الحزب الجمهوري حازم الغبرا، والذي يشير ضمن تصريحاته لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن “الولايات المتحدة منزعجة من أمرين رئيسيين الأول هو الاختراق السيبراني عبر شركة سولر ويند والثاني هو الحشد العسكري الروسي على الحدود الأوكرانية، على الحدود الشمالية الشرقية لأوروبا، وهو أمر مزعج للأميركيين وحلف الناتو؛ على اعتبار أن هناك تحركاً عسكرياً واسع النطاق، وليس من الواضح هدفه في هذه المرحلة، لكنه لن يأتي من فراغ، ويمكن أن يكون لتجريب رد فعل الناتو ورد الفعل الأميركي”.
ويعتبر أن “هذا التحرك تجريبي، وجزء منه يأتي لمغازلة الصين”، مشيراً إلى “الخوف من التحركات والطيش الروسي أن تكون له تبعات محسوبة أو غير محسوبة عالمياً”.
وبخلاف العاملين الرئيسيين الذي حددهما، يضيف المستشار السابق بوزارة الخارجية الأميركية، مسألة المحيط المتجمد الشمالي، والتحركات الروسية واسعة النطاق في تلك المنطقة، وخصوصا العسكرية منها”، وبالتالي “توجد توليفة مزعجة لواشنطن من الطرف الروسي الذي ليس لديه ما يخسره، وهو خصم مخيف في الغالب؛ لأنه قد يقوم بتصرفات تبعاتها قد تكون محدودة عليه لكن كبيرة على الآخرين”.
وانطلاقاً من ذلك، لا يرى الغبرا أن هناك سيناريو واضح، مشدداً على أن “موسكو تحاول العودة إلى نادي الأقطاب، لكنها ليس لديها يعني ما يكفي من القدرات الاقتصادية والقدرات السياسية”.