وحسب الإعلان الأميركي الرسمي عن القمة، فإنها تهدف إلى “مواجهة التحديات الرئيسية في عصرنا، من كوفيد-19 إلى المناخ إلى التكنولوجيات الناشئة”.
وأشار مراقبون إلى أن تلك القمة تأتي بالأساس كمحاولة جديدة لتحجيم النفوذ الصيني في منطقة “الإندو-باسيفيك”، والتضييق على مصالحها السياسية والتجارية في آن واحد.
وأفادت وكالة “بلومبرغ” أن قادة الدول الأربع لم يذكروا الصين بالاسم خلال تصريحاتهم للصحافيين، رغم أن الهدف من الاجتماع “كان واضحاً”.
وقال بايدن خلال عقد القمة الرباعية: “نحن أربع ديمقراطيات من الطراز الأول، ويجمعنا تاريخ طويل من التعاون، نحن نعلم كيف ندفع بالأمور للمضي قدماً”.
بدروه قال رئيس الوزراء الأسترالي إن الدول الأربع: “تقف هنا معاً، في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهي منطقة نرغب في أن تكون دائماً خالية من الإكراه، حيث تُحترم الحقوق السيادية لجميع الدول”.
ترتيبات أمنية لمواجهة الصين
ويرى الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، محمد حسن، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أن قمة “كواد” التي احتضنها البيت الأبيض تأتي ضمن الترتيبات الأمنية التي تقودها الولايات المتحدة لمواجهة الصين في أهم منطقة نفوذ لها وهي منطقة “الإندو-باسيفيك”، على اعتبار أن هذه المنطقة هي أساس ومحرك الاقتصاد العالمي، وترتبط اقتصاديا بالاتحاد الأوروبي بشكل أساسي.
ويقول حسن إن الولايات المتحدة تريد أن تمتلك القدرة على مناوشة الصين في المسرح البري لمبادرة الحزام والطريق، خاصة بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، لأنه من المرجح أن تتحول تلك المنطقة وبقوة إلى بؤرة جذب إرهابية جديدة، ومن ثم فإن أمام الصين الآن المسار البحري لمبادرتها، وهذا معناه كامل منطقة “الإندو-باسيفيك”.
ويوضح أن تلك الترتيبات الأميركية قائمة على خلق مصفوفتين، الأولى في التحالف الثلاثي بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، بعدما جرى الإعلان المفاجئ عن شراكة “أوكوس” العسكرية مع بريطانيا وأستراليا، ثم حاليا المصفوفة الثانية في ترتيب قمة “كواد”.
وأشار الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات إلى أن تحالف “أوكوس” له أجندة مختلفة عن تحالف “كواد”، فالتحالف الثلاثي هو تحالف أمني بحت لمواجهة الصين، في حين يكون تحالف “كواد” بمثابة مصفوفة من القوى تنسق الأمور في ما بينها اقتصاديا، وبالتالي فالولايات المتحدة تخنق الصين بمعادلة أمنية واقتصادية في آن واحد.
سياسة نشطة
وأوضح حسن أن جهود الترتيب الأمني والاقتصادي بمنطقة “الإندو-باسيفيك“، سيدفع بما لا يدع مجالا للشك إلى أن تنتهج الصين وروسيا سياسة نشطة تجاه القارة الأوروبية، وهذا يضع حلف شمال الأطلسي أمام واقع جديد من الممكن أن يختبر من خلاله قدراته وصدقيته في مواجهة التحديات الأمنية.
وشدد على أن الاجتماعات التي عقدت برعاية أميركية ومن المقرر أن يعقبها جولات أخرى، تهدف لتطويق الصين اقتصادياً وعزلها عن محيطها وفوق ذلك تحبط إجراءات بكين للردع النووي وإعادة هيكلة قواتها المسلحة، لأن جيش التحرير شهد تغيرا ملحوظا في قوام بحريته، وبالتالي يلزمه استراتيجية جديدة تواجه هذا التغير، خاصة بعد توتر العلاقات بين الصين وتايوان وكذلك بين الصين والهند.
لكن حسن يعتقد أن اليابان عززت دورها في الاستراتيجية الجديدة، بما يشبه التغطية على الدور الفرنسي الذي كان من المفترض أن يشغل هذه المنطقة، وبالتالي فالتحرك الأميركي قد يشهد بعض العراقيل الفرنسية في تلك المنطقة.
اهتمام كبير لبايدن
وأشار الخبير في العلاقات الدوليّة، أيمن سمير، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، إلى وجود اهتمام كبير من الرئيس الأميركي بعقد هذه القمة، إذ كانت على رأس أولوياته منذ انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة.
وفي منتصف مارس الماضي، عقد بايدن أول قمة رباعية له مع قادة أستراليا والهند واليابان، في أول قمة على الإطلاق شارك فيها الرئيس الديمقراطي.
وتم تشكيل “الحوار الأمني الرباعي” لأول مرة عقب تسونامي مدمّر شهدته المنطقة في عام 2004، وتم اعتماده رسمياً في عام 2007، لكنه كان لفترة طويلة غير ناشط.
لكن عبر إحيائه، يستكمل بايدن بشكل من الأشكال “الركيزة من أجل آسيا” للسياسة الخارجية الأميركية، التي كان الرئيس السابق باراك أوباما متمسكاً بها.
وقال سمير إن “انعقاد هذه القمة يؤكد الأهمية والدلالة التي تضعها الإدارة الأميركية على أكتاف هذه الدول من أجل مواجهة الصين”.
وبشكل عام، بيّن خبير العلاقات الدولية، أن بايدن وضع خطة إبان ترشحه للرئاسة تسمى “إعادة إحياء التحالفات”، وضمن ذلك تأسيس تحالف جديد يسمى “تحالف الديمقراطيات”.
ومن هذا المنطق، جاء تحالف “الأوكوس” بين الولايات المتحدة وإنجلترا وأستراليا، ولا ينكر أحد أنه شُكل خصيصا لمواجهة الصين، وفق سمير.
“خطة الأناكوندا”
ويوضح سمير أن واشنطن لديها خطة الآن تسمى “الأناكوندا“، وتنطلق من الرغبة الحقيقة في تجنب المواجهة العسكرية مع الصين، أو الدخول في حرب باردة معها.
وتعنى “الأناكوندا”، ثعبان ضخم، لكنه غير سام، وهو يقضي على فريسته بالالتفاف عليها وخنقها تماماً، وبالتالي فإن النظرية الأميركية تهدف لتضييق الخناق الجيوسياسي على الصين، والالتفاف على البر والبحر الصيني في كل المحاور، بما يصل إلى مساحات جديدة من المناكفة الأميركية.
ويقول خبير العلاقات الدولية، إن “قمة اليوم لا يمكن فصلها عن كل هذا من أجل خنق المصالح الصينية“.