وصباح الثلاثاء، قمع العشرات من مسلحي حركة طالبان، تظاهرة نسائية في كابل، كانت تسعى للوصول إلى سفارة باكستان، احتجاجا على الدعم الذي تمنحه لحركة طالبان.
وذكر شهود عيان أن عناصر طالبان أطلقوا وابلا من الرصاص في الهواء، ثم اعتدوا بالضرب على بعض المتظاهرات، وحطموا جميع الآلات التي كانت تصور الحدث، وأحرقوا السيارة التي كانت تقود التظاهرة، وهددوا قرابة 400 امرأة بإطلاق النار عليهن مباشرة إذا لم يتفرقن مباشرة.
هذه الواقعة تبدو صورة عادية لما يجري في كابول، إذ كانت تظاهرة أخرى قد خرجت، الجمعة، قاصدة القصر الجمهوري في العاصمة، للمطالبة بحقوق سياسية ومدنية للمجتمع الأفغاني، حيث رفعت النساء شعارات تطالب بالحصول على التعليم والحق في العودة إلى العمل والدور في حكم البلاد.
وتم قمع التظاهرة بشكل مماثل، فيما نشرت حركة طالبان إشاعات في الأوساط الشعبية بالعاصمة، تقول إن الحركة ستقمع أية تظاهرة أخرى بشكل مختلف تماما، وستلاحق الداعين إليها، كما أن العقاب قد يطال ذويهم.
في غضون ذلك، تزايدت أعداد المشردين وطالبي المساعدة المادية في شوارع المدينة، فيما أوقفت شركات التحويل العالمية خدماتها مجددا، بسبب اقتحام مسلحي طالبان لمكاتبها. وصارت أجهزة الصراف الآلي لا تسمح بسحب أكثر من 200 دولار أميركي في الأسبوع لأصحاب الودائع، بسبب النقص الحاد في السيولة البنكية.
قليل من الطالبات الأفغانيات اللواتي عُدن إلى مقاعد الدراسة الجامعية، لاحظن فرض وزارة التعليم التي تسيطر عليها طالبان الآن، الحجاب الأسود عليهن كشرط لدخول الحرم الجامعي.
ووضعت ستائر رمادية فاصلة بين الجنسين في جميع القاعات والفصول الدراسية، ولم يحدث أي اختلاط جانبي بين الطلبة في ساحات وممرات الحرم الجامعي.
فيما ذكرت وزارة التعليم الأفغانية أن ذلك الفصل عبر الستائر “سيُفرض على كافة الأقسام التي يقل عدد الطالبات فيها عن 15 طالبة، فيما سيتم وضعهن في قاعة منفصلة لو كانت أعدادهن أكثر من ذلك”.
“برشان ج”، طالبة في واحدة من كليات الجامعة الوطنية، والتي رفضت ذكر اسم عائلتها حفاظا على أمنها، شرحت في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، طبيعة الحياة بالنسبة لطلاب الجامعة بعد 3 أسابيع من سيطرة طالبان على الحكم.
وقالت: “كان ثمة قلق كبير أثناء ساعات الدوام الأولى، إذ كان المراقبون من أعضاء الحركة موزعون في كل زاوية من المباني الجامعية، فيما عُلقت إعلانات تقول إن الحركة ستنشر كاميرات المراقبة في الحرم الجامعي. كذلك كانت المقاهي والحدائق الداخلية خالية تماما، فيما المدرسون مرتبكون تماما في نظراتهم وأحاديثهم مع الطالبات”.
وميدانيا، بدأت حركة طالبان حملة واسعة لطلاء جدران الشوارع والساحات العامة والمؤسسات في العاصمة كابول، لإزالة كل الصور النسائية والدعايات والشعارات والتعبيرات الثقافية، واستبدالها بشعارات دعائية لصالح الحركة وخياراتها الأيديولوجية والسياسية.
وأوضح شهود عيان خلال اتصالهم مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أن الحملة استهدفت أولا مراكز التجميل النسائية والنوادي الرياضية، إلى جانب الجدران التي تمت كتابة شعارات عليها الأيام الماضية، كانت تدعو للنضال في سبيل الحرية ومقاومة الحركة والتعاضد الوطني في سبيل الخلاص من الاستبداد.
مجموعات شبابية مقربة من الناشط الأفغاني عميد شريفي، ذكرت أنهم قضوا قرابة 7 سنوات لتلوين جدران المدينة، حيث قُدرت أعداد أعمالهم بأكثر من 100 ألف جدارية، معربة عن غضبها من محو طالبان كل ذلك خلال أقل من شهر واحد.
ونشر الناشط الأفغاني مقصود عاصي، تغريدة على حسابه في تويتر، اختصر فيها شعور الشُبان بالحياة العامة في العاصمة كابل، قائلا: “الحياة أصبحت في كابل صعبة للغاية، خاصة بالنسبة لأولئك الذين اعتادوا أن يكونوا أحرارا وسعداء”.
وتابع: “أتمنى أن يكون حلما سيئا. أتمنى أن نستيقظ يوما ما، لكنني أعلم أن هذه حقيقة أننا انتهينا”.