وأحدث المؤشرات على ذلك، هو الخلاف المتصاعد بين روسيا وليتوانيا على خلفية فرض الأخيرة قيودا على مرور البضائع إلى إقليم كالينينغراد الروسي، وهو ما أعتبره الرئيس البيلاروسي خلال لقاءه نظيره الروسي فلاديمير بوتن، السبت، عزلا من قبل ليتوانيا، واصفا إياه إعلان حرب.

فيما أعلن بوتن، من جانبه، أن بلاده ستسلم بيلاروسيا صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، وذلك في ذروة تصاعد الصراع بين البلدين من جهة والغرب من جهة أخرى، على خلفية الحرب في أوكرانيا.

وقال بوتن خلال استقباله نظيره الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو، في سانت بطرسبرغ: “في الأشهر المقبلة، سنزود بيلاروسيا بمنظومات صواريخ تكتيكية طراز (إسكندر إم) تستطيع استخدام صواريخ بالستية أو عابرة للقارات بنسختيها التقليدية والنووية”.

وكشف بوتن أن: “الأميركيين لديهم 200 رأس نووي تكتيكي مخزن في 6 دول أوروبية أعضاء في حلف الناتو، وتم تجهيز 257 طائرة لاستخدامها المحتمل، وليس طائرات أميركية فقط”.

ويرى مراقبون أن هذه المواقف والقرارات التي تمخض عنها اللقاء الرئاسي الروسي البيلاروسي، تشير لارتفاع منسوب التوتر في منطقتي البلطيق وشرق أوروبا بشكل غير مسبوق، وبما قد يقود لوقوع مواجهة عسكرية مباشرة بين الروس وحلفائهم في بيلاروسيا وبين حلف الناتو، مشيرين خاصة إلى أن حديث بوتن عن نشر واشنطن 200 رأس نووي تكتيكي في أوروبا، مع تجهيز طائرات مخصصة لحملها واستخدامها، هو تطور مخيف وفقهم يمهد لتغيير قواعد الاشتباك بين الروس والناتو.

ويرجح المراقبون أن الهدف الأول لإعلان نشر صواريخ روسية قادرة على حمل ترسانات نووية في بيلاروسيا، هو ردع ليتوانيا وبولندا على وجه الخصوص على خلفية مواقفهما المتشددة من موسكو داخل المنظومة الأطلسية.

وللحديث عن احتمالات توسع الصراع بين الكتلتين الروسية والأطلسية نحو خارج الميدان الأوكراني، يقول رائد العزاوي رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية، في حوار مع سكاي نيوز عربية: “هذا القرار الروسي سيجعل من بيلاروسيا عرضة أكبر للعقوبات الغربية، فتصريحات لوكاشينكو، تشير وفق مراقبين لمحاولاته توظيف الأزمة الحالية بين روسيا والغرب لتحقيق مكاسب وامتيازات اقتصادية من روسيا، علاوة على أن دفع النزاع نحو شفا الهاوية النووية هو أمر خطير وغير مرغوب فيه دوليا، وهذا القرار الروسي هو مؤشر سلبي للغاية بهذا الاتجاه”.

ويضيف العزاوي وهو أيضا أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية بالقاهرة: “نشر درع موسكو النووي في بيلاروسيا هو علامة على أن الأزمة كبيرة وخطيرة جدا وفي طريقها للتفاقم، فهي خطوة أكبر من مجرد رد تكتيكي على محاولات انضمام السويد وفنلندا مثلا لحلف الناتو، بل هي ذهاب لأقصى درجات اللاعودة الروسية في الصراع والتصعيد مع الغرب”.

وفي الجهة الأخرى، تقول لانا بدفان الباحثة بالعلاقات الدولية بمدرسة موسكو العليا للاقتصاد، في حوار مع سكاي نيوز عربية: “هذا الإعلان ليس أمرا جديدا تماما، حيث هناك اتفاقيات ومعاهدات سابقة بين موسكو ومينسك تنظم العلاقة الاستراتيجية بينهما، لكن نتيجة الأزمة الراهنة في أوكرانيا هناك تركيز أكبر بطبيعة الحال خلال المحادثات بين بوتن ولوكاشينكو، على ضرورة تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين، ورفع وتيرته وجهوزيتهما في وجه التهديدات الأطلسية لهما”.

وتسترسل بدفان في شرح طبيعة المشهد العسكري في هذه المنطقة المشتعلة من العالم على وقع حرب أوكرانيا: “بيلاروسيا لديها طائرات ميغ الخاصة بها وهي مجهزة برؤوس حربية نووية، ولهذا ففي حال إقدام بولندا مثلا بتحريض من حلف الناتو على تهديد روسيا وبيلاروسيا، فإن وارسو ستدفع الثمن عبر زجها كرهينة في جحيم نووي متوقع كل لحظة، وعليه فالصواريخ النووية الأطلسية في بولندا ستضع العالم مجددا أمام كارثة شبيهة بأزمة الصواريخ الكوبية في العام 1962 التي كادت تشعل فتيل حرب نووية عالمية”.

skynewsarabia.com