وأوضحت الدراسة التي نشرها مركز تريندز للبحوث والاستشارات تحت عنوان: “اتجاهات النشاط الإرهابي عام 2022.. تنامٍ أم انحسار؟”، أن “هناك العديد من التأثيرات المعقدة والمتداخلة لجائحة “كوفيد-19“، على النشاط الإرهابي عالميًّا، فمن ناحية وفرت الجائحة بعض الفرص التي يمكن للتنظيمات الإرهابية أن تستغلها، لكنها من ناحية أخرى أسهمت في تقليص نشاطات هذه التنظيمات.”
كيف شكلت سياسات الإغلاق فرصة للتجنيد؟
وفي التفاصيل، أوضح الباحث المختص بالإسلام السياسي والإرهاب، محمد قنديل، في دراسته أن “سياسات الإغلاق وما نتج عنها من عزلة اجتماعية شكلت فرصة لزيادة التطرف في المجتمعات، حيث سعت التنظيمات الإرهابية إلى تجنيد بعض العناصر، خاصة من بين المتضررين جراء تلك السياسات، وعلى سبيل المثال، خلصت دراسة صادرة عن وزارة الخارجية الألمانية إلى أن اليمين المتطرف في أوروبا سعى إلى استمالة مناهضين للقاحات وأتباع نظريات المؤامرة وتجنيدهم، عن طريق انتقاد القيود الحكومية المفروضة.”
وبحسب الدراسة، أدى “حظر الخروج والتزام المنازل إلى زيادة عمليات دخول الأفراد إلى شبكة الإنترنت، ومن ثم زيادة احتمالية الوصول إلى المحتوى المتطرف، لا سيما في ظل الشعور المتنامي بالعزلة الاجتماعية وسخط الأفراد على سياسات الإغلاق.”
انشغال الحكومات
ورأت الدراسة أن “انتشار وباء “كوفيد-19” أثَّر بصورة مباشرة في جهود مكافحة الإرهاب، بتخصيص بعض الحكومات جزءًا كبيرًا من اهتمامها للتصدي للوباء، وتحقيق استجابة فعالة للصحة العامة على المستوى الوطني.”
وتابعت: “هو ما أشارت إليه بوضوح مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، السيدة ميشيل كونينكس، المديرة التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة، حين ذكرت أن إعطاء الدول أولوية للتصدي للوباء قد يؤدي إلى تراجع شامل في النفقات التي تتكبدها لمكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف العنيف، مضيفة أن الجائحة قد تؤدي إلى انخفاض التعاون الدولي الذي يشمل التمويل والدعم في المساعدة التقنية أيضًا، وبالتالي يؤثر سلبًا في الدول ذات القدرات المنخفضة الأكثر تضررًا من الأعمال الإرهابية.”
المعسكرات والسجون.. قنابل موقوتة
ووفق الدراسة، أسهم انتشار الوباء بصورة كبيرة في زعزعة استقرار المعسكرات والسجون التي تحتجز الأشخاص المشتبه في صلتهم بالتنظيمات الإرهابية مثل “داعش”، ونتيجة خوف المعنيين في هذه السجون من الإصابة بالفيروس، زادت مشكلات الهروب والمغادرة غير المنضبطة وتفاقمت، وكلها أمور زادت حدتها في ظل وجود بعض الصعوبات التي تتعلق بهؤلاء الأشخاص، منها ما يتعلق على سبيل المثال بمشكلة إعادة بعض عناصر داعش الأجانب المحتجزين في معسكرات في كردستان العراق إلى بلادهم، فوفقًا لـرئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، هناك تقدم بطيء للغاية في التغلب على العقبات القانونية والسياسية والعملية التي تحول دون إعادة هؤلاء إلى بلادهم الأصلية.
وفي ملخصها، حذرت الدراسة من زيادة في النشاط الإرهابي عالميًّا عام 2022، حيث “قد تزداد وتيرة نشاط بعض المنظمات الإرهابية مثل تنظيمي “داعش” و”القاعدة” اللذيْن على الرغم من تلقيهما ضربات موجعة طوال السنوات القليلة الماضية، فإنهما ما زالا موجودين، ويعملان على إعادة تجميع الصفوف، وتطوير وسائلهما المستخدمة في شن العمليات.
وليس أدل على ذلك من أن هذين التنظيمين ما زالا موجودين في العراق وسوريا، وفي بعض المناطق الأخرى مثل أفغانستان، وبعض الدول الأفريقية مثل مالي ونيجيريا وغيرها. ومن ثَمَّ لا يُتصور تراجع نشاط التنظيمين خاصة أن المؤشرات السابق عرضها تشير إلى أن هناك فرصة للجماعات الإرهابية عمومًا كي تتحرك على الأرض، وتقوم بشن عمليات إرهابية.”