وارتفع هذا الأسبوع صوت وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، محذرا من تعرض بلاده لهجمات في أعياد الميلاد المقررة 25 ديسمبر، ورأس السنة، واصفا حالة الخطر بأنها “شديدة جدا”، مترجما ذلك في تشديد الإجراءات الاحترازية، وتمركز قوات الأمن أمام الأسواق والكنائس.
وجاء هذا التحرك بعد تصعيد تنظيم “داعش” الإرهابي هجماته في العراق وسوريا، وتمدد الجماعات المعتنقة فكره في غرب وشرق إفريقيا، إضافة لـ”داعش خراسان” في أفغانستان، وما تبثه هذه التنظيمات من لهيب التطرف في عقول بعض المقيمين في أوروبا عبر الإنترنت.
وتزامنت الإجراءات الفرنسية مع تحذيرات الخارجية الأميركية في تقريرها للإرهاب لعام 2020 الذي نشرته الخميس، بأنه رغم خسارة داعش الأرض في سوريا والعراق، إلا أنه تمدد في مناطق أخرى بالعالم، وعدد الهجمات الإرهابية قفز 10 في المئة سنة 2020.
الأعوام الستة
منذ عام 2015 والكلام عن “خطر الإرهاب” يومي في أوروبا، حيث اصطبغت فرنسا بدماء سلسلة عمليات إرهابية قتلت 130 شخصا وجرحت المئات.
ومنذ ذلك العام وحتى 2018 سجلت فرنسا هجمات ما بين دهس وطعن أوقعت عشرات الضحايا، وعاد الإرهاب ليهددها بهجومين في نيس وباريس بأكتوبر 2020.
وتوالت الهجمات أعوام 2016 و2017 و2018، وأبرزها هجمات مطار وقطار بروكسل، وهجمات دهس وطعن في فرنسا وألمانيا والسويد وبريطانيا وإسبانيا، وتعرضت بريطانيا 2019 لطعن مسلح لـ3 أشخاص، وشهد 2020 هجمات في النمسا أسقطت 5 قتلى.
ويرى الكاتب الصحفي، شيار خليل، مدير تحرير جريدة “ليفانت” اللندنية، أن مخاوف تزايد الإرهاب في أعياد الميلاد تظهر في تشديد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الأجهزة الأمنية بزيادة الحذر، ما أدى لتعزيز الحضور الأمني بالشوارع والميادين.
وفي حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” أرجع خليل سبب المخاوف لانتشار خلايا داعش في العالم، وتغلغل فكرهم في عقول مقيمين بأوروبا ومهاجرين جدد، مشيرا إلى أن المداهمات الأخيرة في ألمانيا والنمسا لمجموعات متطرفة أكبر دليل على حذر أوروبا.
ونوّه خليل لطبيعة العمليات التي تنشط في أعياد الميلاد، التي تعد “موسما إرهابيا” للجماعات المتطرفة، ومن ذلك اعتمادها على مواد أولية لصنع القنابل، ما دفع بريطانيا للتحذير من مواد كيميائية مثل منتجات التنظيف المنزلي، كما تشيع عمليات الطعن بالسكين.
كلمة السر
ووفق خليل فإن كلمة السر وراء نشاط الجماعات المتطرفة تتعلق بالتمويل، ولذا تعتمد كثيرا على العملة الرقمية مثل “بيتكوين” لسهولة تداولها، مشددا على دور الاتحاد الأوروبي في مكافحة “الإرهاب الرقمي”.
وأسست بريطانيا قوة من وكالات التجسس والجيش البريطاني لمواجهة الإرهاب الرقمي، بشن عمليات إلكترونية لإضعاف قوة داعش الرقمية وتعطيل الخوادم والهواتف المستخدمة في دعاية التنظيم.
وردا على سؤال بشأن أي المناطق يتوقع أن يستهدفها الإرهاب، قال خليل: “من الصعب التنبؤ، ولكن التحذيرات الألمانية والبريطانية والفرنسية والهولندية والبلجيكية واضحة في انتشار دوريات مكثفة لمراقبة الأماكن المكتظة وتفتيش المشتبه بهم”.
وكرست الدول الأوروبية جهودها هذا العام لمجابهة الإرهاب بجميع أشكاله، وأقر البرلمان الأوروبي، أبريل الماضي، قيودا مشددة على محتوى المنصات الإلكترونية.
وطبقت فرنسا استراتيجية حذف الرسائل والصور والفيديوهات المتطرفة، وتعقب الحسابات التي تروجها، تمهيدا لاعتماد دول الاتحاد الأوروبي القانون رسميا العام المقبل.