وتلقى الاقتصاد التركي مجموعة من الضربات القاسية خلال الأعوام الثلاثة الماضية مع تبني سياسات مالية ونقدية تخالف أبسط قواعد علم الاقتصاد نتيجة الضغوط التي مارسها رجب طيب أردوغان على البنك المركزي ووزارة المالية لسنوات، مما وضع اقتصاد البلاد في مواجهة مع عاصفة اقتصادية أدت لانهيار الليرة ودفعت بالمستثمرين خارج حدود تركيا.
ونادت العديد من الأصوات المؤيدة والمعارضة لأردوغان أكثر من مرة بضرورة تغيير السياسات الاقتصادية ووقف النزيف الحاصل في الليرة، لكن أردوغان كان مقتنعا بما يفعل ورفض الاستماع لأحد.
إلا أن تعنت أردوغان وتمسكه بمواقفه تبدل فجأة هذا الشهر، حيث اتخذ مجموعة قرارات حاسمة وأطلق عشرات الوعود الاقتصادية لطمأنة المستثمرين.
لكن ما الذي حدث؟
البداية كانت يوم الجمعة وتحديدا في السادس من نوفمبر الجاري، حين عقد أردوغان اجتماعا مطولا مع مجموعة من المقربين في حزب العدالة والتنمية وتلقى تقارير صادمة عن الوضع الاقتصادي والهبوط الحاد في قيمة الاحتياطيات الأجنبية، وأكثر ما صدم أردوغان أن التقارير التي عرضت عليه أشارت إلى أن تركيا أمام زلزال اقتصادي حقيقي.
وبعد ساعات من تلقي أردوغان للتقارير تم استدعاء رئيس البنك المركزي آنذاك مراد أويصال وتمت مواجهته بالأرقام والوثائق الصادمة فلم يستطع تبرير أسباب التهاوي في الليرة، كما لم يستطع أن يبرر كيف فقدت الاحتياطيات الأجنبية نصف قيمتها في أقل من عام.
وفي أعقاب هذا الاجتماع وفي الساعات المبكرة من يوم السبت، أعلن أردوغان عن إقالة رئيس البنك المركزي مراد أويصال وتعيين ناجي إقبال الذي كان أحد الأشخاص الذين أمدوا أردوغان في الليلة السابقة بالتقارير عن تردي الأوضاع الاقتصادية.
الزلزال لم يقف صداه في القصر الجمهوري أو عند أروقة البنك المركزي التركي، بل امتد إلى وزارة المالية وأطاح يوم الأحد في الثامن من نوفمبر بوزير المالية براءت البيرق، صاحب النفوذ وصهر أردوغان، الذي تلاعب بالمستثمرين لفترة طويلة بوعود زائفة وقدم إحصاءات غير واقعية.
وكشفت هذه الأزمة حجم الخداع الذي تعرض له الشعب التركي من قبل أردوغان وصهره لسنوات طويلة وأظهرت كيف تم التلاعب بالبيانات الاقتصادية وإلقاء الفشل على وكالات التصنيف في كل مرة.