وتقول مجلة “بوليتيكو” الأميركية، إنه رغم تردد مسؤولي الاتحاد الأوروبي في مناقشة أبعاد النزاع في تايوان، إلا أن الحرب الكلامية بين بكين وواشنطن تدفع أوروبا للاستعداد لأي تصعيد.
وخلال الأيام القليلة الماضية، تدهور الوضع بين بكين وواشنطن، بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، لتايوان، وتصريحها بأن بلادها لن تسمح لبكين بعزل تايوان، وهو ما اعتبرته بكين تهديدا لمبدأ “الصين الواحدة”.
لا حياد
ووفق أستاذ الفلسفة السياسية رامي خليفة العلي، فإن أوروبا لم تكن تريد زيارة نانسي بيلوسي الاستفزازية؛ فهناك استثمارات أوروبية في الصين واستثمارات صينية في أوروبا.
ولا يرى العلي أن أوروبا تلتزم الحياد التام، موضحا أنه بعد تصاعد الموقف بالزيارة تميل أوروبا أكثر لواشنطن، نظرا للتباينات الاستراتيجية مع بكين، مقابل التحالف التاريخي مع واشنطن، ولقلق أوروبا من حدوث هيمنة صينية على التجارة العالمية، لاسيما وأن تايوان تمثل شطرا استراتيجيا في هذه التجارة بكونها المنتج الأكبر لأشباه المواصلات بنحو 60 بالمئة.
ولذا، يتوقع العلي أنه في حال حدوث مواجهة مباشرة بين بكين وواشنطن في تايوان، سيصبح موقف أوروبا، وخاصة بريطانيا، أقرب للولايات المتحدة “رغم أنها لا تريد التوتر مع الصين”.
ويعد مضيق تايوان الذي تدور عنده المناورات الصينية، الطريق الرئيسي للسفن التجارية التي تخرج من الصين واليابان وتايوان وكوريا الجنوبية للأسواق الأوروبية والأميركية.
علاقات أوروبا والصين
خلال 2021، تجاوز حجم التجارة بين أوروبا والصين 800 مليار دولار، وقام خط قطارات الشحن بأكثر من 15 ألف رحلة شحن بينهما بزيادة 29 بالمئة عن عام 2020.
وفي 2020، أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للاتحاد الأوروبي بدل واشنطن، بتجارة حجمها 586 مليار دولار وبزيادة 31 مليار دولار عن حجم التجارة مع الجانب الأميركي.
وزادت الواردات الأوروبية من الصين بنسبة 5.6 بالمئة، وارتفعت الصادرات الأوروبية للصين 2.2 بالمئة، إضافة إلى زيادة المبيعات الأوروبية من السيارات للأسواق الصينية.
علاقات أوروبا وواشنطن
في نفس الوقت، تجمع دول الاتحاد الأوروبي وواشنطن علاقات اقتصادية وطيدة أيضا، علاوة على تحالفهما داخل حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
وبين أوروبا وواشنطن 30 بالمئة من حجم التبادل التجاري الدولي في البضائع، ونحو 40 بالمئة من التجارة العالمية للخدمات.
كما تتجاوز الاستثمارات الأميركية بالاتحاد 3 أضعاف الاستثمارات في آسيا، وتبلغ الاستثمارات الأوروبية في الولايات المتحدة 8 أضعاف الاستثمارات الأوروبية في الصين والهند.
ووفق العلي، فإن اندلاع الصراع في تايوان، وفي ظل حرب أوكرانيا، سيؤثر سلبا على أوروبا، لأن الصين ستأخذ جانب روسيا بشكل أكبر، وهو ما سيعود بالنفع على موسكو بأن تقلل وطأة العقوبات المفروضة عليها، فيما ستتضرر أوروبا بتراجع علاقاتها بروسيا والصين في آن واحد.