ويكابد طالبو اللجوء، سواء من الصغار أو الطاعنين في السن، ظروفا قاسية للغاية، نظرا إلى وجودهم في واحدة من أكثر مناطق العالم برودة، على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا.
وأضحت مشاعر العذاب والألم تعتصر طالبي اللجوء، بعدما تبخر حلمهم وتحولوا إلى عالقين ومطاردين، تحدهم الأسلاك الشائكة والهراوات والأسلحة المصوبة نحوهم لمنعهم من التقدم واقتحام الحدود.
في غضون ذلك، سجلت حالات وفيات بين طالبي اللجوء، وجلهم من العراقيين والسوريين، من جراء البرد الشديد، فيما يجري الإبلاغ بشكل متكرر عن العثور على جثث لاجئين توفوا في ظروف غامضة في المناطق الحدودية بين بيلاروسيا وبولندا.
في تعليقه على أزمة طالبي اللجوء، يقول آري جلال، رئيس مؤسسة “القمة” لشؤون اللاجئين والنازحين، في حديث لـ”سكاي نيوز عربية”، “مع الأسف وضع اللاجئين على حدود بولندا من جهة بيلاروسيا، مأساوي لأبعد الحدود، فهم يفتقرون لأبسط مقومات الرعاية والاغاثة، وتقتصر المعونات المقدمة لهم على بعض الطعام والشراب كي لا يموتوا جوعا وعطشا، ونحن على تواصل دائم ومباشر معهم”.
ويضيف رئيس المؤسسة العراقية المعنية بالدفاع عن حقوق اللاجئين “وما يزيد من خطورة الوضع الإنساني هناك أن القضية باتت تنطوي على أبعاد وتجاذبات سياسية حادة، ومن يدفع الثمن والضريبة هم هؤلاء اللاجئون وغالبيتهم من المواطنين العراقيين الذين يعيشون في ظروف غير إنسانية، وفي ظل تدني درجات الحرارة لما دون الصفر، وقس على ذلك حجم الكارثة”.
خشية من الأسوأ
ويخشى المراقبون من أن تنزلق الأمور نحو احتكاكات عسكرية حتى بين بيلاروسيا وبولندا، لا سيما أن الحملات الإعلامية والتلاسن بين مسؤولي البلدين الجارين اللدودين على أشدها، ومن خلفهما كل من روسيا والاتحاد الأوروبي.
ويتزامن هذا التوتر مع عمليات حشد عسكرية، خاصة في الجهة البولندية، على وقع تفجر أزمة اللاجئين هذه، بينما يبدو أن انعكاساتها السياسية باتت تطغى على جوانبها الإنسانية الملحة.
ويرى متابعون أن اللعبة أكبر من اللاجئين العالقين هناك، لأنها ترتبط بصراعات نفوذ ذات أبعاد تاريخية وجيوسياسية معقدة، مبدين خشيتهم من أن يدفع هؤلاء اللاجئون البسطاء الباحثين عن حياة كريمة وآمنة، ضريبة نزاعات عالمية كبرى من طينة الصراع التقليدي المعروف بين حلف الناتو وروسيا، لا سيما في مناطق التماس الجغرافية الحساسة والرخوة بين الطرفين، مثل المنطقة التي علق فيها هؤلاء اللاجئون لسوء حظهم.
لعبة اللجوء
وتتهم حكومات أوروبية مينسك باستدراج المهاجرين إلى بيلاروسيا وإرسالهم للعبور إلى بولندا، ردا على عقوبات سابقة فرضها الاتحاد الأوروبي على نظام أسكندر لوكاشينكو على خلفية اتهامه بقمع المعارضة.
وتعج الشبكات والمنصات الاجتماعية العراقية ومختلف وسائل الإعلام الدولية منذ أسابيع وأيام، بآلاف قصص العذاب والقهر التي يعيشها العراقيون وغيرهم من العالقين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، والموثقة في صور ومقاطع فيديو مصورة، والقسم الأكبر منهم هم من كردستان العراق.
وفي آخر التداعيات، أعلنت وزارة الخارجية العراقية، الجمعة، وقف رحلات الطيران المباشرة بين العراق وبيلاروسيا وسحب رخصة عمل القنصل البيلاروسي الفخري في بغداد بشكل مؤقت، وإيقاف عمل القنصل الفخري العراقي في بيلاروسيا، وذلك للحد من منح تأشيرات الدخول إلى بيلاروسيا، ولحماية العراقيين من شبكات الاتجار بالبشر وتهريبهم، بحسب المتحدث باسم الخارجية العراقية، أحمد الصحاف.