تم استقباله في مركز إيواء جنوب فيينا في منطقة صناعية. واليوم وبعد نجاحه المهني يعود ويشتري نفس المبنى ليحميه من تدخل المستثمرين العقاريين، ويقدم بدوره يد المساعدة للاجئين المحتاجين.
وفي حديثه لموقع سكاي نيوز عربية، قال سوكديب سينغ، إنه لم يتردد في الإقدام على هذه الخطوة الكبيرة في حياته، لأنه ممتن جدا لما تم تقديمه له من حب واحترام في مركز استقباله السابق.
ويتابع: “أنا حاليا أقوم ببعض الإصلاحات على المبنى الذي يحوي 16 شقة. يغمرني إحساس غريب، هنا قضيت سنواتي الأولى في أوروبا بعد أن خضت المغامرة في عام 2003 وقمت برحلة شاقة وخطيرة عبر روسيا وأوروبا الوسطى”.
في ذلك الوقت، كان منزل الإيواء يستوعب حوالي 50 قاصرًا غير مصحوبين بذويهم، لم يكن صعبا على سوكديب أن يقيم علاقات معهم ويتعلم الثقافة واللغة المحلية من الأخصائيين الاجتماعيين والمدرسين وعلماء النفس. تمكن كذلك من دخول النظام المدرسي النمساوي، وحصل على شهادة جامعية تقنية في التكنولوجيا.
رد الجميل
والآن وهو مدير مشروع ضمن مجموعة سيمنز الألمانية، وأب لثلاثة أطفال، يتذكر سينغ علاقته بالممثل والكاتب اليهودي أوتو تاوزيج، مؤسس مركز الإيواء الذي احتضنه لسنوات.
ويحكي بحنين وامتنان كبيرين قائلا: “كرس تاوزيج النصف الأخير من حياته للأعمال الخيرية. ساعد آلاف الأطفال، وأنا كنت واحدا منهم، لقد رعى دراستي إلى أن تخرجت، كما كان يأخذني معه إلى المسرح لتغيير الجو”.
مركز الإيواء الذي كان يحمل اسم لورا غاتنر، وهي جدة تاوزيج، التي توفيت في معسكر اعتقال نازي، أهداه الممثل تاوزيج لجمعية دياكوني الخيرية لاستخدامه مأوى للشباب الذين تركوا أوطانهم وعائلتهم.
وبمجرد أن علم سينغ بقرار الجمعية الخيرية بيع دار الإيواء بسبب قلة الموارد والمساعدات من السكان والسلطات، تدخل واشتراه.
ويتابع في هذا الشأن: “لم أرغب في أن يشتري العقار أي شخص لا علاقة له بالمكان وتاريخه، كما أنني رغبت في المحافظة على إرث معلمي ومحتضني الأول”.
خطة سينغ لتسيير مركز الاستقبال
“يحار العقل والقلب في مسألة كيفية تسيير هذا المنزل، الذي سيكون جاهزا للسكن بنهاية شهر المارس الجاري. إذ علي قرض بنكي كبير، اقترضته من أجل شراء هذا المركز. وبالتالي سأحاول لتسهيل سداده، تأجير بعض الشقق حتى أستفيد من عائدها، فيما سأمنح حوالي أربع شقق على الأقل لعائلات طالبي اللجوء بثمن رمزي لا يوازي أبدا أسعار السوق، كما أنني لن أطلب منهم كشف حسابهم الشهري ووثائق يصعب الحصول عليها من طرف اللاجئين”.. هكذا صرح بفخر الشاب الهندي الثلاثيني.
ويختم حديثه قائلا: “ما أقوم به اليوم ليس بالشيء الكبير أمام ما قدم لي في هذا المكان، وأتمنى أن يمد كل شخص يد العون لمن هو في حاجة، خاصة الأطفال واللاجئون الذي يحلمون بغد أفضل، هذا الغد قد تساهم فيه بتبنيك لطفل لا يتمنى إلا منزلا يأويه ووطنا آمنا وعيشا كريما”.