وقال ماكرون، ردا على احتمال ضم أوكرانيا للاتحاد الأوروبي: “والدولة في حالة حرب؟ لا أعتقد ذلك، هل سنغلق الباب ونقول إن الأمر لن يحدث أبدا؟ سنكون غير عادلين”.

وعاد وأكد أن: “أوكرانيا جزء من الأسرة الأوروبية وباب الاتحاد الأوروبي سيظل مفتوحا أمامها دائما”.

ورغم مناشدات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدول الاتحاد العمل على قبول سريع وعاجل لعضوية بلاده، غير أن القادة الأوروبيين أكدوا أن مسارا سريعا للعضوية الأوكرانية في الاتحاد، غير ممكن.

فقد قال رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، لدى وصوله للمشاركة في المحادثات: “ليس هناك من مسار سريع”. 

وأضاف: “أود التركيز على ما يمكننا فعله لفولوديمير زيلينكسي الليلة وغدا، وانضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي مسألة للمدى البعيد، إن حدث ذلك أصلا”.

من جهته، حذر رئيس وزراء لوكسمبورغ، كزافييه بيتي، من إعطاء كييف الانطباع أن “كل شيء يمكن أن يحدث بين ليلة وضحاها”.

وهذه المواقف الأوروبية اعتبرها مراقبون رفضا ملطفا لانضمام كييف أقله في المدى المنظور، وبأن قمة فرساي قد تركت الباب مواربا أمام مسألة انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، فلا رفض ولا قبول حتى إشعار آخر.

الجغرافيا تقول لا

وللحديث عن موضوع انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، وتواتر المؤشرات والتصريحات الأوروبية المتضاربة حول ذلك، يقول ماهر الحمداني، الباحث والخبير في الشؤون الأوروبية، في حديث مع “سكاي نيوز عربية”: “بداية لا يمكن للجغرافيا الطبيعية وكذلك السياسية أن تسمحا لأوكرانيا بالانضمام للاتحاد الأوروبي، لجملة عوامل ديمغرافية قومية وجيوسياسية وعسكرية أمنية، فحرب روسيا في أوكرانيا هي أساسا لمنع تمدد حلف الناتو شرقا نحو التخوم الروسية، وإبعاد النفوذ الغربي عنها، ولهذا ففي حال ضم كييف للاتحاد الأوروبي، سيغدو هذا الأخير ملاصقا تماما لروسيا وعلى احتكاك مباشر معها، وهذا بالتأكيد خط أحمر بالنسبة لموسكو وكذلك للاتحاد الأوروبي نفسه”. 

وهكذا فقدر أوكرانيا أن تكون دوما المنطقة العازلة ما بين الروس والأوروبيين والغرب عامة، كما يوضح الحمداني، متابعا: “وبالتالي فهذا واقع مسلم به وإن لم يكن متفقا عليه بشكل رسمي ومكتوب، ورغم أن أوكرانيا تحاول منذ زمن طويل إنجاز انضمامها للمنظومة الأوروبية، لكن هذه الأخيرة لطالما مارست سياسة التسويف تارة ورفض هذا الانضمام علانية تارة أخرى”. 

فمن الناحية العرقية والبشرية، تتألف أوكرانيا من عدة قوميات، كما يشرح الخبير في الشؤون الأوروبية، بالقول “فالموالون للغرب والمتحمسون للانضمام للاتحاد الأوروبي غالبيتهم مقيمون في غرب أوكرانيا، والموالون لروسيا غالبيتهم تقيم في شرق أوكرانيا، وبالتالي فحتى لو تقسمت أوكرانيا لبلدين بين شرقي وغربي، فستكون الحدود أيضا بين الشطرين، هي عمليا حدودا روسية – أوروبية في حال لو افترضنا جدلا انضمام القسم الغربي من أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، وهو أمر مرفوض روسيا وأوروبيا على حد سواء”.

وعليه لن يكون هناك انضمام لأوكرانيا للاتحاد الأوروبي مهما حاولت، وفق الحمداني، الذي يردف: “والغرب يمكنه في أقصى احتمال مد كييف بالمساعدات والدعم، كي تبقى منطقة فاصلة وعازلة ما بين الكتلتين الغربية والروسية، أما أن يتم حسم هذا الموضوع بضم أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، فهذا مستحيل كونه لا يريد أن يكون على الحدود الروسية، وعكس ما هو متداول، فإن روسيا في المقابل أيضا لا تريد ضم أوكرانيا لها، كونها لا ترغب أن تكون حدودها أي في غرب أوكرانيا ملاصقة لحدود الاتحاد الأوروبي، وبالتالي لا الروس ولا الأوروبيون يريدون ضم أوكرانيا وكلاهما يريدها منطقة عازلة ومحايدة”.

شروط بعيدة المنال

أما رائد العزاوي، رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية في القاهرة، فيقول في حوار مع “سكاي نيوز عربية”: “الطلب الأوكراني بالانضمام للاتحاد الأوروبي لم يرفض ولم يقبل، خاصة وأن طلب الانضمام السريع للاتحاد لا يمكن بأي حال من الأحوال قبوله في ظل الوضع الحالي، وفي ظل هذه الحرب الواسعة الدائرة، فالدول الأوروبية لا تريد أن يكون هناك جزء منها قريبا من الحدود الروسية، وهي لا تريد إثارة موسكو عبر هكذا خطوة قد تعقد الأزمة الأوكرانية أكثر، ولهذا فدول الاتحاد تؤكد خلال قمتها الحالية المنعقدة في فرنسا، أن هناك ضوابطا محددة للانضمام وفق المادة 49 من وثيقة الاتحاد الأوروبي، وثمة شروط كثيرة كييف بعيدة عن تحقيقها”. 

لكن السبب الرئيس لعدم قبول ضم أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، كما يجزم العزاوي “يبقى هو أنها دولة في حالة حرب وغير مستقرة بالتالي، والاتحاد يعتقد كذلك أن أوكرانيا لا زالت بعيدة عن تحقيق شروط مهمة لاكتساب عضويته، ولم تلتزم بها، من قبيل ضمان حرية الرأي والتعبير والتعددية، ووجود اقتصاد أكثر متانة، فالاقتصاد الأوكراني في العديد من جوانبه لا زال اقتصاد ريعي وغير إنتاجي، وهذا يقلق دول الاتحاد من تكرار سيناريو  ضم كل من إسبانيا واليونان المأساوي اقتصاديا، واللتان حملتا دولا مركزية بالاتحاد مثل فرنسا وايطاليا وألمانيا الكثير من الأعباء والأكلاف الاقتصادية، إلى أن استطاعتا تجاوز وضعيهما الاقتصادي الضعيف”.

ومن الناحية السياسية، فإن أوكرانيا ما تزال بعيدة عن قواعد محورية تؤطر الانضمام  إلى البوتقة الأوروبية، كما يوضح العزاوي، وهو أيضا أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأميركية في القاهرة، مبرزا: “منها وأهمها عملية الانتقالات السلمية والسياسية السلسة، وديناميكية العملين الانتخابي والبرلماني، فبعد الثورة البرتقالية وما جرى على وقعها، فإن الحياة السياسية لم تنضج بعد بأوكرانيا وهي بحاجة لسنوات عديدة حتى تنضج وتترسخ، وتصل لمراحل تؤهلها للإيفاء بشروط الاستقرار السياسي والمؤسسي الديمقراطي الناظمة لدخول الاتحاد الأوروبي”.

skynewsarabia.com