فقد قال التقرير إن عمليات الإعدام في إيران ازدادت بوتيرة استثنائية خلال الأسبوعين الماضيين، بعدما كانت السلطات الإيرانية قد أعلنت توقفها في التاسع من شهر يونيو الفائت، قبل أيام قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية في البلاد.
اللوائح التفصيلية التي أوردتها المؤسسة الحقوقية الإيرانية، قالت إن تنفيذ عمليات الإعدام قد عاود الانطلاق اعتبارا من العشرين من يونيو الماضي، أي بعد قرابة 48 ساعة فقط من انتهاء عملية الانتخابات الرئاسية، وأن السلطات الإيرانية أعلنت عبر وسائل الإعلام تنفيذ 28 عملية إعدام فحسب، بينما الرقم الحقيقي هو 117 عملية إعدام، 6 منها كانت بحق نساء إيرانيات.
كذلك عبرت المنظمة عن مخاوفها الشديدة حول العلاقة بين زيادة أعداد الإعدامات غير المعلنة، وبين المعارضة السياسية التي ظهرت في بعض الأوسط الشبابية والمدنية والحقوقية أثناء مرحلة الإعداد للانتخابات، حيث عبر الكثير من الإيرانيين عن امتعاضهم من كون المرشح الفائر إبراهيم رئيسي بمثابة مرشح وحيد وفائز مسبقا.
اللوائح الدولية لحالات الإعدام في إيران، كانت تشير إلى الأسباب التعليلية التي تروجها السلطات الإيرانية لتنفيذها عمليات الإعدام، إذ تصر على أن نصفها تجري بناء على أحكام قضائية بحق مرتكبي عمليات القتل العمد، بينما ربعها تنفذ بحق تجار المخدرات، والربع الباقي بحق من تسميهم السلطة بـ”محاربة التمرد المسلح”، وهي تسمية تطلقها السلطات الإيرانية على المتمردين القوميين الأكراد شمال غربي البلاد، أو تحت تهمة “البغي وعداوة الله”، حيث تطال هذه التهم أفراد الأقليات الدينية والطائفية في البلاد.
لكن المنظمات الحقوقية المحلية والعالمية تشكك في صحة تلك التصنيفات الإيرانية، وترى أن أغلب حالات الإعدام أنما تطال المعارضين السياسيين للنظام السياسي في البلاد، أو قادة الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح إيران منذ العام 2019 وحتى الآن بشكل متواصل.
تنفذ السلطات الإيرانية أحكام الإعدام بشكل كبير، بالرغم من المعارضة الشعبية الواسعة لذلك، حسب استقصاء نفذته مجموعة “غامان” الهولندية لاستطلاعات الرأي لصالح المنظمة الإيرانية لحقوق الإنسان، إذ عبر فقط 26 % من الإيرانيين عن موافقتهم على تنفيذ حكم الإعدام، وضمن شروط معينة ولمرتكبي بعض الجرائم الجنائية “الشائنة”، بينما عبر 74 % من أصل 2400 إيراني تم استطلاع رأيهم، 86 % منهم يعيشون داخل إيران، عن معارضتهم المطلقة لمثل تلك العقوبة، خصوصا وأنها عادة ما تستخدم لأسباب سياسية. وترتفع تلك النسبة إلى 85 % كنسبة للمعترضين على تنفيذ الإعدام بحق الذين لا تتجاوز أعمارهم 18 عاما، وهو ما يجري تنفيذه في إيران في الكثير من المرات.
الباحث السياسي الإيراني تقي رجابندا، أحد مؤسسي الشبكة الإيرانية للحقوق المدنية، شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية أهداف النظام السياسي الإيراني من الاستمرار في عمليات الإعدام، بالرغم من كل الضغوط السياسية والمدنية التي تلاحق النظام الإيراني جراء سلوكه لمثل هذا الخيار “في إيران، الأهم بالنسبة للنظام الحاكم هو شعور الغالبية المطلقة من السكان برهاب السلطة، الخشية من قبضتها الحديدة وقدرتها على الإيغال في العقاب، ولأسباب سياسية تطال المعترضين جذريا على خياراتها الاستراتيجية، وطبعا رموزها وآليات حكمها. صحيح أنه ثمة بعض الحالات يتم فيها تنفيذ الإعدام لأسباب جنائية، لكن القوانين الجنائية الإيرانية أباحت ذلك، فقط لتنفذ في ظلال أحكاما متعسفة بحق من يعترض على سياسات النظام الداخلية، خصوصا في مجال الحريات المدنية والحقوقية”.
وكانت منظمة العفو الدولية “أمنيستي” قد ذكرت في تقريرها النهائي للعام 2020، إن تنفيذ حالات الإعدام في إيران خلال ذلك العام بلغ نصف مجموع حالات الإعدام في العالم، بالرغم من أن سكان إيران لا يتجاوزون 1 % من سكان العام، مما يعني بأن الوتيرة الإيرانية لتنفيذ الإعدام هي خمسين ضعفا مما عليه في العالم.
التقرير أشار وقتئذ إلى أن نسبة الإعدام قد قلت في ذلك العام على مستوى العالم، بسبب وباء كورونا وإلغاء المزيد من الدول العقوبة، حيث انخفضت النسبة العالمية إلى 74 % مما كانت عليه في العام الذي سبقه، إلا أنه استمر في إيران حسب وتيرته السابقة، إذ نفذ النظام الإيراني 246 حكما بالإعدام خلال ذلك العام، من أصل 483 حكما بالإعدام جرى تنفيذه في مختلف أنحاء العالم خلال نفس العام. وهو رقم يفوق بأشواط ما كانت إيران قد حققته في هذا المجال خلال العام 2018، حسب تقارير نفس المنظمة، حيث كانت معدل التنفيذ في إيران وقتئذ هو فقط ثلث ما ينفذ من أحكام بالإعدام في العالم. وتتوقع التقارير الدولية الفصلية لهذا العام، أن تزداد هذه النسبة خلال العام الجاري، بسبب وصول إبراهيم رئيسي إلى منصب رئيس الجمهورية في البلاد، وهو المتهم بالأساس بالتساهل في إصدار مئات أحكام الإعدام بحق المعارضين السياسيين في أواخر الثمانينات من القرن المنصرم.