وفي إجراء يرى مراقبون أنه يندرج في سياق ذلك، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، الاثنين، مرسوما يقضي بتسريع منح الجنسية الروسية لجميع المقيمين على الأراضي الأوكرانية .
ويرى محللون أن هذا المرسوم الرئاسي الهدف منه بالدرجة الأولى تجنيس سكان المناطق، التي سيطر عليها الجيش الروسي خلال عملياته العسكرية داخل أوكرانيا، وأنه على عكس المتوقع قد نكون أمام بداية نهاية الحرب، سيما وأن هدف شنها من الأساس حسب موسكو كان هو حماية منطقة دونباس، والدفاع عن سكانها وخاصة في لوغانسك ودونيتسك، فيما يرى آخرون أن هذا الإجراء قد يعقد المشهد أكثر وتطيل من أمد الصراع .
وتعليقا على ذلك، تقول لانا بدفان الباحثة بالعلاقات الدولية في مدرسة موسكو العليا للاقتصاد، في حوار مع “سكاي نيوز عربية” :”كل من ولد ضمن أراضي الاتحاد السوفييتي السابق جورجيا مثلا أو أرمنيا أو أوكرانيا، من حقه الحصول على الجنسية وفق القانون الروسي، وهكذا فمنذ العام 2014 منحت موسكو تسهيلات إضافية للحصول على جنسيتها للروس الأوكران وخاصة في منطقة دونباس، والآن فإن هذه التسهيلات الجديدة التي وقعها الرئيس الروسي بوتن، تشمل مختلف المناطق الأوكرانية وليس فقط دونباس وبعض مناطق جنوب أوكرانيا كخيرسون”.
وتضيف الباحثة الروسية : “أوكرانيا من جانبها كانت قد أصدرت قانونا يمنع مواطنيها من الحصول على جنسية ثانية، ردا على التسهيلات الروسية لمواطنيها في الحصول على الجنسية الروسية، ولنأخذ شبه جزيرة القرم كمثال هنا، حيث أن الكثيرين من مواطنيها حصلوا على الجنسية الروسية، كما وهناك بينهم من لم يتخلى عن جنسيته الأوكرانية، ويتعايش جميعهم بمساواة وتكافؤ”.
وتمضي بدفان قائلة: “مع المرسوم الجديد فإن التسهيلات أكبر، حيث تم مثلا إسقاط شرط حصول الأوكراني على الإقامة الدائمة الروسية كي يحق له تاليا التقدم بطلب التجنس الروسي، حيث يمكن للمواطن الأوكراني الآن بعد توقيع هذا المرسوم الحصول على حق التجنس دون الحاجة لشرط وجود إقامة دائمة له بروسيا”.
بدوره يقول الكاتب والباحث في العلاقات الدولية طارق سارممي، في لقاء مع “سكاي نيوز عربية” :”مرسوم من الكرملين بمنح الجنسية لمواطني أوكرانيا، وبعده مباشرة سيتم افتتاح سفارة دونيتسك في موسكو، وهكذا فنحن أمام ملامح مرحلة جديدة من الحرب على ما يبدو، عنوانها تكريس المكاسب والانتصارات الروسية الميدانية في أوكرانيا”.
وأضاف : “هذا المرسوم يعكس وجود مطامح روسية لبسط السيطرة على كامل أوكرانيا وحتى ضمها لها، لكن هو في الغالب يستهدف أساسا تجنيس سكان المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا التي يسيطر عليها الروس، بما يسهم في تكريس الأمر الواقع الروسي فيها”.
ووفقا لنص المرسوم الذي تم نشره في البوابة الرسمية للمعلومات القانونية الروسية، فإن “مواطني أوكرانيا، وجمهورية دونيتسك الشعبية، وجمهورية لوغانسك الشعبية، والأشخاص عديمي الجنسية المقيمين بشكل دائم على أراضي جمهورية دونيتسك الشعبية أو جمهورية لوغانسك الشعبية أو أوكرانيا، لديهم الحق في تقديم طلب للحصول على جنسية روسيا الاتحادية بطريقة مبسطة وفقا للفصل الثامن من المادة 14 من القانون الاتحادي الصادر في 31 مايو 2002 بشأن جنسية الاتحاد الروسي”.
وتجدر الإشارة إلى أنه في النسخة السابقة من المرسوم كان إجراء تسهيل الحصول على الجنسية الروسية ينطبق فقط على سكان جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، وكذلك سكان منطقتي خيرسون وزابوروجيا الأوكرانيتين .
ويأتي هذا التطور بعد أيام من إعلان جمهورية دونيتسك الشعبية الانفصالية المعلنة من طرف واحد الموالية لموسكو، بدء إصدار جوازات سفر روسية في عاصمة “الجمهورية”.
وفسره مراقبون على أنه مؤشر قوي على أن مرحلة الضم الفعلي والرسمي لهذه المناطق بأوكرانيا لروسيا قد بدأت بالفعل، حيث يسيطر عليها الجيش الروسي والقوات الحليفة له فيها.
ويبدو أن الأمر لم يعد مقتصرا على جمهوريتي دونباس، إذ امتد إلى بقية المناطق الأوكرانية الواقعة تحت السيطرة الروسية، مثل خيرسون التي جرى تسليم الدفعة الأولى من جوازات السفر الروسية لسكانها، الشهر المنصرم.