وجاء اللقاء كأول اجتماع حضوري وجها لوجه بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم منذ 3 سنوات، بعدما كانت آخر مرة صافح فيها رئيس أميركي، زعيم الصين حين كان دونالد ترامب في البيت الأبيض قبل 3 أعوام.
واحتلت أزمة تايوان حيزا ليس بالهين خلال اجتماع القمة بين بايدن وشي، إذ أكد الرئيس الصيني لنظيره الأميركي أن هناك مصالح كثيرة تجمع بلديهما، لكنه حذر من تجاوز “الخط الأحمر” بشأن تايوان.
ونقلت وكالة الأنباء الصينية “شينخوا”، عن شي قوله لبايدن “إن مسألة تايوان هي في صميم المصالح الجوهرية للصين، والقاعدة للأساس السياسي للعلاقات الصينية الأميركية، والخط الأحمر الأول الذي لا يجب تجاوزه في العلاقات بين البلدين”.
وفي المقابل، ندد بايدن بما وصفه بـ”الإجراءات القسرية” للصين تجاه تايوان، لكنه قال في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء: “لا أعتقد أن هناك أي محاولة وشيكة من جانب الصين لغزو تايوان”.
وكانت الصين أجرت مناورات في المياه المحيطة بتايوان، وتدريبات عسكرية هي الأكبر على الإطلاق، ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، خلال أغسطس الماضي، والتي تسببت في أزمة دبلوماسية بين بكين وواشنطن.
زيارة مرتقبة
بعد ساعات من قمة بايدن وشي، أعلن البيت الأبيض، زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للصين، مطلع العام المقبل، في إشارة إلى انفراج دبلوماسي بين القوتين المتنافستين عالميا.
وستكون هذه الزيارة الأولى من نوعها على هذا المستوى منذ العام 2018، إذ من المقرر أن تأتي “من أجل مواصلة المحادثات” بين البلدين.
من جانبها، أعربت وزارة الخارجية الصينية عن أملها في أن تتمكن الولايات المتحدة من “التلاقي مع الصين في منتصف الطريق” من أجل تعزيز التعاون متبادل المنفعة بين الجانبين.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ: “نحن ملتزمون بالاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه سندافع بقوة عن سيادتنا وأمننا ومصالحنا التنموية”.
ألغام في طريق العلاقات
ويرى الخبير في العلاقات الدولية عبد المسيح الشامي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن لقاء الرئيسين في قمة العشرين يأتي في خضم الظروف التي شهدناها في الآونة الأخيرة بعد تصعيد كبير وصل حد الصدام في ملفين بارزين، على رأسهما الأزمة التايوانية والتي كادت تتطور إلى صدام عسكري، وكذلك على خلفية الحرب الأوكرانية والتي تصطف كل منهما خلف جبهة كبيرة على ضفتي العالم.
وقال الشامي إن الصدام بين واشنطن وبكين كبير وفي أكثر من ملف، سواء سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا وأمنيا، أو التحكم بالمواد الأولية والصناعات التكنولوجية.
لكنه أوضح أنه “رغم كل الألغام التي توجد في طريق الالتقاء بينهما”، فاللقاء يعطي للعلاقات الثنائية وجها دبلوماسيا غاب عنها خلال الفترة الأخيرة، لكنه لن يغير من الصراع الأساسي.
وأضاف: “اللقاء لم يغير في الاستراتيجيات الأساسية والأولويات لكلا البلدين، وربما يكون هناك نهج جديد في واشنطن فيما يتعلق بالتعامل وفق الدبلوماسية الهادئة وكذلك الدبلوماسية الخشنة في آن واحد، حتى في علاقاتها مع الصين، بمعنى أنها تلعب لعبة العصا والجزرة”.
بدوره، أشار الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، أيمن سمير، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن عنوان لقاء بايدن وشي هو تجنب “القناعات الخاطئة”، فكل طرف لديه قناعات خاطئة تجاه الآخر، إذ أن الولايات المتحدة لديها تصور أن الصين تسرّع من خطوات ضم تايوان بالقوة، والتي تراها الصين أنها غير صحيحة.
وعلى الجانب الآخر، فالصين لديها اعتقاد أن الولايات المتحدة تتنصل تدريجيا من سياسة “الصين الواحدة” التي سبق وأن اعترفت بها، وفق سمير، الذي أكد أن اللقاء سعى لهدم تلك القناعات الخاطئة ورسم “الخطوط الحمراء” لكل طرف تجاه الآخر.