وبعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، منعت أنقرة جميع السفن الحربية من عبور مضيقي البوسفور والدردنيل بموجب معاهدة “مونترو”، إلا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال آنذاك إن بلاده “لن تتخلى” عن علاقاتها مع كل من روسيا وأوكرانيا، لكنه أوضح أن أنقرة ستنفذ ميثاقا دوليا يسمح لها بإغلاق المضائق البحرية عند مدخل البحر الأسود أمام السفن الحربية التابعة إلى “الدول المتحاربة”.

وجاء القرار التركي في الوقت الذي تصعّد فيه روسيا قصفها على مناطق شمال غربي سوريا التي تنتشر فيها القوات التركية، وبالتزامن مع العمليات العسكرية التي تشنها أنقرة في شمال العراق وشمال شرق سوريا ضد حزب العمال الكردستاني.

ورقة ضغط

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، القرار أنه يمثل ورقة ضغط بعد تصعيد روسيا الأوضاع على الأرض في سوريا، لافتا إلى أنه لن يكون له تأثير كبير على العلاقات بين الجانبين.

وأضاف أوغلو، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن القرار “سيادي وقانوني، وكان على أنقرة اتخاذه حتى تكون ضمن مجموعة الأمم المتحدة التي رفضت غالبيتها العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا”.

وأوضح أن تركيا لم تنخرط في حزم العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو، كما أنها أخبرتها بالقرار قبل 3 أشهر، وما يحدث هو مجرد تفعيله، مشيرا إلى أن الرحلات التجارية والسياحية ستستمر كما هي ما قد يمنع أي توتر في العلاقات.

أما خبير الشؤون التركية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كرم سعيد، فاعتبر أن القرار يأتي ضمن مساعي تركيا لتوظيف الأزمة الأوكرانية، وانشغال روسيا في الحرب لتعزيز نفوذها في سوريا.

وأكد سعيد، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أن الأمر الثاني أنه يأتي ضمن التصعيد التركي الذي بدأ مؤخرا لإنهاء المشروع الكردي في سوريا والعراق، حيث يتزامن مع الحملة العسكرية في شمال العراق وشمال شرق سوريا ضد حزب العمال الكردستاني.

وأوضح أن الأمر الثالث هو أن القرار في سياق تأكيد تركيا حيادها تجاه الصراع في أوكرانيا وإيصال رسائل للغرب بأن إذا كانت أنقرة حريصة على إقامة علاقات مع موسكو في هذا التوقيت وعدم الالتزام بالعقوبات الغربية، لكن لديها في نفس الوقت نهج واضح حول ضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا.

واعتبر أن الرد التركي بإغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية المدنية والعسكرية التي تقل جنودا والمتوجهة إلى سوريا ومن قبلها إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل، يأتي ضمن رسائل مباشرة للقوى الغربية بأنها لا تصطف بشكل جذري مع روسيا وأنها ملتزمة بمصالح حلف شمال الأطلسي، خاصة أن القرار يمثل عامل ضغط على موسكو لدفعها نحو حلحلة الأزمة.

وحول إمكانية تأثيره على العلاقات بين البلدين، قال سعيد إنه لن يحمل ارتدادات سلبية على العلاقات سواء حاليا أو لاحقا، خاصة أن روسيا حريصة على بناء تحالف إقليمي دولي خلال الأزمة الأوكرانية أو على الأقل تحييد الضغوط وعدم انتقال تركيا من الموقف الحيادي إلى الاصطفاف مع القوى الغربية.

وبيّن أن الدليل على ذلك أنه بعد إغلاق مضيق البوسفور لم تتأثر العلاقات، بل العكس ارتضت موسكو أن تكون أنقرة كوسيط وراعية لاجتماعات روسية- أوكرانية على أراضيها.

وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، قد قال السبت، إن بلاده أغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات العسكرية والمدنية التي تنقل روسيا على متنها عسكرييها لسوريا.

وقال تشاووش أوغلو إن الترخيص الممنوح لمدة ثلاثة أشهر من أنقرة لموسكو لتسيير هذه الرحلات انقضى في أبريل، لافتا إلى أنه ناقش الأمر مارس الماضي خلال زيارته لموسكو مع نظيره سيرغي لافروف، الذي تعهد بإطلاع الرئيس فلاديمير بوتن على المسألة.

وشدد تشاووش أوغلو على أن الحوار مستمر بين تركيا وروسيا بشأن اتفاقية مونترو وغيرها من المسائل الملّحة، مشيرا إلى أن قرار أنقرة إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل على خلفية النزاع في أوكرانيا لا ينطبق على السفن العسكرية الروسية فقط بل وكذلك تلك التابعة لحلف الناتو، مؤكدا على موقف أنقرة الثابت القاضي بعدم الانضمام إلى العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.

skynewsarabia.com