ويخشى الأوروبيون من صعود اليمين المتطرف للحكم في فرنسا، أبرز ركائز الاتحاد الأوروبي، وفي وقت عصيب تمر به القارة العجوز، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك في حال تفوق لوبان على ماكرون في الجولة الثانية المقررة الأحد المقبل.
العلاقة الوطيدة بين مارين لوبان والرئيس الروسي فلاديمير بوتن، ليست الخطر الوحيد في وصول لوبان إلى الإليزيه، فملف الطاقة مطروح على الطاولة بقوة، بسبب الاستراتيجات التي أعلنت عنها خلال حملتها الانتخابية، وصوّت لها قرابة ربع الناخبين الفرنسيين في الجولة الأولى قبل أيام.
برنامج لوبان
اقترحت لوبان تفكيك مزارع الرياح الحالية في فرنسا، وخفض الدعم لطاقة الرياح والطاقة الشمسية، الأمر الذي من شأنه أن يبعد عضو الاتحاد الأوروبي عن استراتيجية الطاقة في الكتلة الغربية.
وقالت لوبان: “أوروبا تعتمد على النفط والغاز الروسيين أكثر بكثير من فرنسا. والسوق الأوروبية هي التي تحدد سعر الطاقة. لذلك أعتقد أننا بحاجة إلى مغادرة سوق الطاقة الأوروبية”.
وصرحت المرشحة الرئاسية أنه بينما لن تكون أزمة المناخ أولوية في سياستها الخارجية، فإنها لن تترك اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهي تناصر بقوة التوسع في الاستثمار في الطاقة النووية.
وأشارت إلى إنها تؤيد على نطاق واسع العقوبات ضد روسيا، باستثناء ما يتعلق بإمدادات النفط والغاز، قائلة “أنا أؤيد تماما كل العقوبات الأخرى، ولكن لا أريد أن يعاني الشعب الفرنسي من تبعات العقوبات” على النفط والغاز.
لكن لوبان تعرضت لانتقادات من قبل خصومها بسبب دعمها السابق لروسيا ولرئيسها بوتن.
معارضة قوية
استراتيجية لوبان، لم تلق قبولا من جانب مجموعة تمثّل صناعة الطاقة المتجددة، التي أكدت أن برنامج مرشحة اليمين المتطرف سيمثّل خطوة إلى الوراء، إذا فازت في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
وقالت الرابطة الفرنسية لتجارة الطاقة المتجددة في بيان: “ستكون خطوة كبيرة إلى الوراء بالنسبة لبلدنا وللمناخ، من خلال زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ووارداتنا من الوقود الأحفوري، على حساب دافعي الضرائب والمستهلكين الأكثر خطورة”.
وأضافت الرابطة، التي تضم 450 عضوا، من بينهم مرفق الكهرباء الحكومي الفرنسي “إي دي إف” ومجموعة الطاقة “إنجي” وشركة النفط العملاقة “توتال إنرجي”، أن سياسة لوبان ستؤدي إلى فقدان الوظائف وإفلاس شركات التحول في مجال الطاقة.
سياسة فردية
الخبير الاقتصادي المقيم في باريس، قيس مقني، يقول إن مارين لوبان تبحث عن استقلال فرنسا من الطاقة، وهو من الملفات الداخلية الحارقة، التي ترتبط مباشرة بالأمن القومي الفرنسي، حيث ترى المرشحة للدور الثاني من الانتخابات الفرنسية أنه آن الأوان لأن تقطع فرنسا تبعيتها الطاقية لأوروبا أو حتى لروسيا.
ويضيف الخبير الاقتصادي، لموقع “سكاي نيوز عربية” أن لوبان ترى أن الأوربيين يستنزفون حصة بلادها من الغاز الطبيعي وأنه من الأفضل لفرنسا أن تمضي لوحدها في سياسة طاقة خاصة والبحث عن أسواق خاصة بها في هذا المجال بعيدا عن التكتل الأوروبي.
في المقابل، يخطط خصمها الرئيس إيمانويل ماكرون، لاستحداث وزارة طاقة، حيث أنه في حال فوزه بولاية ثانية فهو سيدرس فكرة استحداث منصب وزاري لتنظيم خفض اعتماد البلاد على موارد الطاقة الأحفورية، هذه الوزارة ستتم تسميتها وزارة “تخطيط الطاقة”، بحسب الخبير.
عقبة أخرى
أعلن الادعاء الفرنسي، الاثنين، أنه يدرس تقريرا صادرا عن المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال يتهم لوبان بإساءة استخدام الأموال العامة أثناء خدمتها في البرلمان الأوروبي.
ويبحث ممثلو الادعاء في باريس، وكالة الاحتيال في الاتحاد الأوروبي، تتهم فيه لوبان وأعضاء آخرين في حزبها القومي بإساءة استخدام الأموال العامة أثناء خدمتهم في البرلمان الأوروبي.
ويتعلق التقرير بالنفقات التي يمكن لأفراد المجموعات السياسية استخدامها في إطار تفويضهم بصفتهم أعضاء في البرلمان الأوروبي، وقد تكون مارين لوبان ومقربون منها استخدموها لأغراض سياسية وطنية أو لتغطية نفقات شخصية أو خدمات لصالح شركات تجارية مقربة من حزبها التجمع الوطني، ولكتلة “أوروبا الأمم والحريات” النيابية اليمينية المتطرفة.
استطلاعات الرأي
وأشارت استطلاعات رأي صادرة عن معهد “بي.في.إيه” لصالح قناة “آر.تي.إل” التلفزيونية وشركة “أورانج” الفرنسية، للاتصالات إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيتغلب على مارين لوبان، مرشحة حزب “التجمع الوطني” بحصوله على 54 بالمئة مقابل 46 بالمئة في جولة الإعادة للانتخابات الفرنسية.
ومن بين هؤلاء الذين دعموا المرشح اليساري المتطرف، الذي جاء في المركز الثالث،جان لوك ميلينشون، في الجولة الأولى من الانتخابات، 30 بالمئة من المحتمل أن يصوتوا لماكرون في جولة الإعادة، و18 بالمئة من المحتمل أن يصوتوا لمارين لوبان.
ومن بين الذين دعموا المرشح اليميني المتطرف، الذي جاء في المركز الرابع، إريك زمور، في الجولة الأولى من الانتخابات، 79 بالمئة من المحتمل أن يصوتوا لصالح لوبان في جولة الإعادة، و11 بالمئة من المحتمل أن يصوتوا لصالح ماكرون.
ويتقدم ماكرون على لوبان بحصوله على 53.5 بالمئة مقابل 46.5 بالمئة في استطلاعات الرأي لمعهد “إيفو” بشأن جولة الإعادة