وأشارت استطلاعات الرأي إلى أنه مع هذا المستوى من الشعبية، سيكون من المستحيل أن يستمر الحزب في حكم البلاد، وإن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي من المفترض إجراؤها خلال العام 2023، أو أية انتخابات مبكرة قد تجري منذ الآن وحتى ذلك التاريخ، أنما ستنهي مسيرة الحزب في حكم تركيا، التي بدأت منذ العام 2002.
ووفق الاستطلاعات فإن شعبية حزب العدالة والتنمية هي في حدود 33 في المئة من مجموع الناخبين، بينما تقل شعبية حزب الحركة القومية المتطرفة عن مستوى 10 في المئة، وهي العتبة التي يطلبها قانون الانتخاب التركي، حتى يتمكن أي حزب من دخول البرلمان.
المعضلة حسب هذه الأرقام تعني إن الرئيس رجب طيب أردوغان لن يتمكن من الفوز في الانتخابات الرئاسية، لأن مجموع أصوات الحزبين المذكورين، اللذين يشكلان “تحالف الشعب” التركي الحاكم، ستكون أقل من 50 في المئة، للفوز بمنصب رئاسة الجمهورية.
وعلى النقيض تماما، فإن مجموع أحزاب المعارضة التركية قد رفعت من مستويات شعبيتها بالنسبة للناخبين الأتراك.
فالحزبان الرئيسيان في “تحالف الأمة” المعارض، حزب الشعب الجمهوري “الأتاتوركي” والحزب الخيّر “القومي”، إنما تتجاوز شعبيتهما 42 في المئة، خصوصا إذا ما اتفقا على مرشح رئاسي واحد.
لكن لو أنضم إليهما حزب الشعوب الديمقراطية، المؤيد لحقوق الأكراد، والذي يعتبر حليفا غير معلن للتحالف المعارض، فإن شعبية التحالف المعارض تصبح بحدود 55 في المئة.
الخبير التركي في شؤون استطلاعات الرأي إبراهيم أولسو شرح في تصريحات إعلامية أسباب تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية وحلفائه السياسيين قائلا: “تراجع مستويات التصويت المتوقع لحزب العدالة والتنمية خلال الشهور الأخيرة، يرجع إلى أزمات المهاجرين من أفغانستان، وضعف الإدارة في حرائق الغابات”.
وأضاف أن الرئيس أردوغان لاحظ ذلك بوضوح، ولأجل هذا السبب تغيرت خطاباته حول أفغانستان والمهاجرين.
تراجع شعبية حزب الحركة القومية المتطرفة، الحليف لحزب العدالة والتنمية، دفع التحالف الحاكم للاتفاق على تخفيض عتبة الحد الأدنى لدخول الأحزاب السياسية للبرلمان، لتكون 7 في المئة فقط، حسبما أعلن زعيم حزب الحركة القومية التركي دولت بهجلي.
صحيفة “جمهوريت” التركية نقلت أنباء عن أوساط قيادية من حزب العدالة والتنمية تقول إن الحزب يسعى لأن تكون العتبة الانتخابية 5 في المئة فحسب، وربما 3 في المئة لو توافق مع حليفه حزب الحركة القومية المتطرفة، لأن ذلك قد يسمح لبعض الأحزاب التركية الأصغر حجما، والقريبة من حزب العدالة والتنمية، الدخول في البرلمان، مثل حزب السعادة، وحزب الوطن الكبير القومي المتطرف.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدعاية السياسية لحزب العدالة والتنمية تذهب للترويج لفكرة تقول إن النظام الرئاسي في تركيا لا يتحاج لعتبة مرتفعة لدخول البرلمان.
الباحثة والكاتبة نازدار شكري شرحت في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية” الأسس الموضوعية التي تدفع شعبية حزب العدالة والتنمية لمزيد من التراجع، قائلة: “المسألة أكبر من حدث طارئ جرى مؤخرا، مثل أحداث أفغانستان أو حرائق الغابات، بل يتعلق بالمحصلة الموضوعية لسياسات حزب العدالة والتنمية في الحكم لقرابة عشرين عاما، والذي لم يعد محتملا بالنسبة للقواعد الاجتماعية التركية”.
وأضافت الباحثة: “تراجع قيمة العملة الوطنية والفساد واهتراء المؤسسات وغلبة العلاقات الشخصية في المجال العام، بالإضافة للأزمات السياسية في كامل المنطقة التي تسبب بها حزب العدالة والتنمية، تخلق مثل هذا العزوف العام، خصوصا في أوساط الشبان الأصغر عمرا، الذين يعتقدون أن الحزب لم يعد ملبيا لطموحاتهم وتطلعاتهم”.