وذَكَر التلفزيون المالي، في بيان، أن الحكومة أبلغت الرأي العام أن السفير الفرنسي في باماكو، جويل ميير، استُدعي من قبل وزير الخارجية، وتم إخطاره بقرار الحكومة ودعوته لمغادرة البلاد خلال 72 ساعة.

وبرّرت السلطات المالية القرار بتصريحات “معادية” لها من قبل مسؤولين فرنسيين مؤخرًا.

ويمثّل هذا الاستدعاء تصعيدًا للتوتر بين باماكو وباريس التي تدخلت عسكريًّا في مالي والساحل الغربي لإفريقيا ضمن مهام “مكافحة الإرهاب” منذ 2012- 2013، وتدهورت العلاقات منذ الانقلاب العسكري في مالي في مايو 2020.

إلا أنّ العامل الأكثر قوة في هذا الخلاف، بدا في قرار فرنسا تخفيض قواتها في مالي، رغم استمرار خطر الإرهاب وتلويح مالي بالاستعانة بـ”شركاء آخرين”، لتظهر في أفق هؤلاء الشركاء روسيا التي تخشى فرنسا ودول أوروبية توغلها في مناطق نفوذها بإفريقيا.

جاءت خطوة مالي بطرد السفير بعد تصريح لوزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، السبت، أن بلادها لا يمكنها البقاء في مالي بأي ثمن، وسبقها وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، بالقول إن الوضع في مالي أصبح “لا يُطاق”.

وأوضح لودريان، في تصريحات الجمعة، أن المواجهة القائمة في مالي مع المجلس العسكري أصبحت “خارج السّيطرة” ولا يُمكن أن تستمر.

وردّ وزير الخارجية المالي، عبد الله ديوب، بأن “مالي أيضًا لا تستبعد شيئًا بالنسبة إلى هذه المسائل إن لم تكُن تأخذ بمصالحنا”، في حديث لإذاعة “إر إف إي” وشبكة “فرانس 24” التلفزيونية.

وعن خروج القوات الفرنسية نهائيًّا، قال ديوب: “هذا غير مطروحٍ في الوقت الحالي”، لكن إذا ما رأت بلاده أن وجود تلك القوات “مخالف لمصالح مالي، فلن نتردد في تحمّل مسؤولياتنا، لكننا لم نصل إلى هذا الحد”.

 سدّ الفراغ

ويعلّق المحلل السياسي من مالي، محمد سيسوكو، لموقع “سكاي نيوز عربية”، بأن مالي بعد أن كانت ساحة لمواجهة التنظيمات الإرهابية، تحوّلت لساحة لتنافس باريس وموسكو، لا سيما بعد الاستعانة بالأخيرة في تعويض رحيل القوات الفرنسية.

وأضاف سيسوكو أن التحول في مواقف السلطات المالية جاء نتيجة تضارب المصالح بين باريس وباماكو، بينما تسعى روسيا لسد الفراغ، مشيرًا إلى انتشار المدربين العسكريين الروس في مالي، خصوصًا في قاعدة تمبكتو شمال البلاد، والتي غادرها الجنود الفرنسيون.

وقرّرت فرنسا خفض قواتها في مالي من 5 آلاف عسكري إلى ما بين 2500 و3000 بحلول عام 2023، ومنذ يونيو تقوم بعملية إعادة انتشار، وغادرت 3 قواعد في شمال مالي بهدف تركيز وجودها في المناطق القريبة مِن حدود النيجر وبوركينا فاسو.

وزادت حدة التوتر بين البلدين بعد خطاب رئيس وزراء مالي شوغل كوكالا مايغا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، سبتمبر، الذي اتهم فيه فرنسا بالتخلي عن بلاده في منتصف الطريق.

من جانبه، يقول المحلل السياسي الموريتاني، جمال ولد محمد، الباحث في معهد الأمن الدولي والعلاقات الأوروبية، لـ”سكاي نيوز عربية”، إن إسهامات أوروبا بصفة عامة وفرنسا خاصّة لدول الساحل الإفريقي في محاربة الإرهاب يجب ألا تتوقف.

وبرّر ذلك بغياب التنسيق الأمني بين قادة دول غرب إفريقيا، حسب تعبيره، في الوقت الذي تنشط بقوّة تنظيمات مثل “داعش” و”القاعدة“، في تلك المنطقة.

skynewsarabia.com