وكشف وثائقي بعنوان “أردوغان وإسرائيل.. المسرحية” عرضته قناة “سكاي نيوز عربية، أوجه التعاون الوثيق بين أنقرة وتل أبيب رغم المناكفات الكلامية الموجهة للاستهلاك الداخلي.
وفي أحدث مؤشر على التقارب بين تركيا وإسرائيل، حطت طائرة تابعة للخطوط الجوية الإسرائيلية في مطار إسطنبول، لأول مرة منذ عشر سنوات.
لكن ما غاب عن كثيرين هو أن الرحلات الجوية لم تنقطع بين البلدين، لأن الخطوط التركية تسير ما يقارب عشر رحلات يومية بينإ اسطنبول وتل أبيب، إضافة إلى رحلات الشحن.
وتشير بيانات الملاحة إلى أن شركة الخطوط التركية هي ثاني ناقل جوي في إسرائيل بعد شركة “إل عال” الإسرائيلية، وحتى عندما توترت العلاقات بين البلدين لم تنقطع هذه الصلة الوثيقة بين البلدين.
وتشمل العلاقات بين تركيا وإسرائيل كافة المجالات؛ إذ تتراوح بين السياسة والتجارة والتعليم والثقافة والسياحة، رغم الانتقادات التي يوجهها أردوغان باستمرار للسلطات الإسرائيلية.
ويرى الخبير في شؤون الإرهاب، سليمان أوزيرين، أن انتقاد إسرائيل تجارة رابحة بالنسبة لأردوغان، لاسيما في أوقات الانتخابات، لأن العلاقات جيدة خلف الكواليس.
وبلغة الأرقام، وصلت الصادرات التركية إلى إسرائيل، خلال العام الماضي، إلى 4.1 مليار دولار، بينما بلغت الواردات التركية من إسرائيل في السنة نفسها 1.7 مليار دولار.
دعم “الضجيج”
ويرى الباحث السياسي، باسم الجاغوب، أن تركيا لم تقدم لفسطين سوى الضجيج، وتأجيج الانقسام الداخلي، بما يقدم مساعدة لإسرائيل ويضعف الموقف الفلسطيني.
وأضاف الجاغوب، أن تركيا التي تزعم نصرة الفلسطينيين تفرض عليهم تأشيرة حتى يدخلوا إلى أراضيها، فيما يستطيع الإسرائيليون أن يدخلوا تركيا من دون الحاجة إلى “فيزا”.
وأورد الباحث أنه في سنة 2000، أقيمت اتفاقية التجارة الحرة التي تضمن تدفق البضائع بين البلدين بدون جمارك، وما زالت الاتفاقية سارية إلى يومنا هذا.
وأوضح أن نسبة مهمة من مبادلات تركيا وإسرائيل تدخلُ في المجال العسكري، أي أن الأمر لا يتعلق بشركات خاصة تعملُ بعيدا عن الحكومة كما يزعم المدافعون عن أنقرة.
وتساءل الجاغوب حول جدوى المواقف التي تبديها تركيا إزاء إسرائيل، لأنها غير مؤثرة، ولا تختلف عن المواقف التي تعرب عنها أغلب دول العالم.
وقال إنه كان بوسع بتركيا أن تكون سندا فعليا للفلسطينيين، نظرا إلى موقعها وعضويتها في حلف شمالي الأطلسي “الناتو” وربما كانت تل أبيب ستقيم وزنا لها قبل أن تقدم على تحرك من قبيل ضم القدس، لكن لا شيء من ذلك حصل.
وأردف أن تركيا هي الخامسة في قائمة أكثر الدول تعاونا في المجال الاقتصادي مع إسرائيل، أما الدولة العبرية فهي العاشرة بالنسبة إلى تركيا.
وأورد أن عددا من المعاهدات العسكرية أبرمت بالفعل قبل وصول أردوغان إلى السلطة، لكنه لم يقدم على إلغاء أي منها، باستثناء مناورات في المتوسط لأنها تسبب حرجا للنظام.
وأشار إلى أن تركيا هي ثاني دولة أقدمت على الاعتراف بقيام إسرائيل سنة 1949، وظلت العلاقات قائمة منذ ذلك الحين، رغم بعض حوادث التوتر المحدودة.
علاقات قديمة
من ناحيته، يقول الباحث السياسي التركي، جاهد توز، إن علاقات تل أبيب وأنقرة لم تبدأ في عهد أردوغان، بل أقيمت بعد تأسيس إسرائيل قبل عقود طويلة.
وأضاف أن العلاقات التجارية والاقتصادية تختلف عن مناحي العلاقة الأخرى، مشيرا إلى أن العلاقات بين تركيا وإسرائيل تأثرت عقب حادثة سفينة مرمرة التي أبحرت صوب غزة سنة 2007 وأدى إيقافها من قبل إسرائيل إلى مصرع ناشطين أتراك.
وحين سئل حول سبب انتعاش المبادلات التجارية رغم العداء الكلامي، زعم توز أن الدولة لا يمكنها أن تفرض على الشركات وقف أنشطتها مع الخارج، حين تتوتر العلاقات الديبلوماسية.
وأورد أن القضية الفلسطينية والقدس تشكل خطا أحمر بالنسبة لتركيا، قائلا إن أردوغان يتخذ موقفا ثابتا، فيما وقفت تركيا بشكل دائم ضد إسرائيل، بحسب قوله.
تعاون عسكري وثيق
وأوضح الباحث السياسي، سمير غطاس، أن العلاقات التجارية منتعشة بين إسرائيل تركيا، لكن التقارب بين البلدين لا يقف عند هذا الحد، بل يشمل المجالين العسكري والأمني أيضا.
وأورد أن تركيا تشتري الصواريخ من إسرائيل إضافة إلى طائرات من دون طيار “دورن”، وإصلاح دبابات في الدولة العبرية بما يقارب 250 مليون دولار.
وقال غطاس إن تركيا تخدم إسرائيل من خلال دعمها لحركة حماس في قطاع غزة، لأن ما تريده تل أبيب هو استمرار الانفصال بين الفلسطينيين كي لا تكون ثمة دولة فلسطينية متصلة الأطراف.
أما على المستوى العملي، فلا تقدم تركيا دعما يذكر للفلسطينيين، بحسب الباحث الذي يقول إنه لا وجود لتركيا بين الدول العشرين الأكثر دعما لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وأورد أن تركيا تشبع القضية الفلسطينية كلاما، أما في الواقع، فلا تتورع أنقرة عن خدمة ما تريده إسرائيل على الأرض.