وتنظر المؤسسات الصحية على مستوى العالم إلى تغير المناخ باعتباره أكبر تهديد للصحة العامة يواجه البشرية، في الوقت الذي يعكف المختصون على التصدي للأضرار الصحية التي تسببها هذه الأزمة خلال الفترة المقبلة.
وقال رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية في مصر، أشرف إسماعيل، إن الدولة المصرية تتخذ خطوات جادة في الوقت الراهن لبناء نظام يدعم اتخاذ القرار على مستوى الرعاية الصحية وعلاقته الوثيقة بالتعامل الاستباقي مع انتشار الأمراض والحد من الأوبئة، في إطار ما يشهده العالم من ظهور أوبئة غير مألوفة على البشرية نتيجة الآثار السلبية للتغيرات المناخية التي أصبحت واقعًا.
وفي نظر إسماعيل فإن ما رأيناه من أوبئة بدأت تجتاح العالم آخرها “كورونا”، ما هو إلا ظهور صريح لأحد تأثيرات التغيرات المناخية على الصحة وعلى المجتمع الإنساني ككل، وهو ما يطرح تحديًا أمام النظم الصحية في التعامل المستقبلي مع الأوبئة، سواء الناتجة عن التطورات الطبيعية التي تحدث أو كانت صنيعة الإنسان، مما يستوجب الجاهزية والفهم المسبق للتعامل معها بالطريقة المثلى.
وأطلقت مصر في وقت سابق نموذجًا للمستشفيات الخضراء للتوسع في تنفيذه مستقبلًا، بالاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة، وإعادة التدوير الأمثل للنفايات الطبية، وتقليل إهدار المستلزمات والأدوية.
مخاطر عالمية كبيرة
* تتوقع منظمة الصحة العالمية وفاة 250 ألف شخص بسبب تغير المناخ بين عامي 2030 و2050.
* أكثر الوفيات بسبب أمراض سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري.
* يؤثر تغير المناخ على الهواء النقي وسلامة المياه والغذاء الكافي.
* تتراوح تكاليف أضرار التغيرات المناخية على الصحة بين 2 و4 مليارات دولار سنويًّا.
* 12 بالمئة من سكان العالم ينفقون 10 بالمئة من ميزانيتهم للرعاية الصحية.
يقول رئيس هيئة الرقابة الصحية إنه يجب أن تتوفر معلومات عن التأثيرات البيئية والصحية للتلوث على الأمراض عبر خريطة صحية شاملة ومتكاملة، باعتبارها تأثيرات ذات مدى واسع، من بينها أن تراكم الرصاص في الجسم على مدار شهور أو سنوات يمكن أن يتسبب في حدوث مشاكل صحية خطيرة خاصة للأطفال دون 6 أعوام وهم الأكثر عرضة للإصابة بالتسمم بالرصاص.
ويؤثر ذلك الأمر بشدة في النمو العقلي والجسدي، إلى جانب التلوث الناتج عن الاحتراق وتأثيره على الجهاز التنفسي والرئة، فضلًا عن تأثير تغيرات درجات الحرارة نتيجة الانبعاثات الحرارية واتساع ظاهرة التصحر في القارة الإفريقية، وما يترتب عليه من تأثير ضار بصحة السيدات والأطفال.
ويتسبب ذوبان الجليد جراء ارتفاع درجة الحرارة في انطلاق فيروسات وميكروبات كانت متجمدة لملايين السنوات.
ويتفق مع ذلك أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، إسلام عنان، لـ”سكاي نيوز عربية”، قائلًا إن للتغيرات المناخية تأثيرات واسعة المدى على الصحة العامة على مستوى العالم ومن بينها مصر، ففي عام 2015 تسببت موجة الحرارة المرتفعة التي تعرضت لها البلاد في وفاة قرابة 100 شخص نتيجة الإجهاد الحراري، وخاصة لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
تلوث.. وهجرة للحيوانات
ولا يتوقف الأمر عن هذا الحد، بل تمتد آثار التغيرات المناخية لتشمل هجرة بعض أنواع الحيوانات والحشرات التي لا تناسبها ارتفاع درجات الحرارة، مما يهدد بظهور أمراض وأوبئة غير متوقعة، وتنتقل من كائنات إلى أخرى بشكل لم نعتده، وفق “عنان”.
ويضيف: “ارتفاع الحرارة وهجرة الحيوانات تؤديان لزيادة الأمراض الوبائية، مثل الملاريا وحمى الضنك وحمى الوادي المتصدع وحمى غرب النيل لمجرد زيادة انتشار حشرات “الناموس” في مناطق لم يكن موجودًا فيها بالأساس”.
كما تتسبب التغيرات المناخية في زيادة مشكلة نقص المياه والتصحر، بخلاف زيادة معدلات التلوث العالمية. ووفق الإحصائيات يتوفى 13 شخصًا جراء التلوث على مستوى العالم نتيجة زيادة الانبعاثات الكربونية.
وفي مصر، فإن انتشار التلوث له علاقة مباشرة بأمراض الرئة، إذ يصيب مرض “السدة الرئوية” قرابة 3.5 بالمئة من سكان مصر، في خضم معاناة 10 ملايين مواطن من الأمراض الصدرية بشكل عام، 30 بالمئة منهم من الأطفال، حسبما قال أستاذ الأمراض الوبائية.
وتطال التغيرات المناخية التأثير على استجابة المرضى للعلاجات نتيجة انتشار الملوثات، وكذلك حدوث أزمة في التغذية نتيجة نقص المحاصيل أو ظهور آفات جديدة.