ويرى مراقبون أن موسكو رغم التصعيد العسكري الأوكراني ضدها ماضية في ترجمة نتائج الاستفتاءات، وجعل تلك المناطق التي جرت فيها جزءا لا يتجزأ من الأراضي الروسية، وهو ما سيقود وفقهم لإطالة أمد الصراع الروسي والأوكراني وتعقيده أكثر، في ظل رفض كييف الاعتراف بنتائج تلك الاستفتاءات وما يترتب عليها من خطوات، واعتباره تلك المناطق “محتلة” من قبل الروس ولا بد من استرجاعها، على غرار ما يحصل في مقاطعة خيرسون من حشد وهجمات أوكرانية.

ماذا يحدث في خيرسون؟

ويقول الباحث والخبير في الشؤون الأوروبية والدولية ماهر الحمداني لموقع “سكاي نيوز عربية”: “واضح تماما أن التصعيد الجاري في خيرسون من قبل كييف سيعطي مؤشرا حول مدى جدية موسكو في ضمها ومعها المناطق الثلاث الأخرى، فإن لم نشهد ردا روسيا حاسما حيال التوغل الأوكراني فيها، فهذا يعني أن روسيا ربما في معرض التراجع عن خطوة الضم والعكس صحيح”.

ويضيف الحمداني: “خيرسون كانت كما هو معلوم من أولى المدن الاستراتيجية التي وقعت في يد الروس بعد نحو 3 أسابيع فقط من بدء الحرب، ولهذا ربما يستشرس الجانب الأوكراني في استردادها، خاصة وأنها قد صوتت عبر استفتاء لصالح الانضمام لروسيا”.

وتابع: “لكن إجلاء السكان المدنيين من خيرسون وهو ما شدد الرئيس الروسي بوتين الجمعة، على تطبيقه سريعا قد يفيد بإن موسكو بصدد خوض معركة شرسة مع القوات الأوكرانية هناك”.

بدوره، يقول الأستاذ بمدرسة موسكو العليا للاقتصاد رامي القليوبي، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “في الواقع عملية اندماج هذه المناطق الأربع بروسيا بدأت حتى قبل تنظيم استفتاءات الضم التي تمت في نهاية سبتمبر الماضي، فهي كانت تعتمد مثلا كود الاتصال الدولي الهاتفي لروسيا ولوحات السيارات الروسية، وهكذا فعندما تم الإعلان عن انضمامها رسميا فإن الأمر بدا كتحصيل حاصل وهو لم يغير كثيرا على أرض الواقع، لكنه أضفى ولا شك طابعا رسميا لعملية ضم تلك المناطق للاتحاد الروسي”.

ويضيف الخبير بالشأن الروسي: “هذه الأقاليم باتت منضوبة ضمن روسيا دستوريا، وهو ما يعني أنها حالها حال كافة مناطق وأقاليم البلاد وتعامل مثلها تماما، بحيث تحظى بكافة الحقوق في الدفاع والحماية والإعانات والرواتب التقاعدية وغير ذلك، فمثلا في مقاطعة خيرسون التي هي مقبلة على معركة كبيرة ما بين الجيشين الروسي والأوكراني، يتم منح مبلغ 100 ألف روبل روسي وهو ما يعادل نحو 1700 دولار أميركي كتعويض عن إجلاء الواحد من سكانها وغير ذلك من وجوه الدعم التي تقدمها موسكو لهذه المناطق وسكانها”.

أين وصلت إجراءات الضم؟

في أحدث الإجراءات الروسية لإتمام عملية ضم كل من دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوروجيا، أقيمت مراسيم تنصيب أعلام تلك الأقاليم الأربعة الجديدة ضمن روسيا الاتحادية في صالة الأعلام في مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي، وهو الغرفة العليا ببرلمان روسيا، حيث تم تثبيت الرموز الرسمية لتلك المناطق التي أجرت استفتاءات انضمام لروسيا، وليرتفع بذلك عدد الجمهوريات والأقاليم المشكلة للاتحاد الروسي إلى 89 كيانا إداريا.

أهمية خيرسون الاستراتيجية

  • هي أول مدينة أوكرانية رئيسية سقطت بيد القوات الروسية منذ اندلاع الحرب، مما شكل دفعة معنوية قوية لموسكو.
  • تقع ضمن الأقاليم الأربعة التي أعلن الكرملين في 30 سبتمبر ضمها إلى روسيا، وبالتالي فإن سيطرة الأوكرانيين عليها مجددا ستشكل ضربة قوية لموسكو .
  • المقاطعة لها أهمية خاصة، إذ يضم سد محطة كاخوفكا لتوليد الكهرباء، وجسر أنتونوفسكي الذي يربط المدينة بالضفة الجنوبية لنهر دنيبرو وبقية منطقة خيرسون.
  • تعتبر ميناء مهما ورئيسيا على البحر الأسود ونهر دنيبرو.
  • تطل على بحر آزوف من الجنوب الشرقي، والبحر الأسود من الجنوب الغربي، علاوة على أنها تشكل بذلك حلقة وصل بين شبه جزيرة القرم وإقليم دونباس شرقي أوكرانيا.
  • تمتلك أكبر ميناء في أوكرانيا لبناء السفن في البحر الأسود، وهي مركز رئيسي للشحن.

هذا وتبلغ مساحة المناطق الأوكرانية الأربع التي نظمت فيها استفتاءات الضم لروسيا من 23 ولغاية 27 من سبتمبر المنصرم، أكثر من 100 ألف كلم مربع، أي ما يشكل نحو 20 في المئة من مجموع المساحة الأوكرانية، ويصل عدد سكان تلك المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية إلى نحو 7 ملايين نسمة، أي ما يقارب 15 بالمئة من مجموع سكان أوكرانيا .

skynewsarabia.com