وتواصل الأطراف المنخرطة في المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين) سعيها لإنهاء المفاوضات بشكل سريع.
غير أن أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، قال إن المفاوضات لا تزال بعيدة عن تحقيق “التوازن الضروري” في التزامات الأطراف، رغم ما وصفه بـ”التقدم الطفيف”.
وغرد شمخاني عبر “تويتر”: “تستدعي القرارات السياسية في واشنطن إيجاد توازن في الالتزامات للتوصل إلى اتفاق جيد”.
وبالتزامن، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا” عن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أن طهران لم ترَ أي مبادرة “جادة ومهمة” من واشنطن من أجل الاتفاق النووي.
كما دعا وزير الخارجية للالتزام بـ”خطوات عملية على أرض الواقع”، داعيا الولايات المتحدة لاتخاذ إجراءات لرفع العقوبات عن طهران “بشكل عملي وملموس”.
ومطلع الأسبوع، أكد منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أهمية الاستمرار في الجهود التي تبذل “بحسن نية” من كل الأطراف لإيجاد صيغة تامة ونهائية.
وأعلنت وكالة “فارس” الإيرانية للأنباء أن عبد اللهيان أكد في اتصال هاتفي مع بوريل أن طهران تبحث عن “اتفاق جيد بعزم وصراحة”.
وأردف وزير الخارجية الإيراني السبت: “لكن بنفس الصراحة والعزم، نؤكد على حماية خطوطنا الحمراء ومصالحنا الوطنية”. مضيفا: “منذ المحادثات السابقة، حدثت بعض التطورات الإيجابية لكنها ما زالت لا تلبي توقعاتنا”.
قلق إسرائيلي
وإلى ذلك، عدّ رئيس الحكومة الإسرائيلي نفتالي بينيت، أثناء جلسة للحكومة، الأحد، الاتفاق مع إيران “على أساس الشروط الراهنة سيضر بمواجهة البرنامج النووي الإيراني”.
وقال: “من يعتقد بأن مثل هذه الاتفاقية ستزيد من الاستقرار فهو مخطئ. كلنا في المنطقة سوف ندفع ثمناً باهظاً”.
وفي حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، وصف الباحث في الشأن الإيراني، نزار جاف المفاوضات بـ”ماراثون طويل” حفل بالمواقف المتناقضة مثلما كانت مفاوضات 2015، مع الأخذ في الاعتبار أن إيران 2022 ليست کإيران 2015؛ إذ تعيش الآن أوضاعا صعبة.
ويردف جاف أن الإيرانيين يتظاهرون بأنهم في موقف متماسك، ولكن ما يمكن استخلاصه بعد التسريبات الأخيرة (بشأن اجتماع حكومي يحذر من اشتعال الاحتجاجات الداخلية على التدهور الاقتصادي)، يظهر أنهم في أمس الحاجة للاتفاق إذا تضمن تلبية بعض مطالبهم.
لعبة المراوغة
وعن أساليب طهران في التفاوض، قال المحلل السياسي إنها “تلعب وتناور وتراوغ من أجل انتزاع مکاسب من مفاوضيها”، كما تحاول الاستفادة من الاختلافات في مواقف وفود التفاوض، روسيا والصين والأوروبيين، في الضغط على واشنطن والحصول على تنازلات.
وفي هذا اعتبر أن تصريحات علي شمخاني “مسعى لممارسة الضغط على روسيا والصين والقوى الغربية، لكي يدفعوا إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لتقديم المزيد من المكاسب بعد أن أعادت إعفاءات كانت تحمي الدول والشركات الأجنبية المشاركة في مشاريع نووية إيرانية غير عسكرية من خطر عقوبات أميركية”.
وكان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ألغى هذه الإعفاءات عام 2020 ضمن سياسته التي عرفت بـ”الضغوط القصوى”.
وفي تقدير “جاف” فالحقيقة التي ينبغي على المفاوضين الانتباه لها هي أن “طهران ماضية في المراوغة والخداع والتمويه، وأن إدارة بايدن لو ظلت على مسارها الحالي في المحادثات فيجب أن ننتظر نتائج لن تكون بأفضل مما تمخض عنه الاتفاق مع إيران في 2004 و2015”.