وإن كان موقع باخموت في منطقة دونيستيك، إحدى 4 مناطق ضمتها روسيا لأراضيها في استفتاء سبتمبر الماضي، يوضح لماذا تتمسك بها موسكو، يبقى التساؤل عن أسباب الإصرار الأوكراني على القتال في المدينة رغم الاستنزاف الحاصل، ورفضها فكرة سقوطها.

لماذا تأخر الحسم؟

المتابع لمعركة باخموت سيدرك مدى أهميتها العسكرية، فرغم صغر حجمها، إلا أن إصرار الجيشين الروسي والأوكراني على التخندق حولها للاستيلاء عليها على مدار 8 أشهر يكشف حساسية موقعها.

وهنا يقول هوفمان مارتشينكو، الخبير بالمركز الوطني الروسي للدراسات العسكرية، إن لا شك أن المعركة الطويلة استنزفت القوات الروسية، وظهرت ظهرت الخسائر بشكل كبير في صفوف “فاغنر” التي اعترف وصف رئيسها المعركة منذ أيام بـ”مفرمة اللحم”.

ويتابع مارتشينكو لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه حسب معطيات الأرض أصبحت “باخموت” بالفعل تحت السيطرة الروسية، وتم قطع جميع طرق الإمدادات للقوات الأوكرانية.

لكن يبقى السؤال الهام: لماذا طالت تلك المعركة الشرسة لأشهر؟

في الإجابة، يفند مارتشينكو، أسباب تأخر حسم المعركة وسقوط تلك المدينة، فيما يخص مسألتي التخطيط والأداء العسكري:

أولا: التخطيط

  • اتبعت أوكرانيا في تلك المنطقة إستراتيجية حرب الشوارع من البداية وعلى مدى 3 أشهر تقريبا.
  • انتقلت كييف بعد ذلك لمرحلة الاستنزاف للقوات مما دفع مجموعة “فاغنر” تتقدم تحت غطاء مدفعي.
  • “فاغنر” نجحت في حسم معارك الشوارع، ولكن الحصيلة كانت مكلفة للغاية في الذخائر والأرواح.

ثانيًا: الأداء العسكري

  • أرضية المدينة معدة بشكل حصين ويصعب اختراقها من مداخلها.
  • أعماق أنفاقها تصل لأكثر من 30 مترًا، وكبيرة في مساحتها.
  • لها مداخل ومخارج من اتجاهات عديدة وتتصل بأنفاق تمتد لأماكن بعيدة من المدينة.
  • تتمتع بمخارج سرية لمهاجمة القوات المعتدية من أماكن مختلفة.
  • الملاجئ الأرضية تحتوي على مساكن وشبكة اتصالات.

ماذا وراء صمود كييف؟

المتحدث باسم القيادة العسكرية الأوكرانية الشرقية، سرهي تشيريفاتي، صرح لوكالة رويترز بأن المكان الذي قال رئيس مجموعة “فاغنر”، يفغيني بريغوجين، إنها رفعت العلم الروسي فوقه في باخموت “ليس معروفا”، والحديث عن رفع العلم هناك “زور”.

وزاد بالقول: “لقد رفعوا العلم على مراحيض. رفعوه في مكان مجهول، علقوا قطعة قماش وقالوا إنهم استولوا على المدينة. حسنا، فلندَعهم يعتقدون أنهم استولوا عليها”.

ويرى الباحث في الشأن الدولي، ضياء نوح، خلال حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” في تعليق القيادة الأوكرانية أنها ترفض الاعتراف بالهزيمة وسقوط المدينة لهذه الأسباب:

  • عامل نفسي؛ لأن المعركة مستمرة منذ شهور والحسم فيها يعني انتصارا نفسيا كبيرا لمن يستولي على المدينة.
  • تُعد هزيمة متكاملة للدعم الغربي والسلاح الحديث الذي يتم إرساله لأوكرانيا، وستتراجع وتيرة شحن هذا السلاح.
  • الاعتراف بسقوط المدينة يترتب عليه أيضا تمهيد الطريق للقوات الروسية لتسيطر على مدن عدة شرقي أوكرانيا.
  • ستتضاعف الهجمات الروسية في عمق خطوط دفاع القوات الأوكرانية.
  • خسارة نقطة اتصال كبيرة وربط بين مدن أوكرانيا الصناعية.

ولا يزال الأوكرانيون يتشبثون بآمال عريضة في عدم السقوط الكامل للمدينة، ويقاتلون في الجزء الغربي، وسط إشادة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بما يقدمه المدافعون عن باخموت من “تضحيات وبطولات”.

skynewsarabia.com