وبإعلان الجيش النيجري عن مقتل “البرناوي“، فإن التنظيم الذي تمكن تحت قيادته في أن يكشر عن أنيابه بتنفيذ جملة من العمليات المسلحة، قد فقد عنصراً رئيسياً كان يراهن عليه داعش في إقليم غرب القارة السمراء بشكل عام. بينما لم يصدر بيان تأكيد أو نفي من قبل التنظيم لعملية مقتل البرناوي.

وبعد الإعلان عن مقتل “البرناوي” تدور تساؤلات حول مدى تأثير تساقط القيادات على مستقبل التنظيمات المتطرفة في أفريقيا بشكل عام، وبشكل خاص في غرب القارة

مقتل القيادات
الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، ماهر فرغلي، يقول إن مقتل البرناوي “يأتي في إطار المعارك الدائرة في غرب إفريقيا ضد تنظيم داعش، والتي أسفرت عن مقتل عدد من قادة التنظيمات المتطرفة، كان من بينهم زعيم تنظيم بوكو حرام أبو بكر شيكاو، فضلاً عن أبي الوليد الصحراوي”، مرجحاً أن يكون مقتل “برناوي” قد جاء بوشاية من أحد العناصر المتطرفة (في إشارة للصراعات الداخلية التي تواجهها التنظيمات المتطرفة في أفريقيا).

 

ويوضح فرغلي، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية” من القاهرة، أن التنظيمات المتطرفة في غرب إفريقيا هي تنظيمات قوية، ولديها مقوماتها الخاصة.. لكنها قطعاً تتأثر بمقتل القيادات، مشدداً على أن “البرناوي” كان له وضعه الخاص، وكان تنظيم داعش يوليه اهتماماً خاصاً في قيادة هذه المنطقة في غرب القارة، وتم إسناد المهمة إليه لمقاومة أبو بكر شيكاو قبل مقتله، والسيطرة على التنظيم، وقد نجح في ذلك تماماً.

 

ويردف فرغلي قائلاً: “الوصول لتلك الشخصية (البرناوي) معناه إحداث هزّة كبيرة جداً داخل جسد التنظيم”، لكنه يعتقد في الوقت نفسه بأن التنظيم -وفق المعطيات الراهنة- قادر على التماسك، رغم تلك الهزة الإدارية الكبيرة التي سيعاني منها، على اعتبار أنه عادة ما يكون هناك ترتيب داخلي لتولي القيادة من بعده “لكن ثمة تكلفة كبيرة جداً عليهم بناءً على مقتل قائد التنظيم”.

والبرناوي هو نجل مؤسس تنظيم “بوكو حرام” محمد يوسف. وكان قد تولى قيادة داعش في غرب إفريقيا في الفترة من أغسطس 2016 وحتى مارس 2019، ثم عاد لقيادة المجموعة مرة أخرى في مايو 2021. وكان يمثل المتحدث باسم “بوكو حرام” في وقت سابق قبل مبايعته لتنظيم داعش في 2014.

ويعتقد الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة بأن تساقط قيادات التنظيمات المتطرفة في إفريقيا واحداً تلو الآخر “إنما هو مؤشر على أن الحرب شرسة وقوية على التنظيمات هناك”، موضحاً في الوقت نفسه أن داعش عمل على زيادة عملياته بشكل مضاعف خلال العام الأخير  في تلك المنطقة تحديداً (غرب أفريقيا) في ظل اشتعال الحرب عليه.

 

وخلال النصف الأول من العام الجاري 2021، شهدت القارة الإفريقية -بدءاً من يناير وحتى نهاية يونيو- ما يزيد عن 315 هجوما، خلّف ما يزيد عن 5236 قتيلا، بخلاف المصابين والمختطفين، وذلك طبقاً للبيانات التي تظهرها تقارير عدسة الإرهاب في أفريقيا الصادرة عن مؤسسة ماعت للسلام والتنمية، والتي تُظهر إقليم غرب القارة كأكثر الأقاليم الخمس تضرراً لجهة تصاعد العمليتا المسلحة التي يشهدها.

عوامل القوة والضعف

الباحث المختص في شؤون الإرهاب الدولي، منير أديب، يشير إلى أن تنظيم داعش “يمر بمرحلة صعبة حالياً في إفريقيا؛ إذ يجد مواجهة شرسة من تحالف برخان بقيادة فرنسا وبعض الجهود التي تبذلها الدول الكبرى الداعمة لبعض الدول الإفريقية في مواجهة التنظيم”.

ويضيف إلى ذلك أيضاً ما يعانيه التنظيم أيضاً من “مواجهة أخرى مع تنظيمات أخرى محلية تجد أن التنظيم يشكل خطراً عليها”.

ويقول أديب في تصريحات خاص لموقع “سكاي نيوز عربية” من القاهرة: “المجموعات التابعة للتنظيم منقسمة في إفريقيا، وسط خلافات بين المجموعات التي كانت تتبع تنظيمات محلية (مثل بوكو حرام) وأعلنت مبايعتها لداعش في 2014 وتلك التنظيمات، وهي الخلافات التي أدت على سبيل المثال إلى مقتل أبو بكر شيكاو (في شهر يونيو الماضي)”.

ويشدد على أن المواجهات الشرسة التي تتعرض إليها تلك التنظيمات، إلى جانب الصراعات الداخلية تؤدي بشكل أو بآخر إلى إضعاف تلك التنظيمات التي يعتقد بأنها حتى الآن لا تزال تمتلك عوامل القوة، وهو الأمر الذي يعكسه تصاعد عملياتها  في الفترة الأخيرة.

ويلفت أديب إلى أن من بين تلك العوامل أن بعض الدول التي تتواجد فيها تلك التنظيمات هي دول ضعيفة على مستوى أجهزة الأمن والسياسة، ولا يوجد استقرار سياسي، بالتالي ينعكس ذلك على نشاط هذه التنظيمات، بخاصة في ظل سهولة التخطيط مع عدم إحكام الرقابة على الحدود، وإمكانية التخطيط في دولة أفريقية والتنفيذ في دولة أخرى بحرية شديدة”.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان منحنى تلك التنظيمات صاعداً أم أنها تتاثر بما تشهده من معاناة ومواجهات، يقول الباحث المتخصص في شؤون الإرهاب الدولي، إن التنظيمات الإرهابية في أفريقيا تتأثر بشكل قاطع بتلك المعاناة التي تؤثر عليها إلى حد كبير، لكن هذا لا يمنع نشاطهها أو قوتها.

skynewsarabia.com