وشارك الفيلسوف الفرنسي، جان بول سارتر وعدد من المقضاة والمفكرين في المحاكمة، وكان الهدف منها هو تحقيق وتقييم السياسية الخارجية الأميركية والتدخل العسكري في فيتنام.
وبعد 54 سنة على هذه المبادرة، يستعيد مكتب محاماة دولي تلك التجربة ليضيء على قضايا حقوق الانسان في تركيا.
وفي مقابلة خاصة مع “سكاي نيوز عربية”، قال يوهان هيمانس متحدثا باسم شركة “فان شتينبروغه”، ومقرها بلجيكا، إن مكتبه تلقى العديد من الطلبات للمساعدة القانونية من مواطنين أتراك يعيشون في الخارج للنظر فيما قالوا إنها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وتتضمن التعذيب والخطف.
ما القضية؟
يسجل يوهان هيمانس إنجازا مهما لمكتبه بعد أن اتخذ مجلس حقوق الإنسان في الثاني عشر من يونيو 2020 “قرارا شجاعا” بخصوص دعوى أقامها المكتب المذكور عام 2017 ضد الحكومة التركية.
وشملت التهم خطف مواطنَين تركيين من ماليزيا واقتيا دهما بالقوة الى تركيا حيث تم احتجازهما وتعذيبهما، فيما كان الرجلان مدرسين يعيشان منذ سنوات في كوالالمبور.
وقرر مجلس حقوق الانسان بعد النظر في الوقائع، أن على تركيا إطلاق سراحهما وتعويضهما بعد انتهاك حقوقهما لسنوات، على أن تتجنب حصول ذلك مجددا في المستقبل وذهب القرار إلى حد رأى فيه أنه لم تعد هناك سيادة للقانون في تركيا.
لكن نظرا لأن سلطة مجلس حقوق الإنسان معنوية، فقد تجاهلتها تركيا، بل على العكس من ذلك، فبعد أسبوعين من القرار أدينا بأحكام أطول وما زالا قابعين في السجن.
ويضيف المحامي المتخصص بقضايا حقوق الانسان: “عندما رأينا عدد الشكاوى والطريقة التي يتم التعامل فيها مع مجلس حقوق الانسان ارتأينا إنشاء ما اسميناه بـ’محكمة تركيا‘ على أن تنعقد في جنيف في 22 من سبتمبر المقبل” وبالتالي أدى قرار مجلس حقوق الإنسان الى تطور طبيعي في اتجاه قرار إنشاء المحكمة.
وردا على سؤال بشأن أصحاب الشكاوى وعما إذا كانوا من الأفراد أو الأحزاب أو المؤسسات، قال يوهان هيمانس إنهم أفراد عائلة الموقوفين، كما أن الشخصين اللذين يدافع عنهما عاشا لسنوات في ماليزيا وأفراد عائلتيهما يعيشون في أوروبا.
نخبة رجال القانون
وعن المحكمة، يقول يوهان فانديلانوت، وهو وزير سابق شغل أيضا منصب نائب رئيس الوزراء في بلجيكا وعمل على انشاء المحكمة، إنها تنظر بشكل أساسي في فترة تقارب 5 سنوات؛ أي منذ بداية عام 2016 وبعد نهاية المفاوضات بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني والمحاولة الانقلابية عام 2016 ويتم الاستناد إلى تقارير موثوقة حول الانتهاكات تدور حول 6 قضايا، هي التعذيب، والإفلات من العقاب عند حدوث التعذيب، والمساعدة الطبية للمحتجزين في السجن، والمساعدة القانونية للموقوفين، والاختطاف، وحرية الصحافة.
أما قضايا مثل احتلال أراض في سوريا أو العراق، فليست في الوقت الراهن من اختصاص المحكمة.
ويضيف فانديلانوت أن عمليات الخطف في ماليزيا حصلت أكثر من مرة، ففي أغسطس 2019 اختطف أشخاص آخرون من ماليزيا من قبل السلطات التركية، وسجلت حالة اختطاف أخرى في دول أخرى، ومنها أوكرانيا.
فيما تعتمد العمليات في العادة عن دول أو حكومات أو رؤساء وزراء لدول يسمحون لتركيا بالقيام بذلك على أراضيهم.
وإن كان بعض الحالات مثار جدل إلا إن محاولات مماثلة سجلت في دول أوروبية وهي قيد التحقيق من قبل المدعي العام في سويسرا مثلا، حيث تحقق السلطات في ما إذا كان دبلوماسيون أتراك خططوا لخطف رجل أعمال تركي.
وأكد مكتب المدعي العام أن قضية جنائية رفعت للاشتباه في القيام بجمع معلومات استخبارية والشروع في القيام بأعمال ممنوعة من قبل دولة أجنبية وقد بدأ التحقيق في القضية عام 2017.
ما شكل “محكمة تركيا” ؟
يقول منسق المحكمة يوهان فانديلانوت “نبدأ في 22 سبتمبر، على مدى أسبوع”، موضحا “3 أيام ونصف لتقديم 6 تقارير، وسيكون هناك شاهد في كل تقرير يدلي بشهادته لمدة 30 دقيقة؛ في الإجمال لدينا 18 شاهدا، ثم يجلس القضاة الستة صباح يوم الجمعة ليصدروا قرارهم بعد الظهر وسيتم نشر القرار، كما ستمنح الفرصة للحكومة التركية التي نتواصل معها للرد ونمنحهم الكلمة إذا أرادوا ذلك”.
وأضاف “كان لدينا أول اتصال معهم قبل شهر ولكنهم لم يكونوا متحمسين، وبمجرد اتخاذ القرار سيتم نشر أي رد فعل من الحكومة التركية بشفافية، وسيتم بث جميع الجلسات مباشرة وستكون هذه الجلسات على موقع مكتب المحاماة للمتابعة|.
من هم القضاة؟
يقول الوزير السابق ومنسق المحكمة، يوهان فانديلانوت، إن جمع القضاة استغرق 8 أشهر، موضحا أنهم من بلجيكا وجنوب إفريقيا والولايات المتحدة وسويسرا وألبانيا وأستراليا؛ وهم من أفضل من عمل في مجال حقوق الانسان.
أما بالنسبة للتمويل، فيقول فانديلانوت إنه غير كاف وما زال يحاول الحصول على التمويل، وقد حصلت المحكمة عبر التبرعات على مبلغ 200 ألف يورو ولا يسمح لأي مساهم دفع أكثر من 5 آلاف يورو حفاظاً على استقلالية قرار المحكمة وحيادها.
وحول سؤال عما إذا كانوا مستعدين للقيام بذلك بخصوص دول أخرى، قال فانديلانوت “لتنجح المحكمة ثم نرى”، إنها قضية أخلاقية، مؤكدا أن شركاءه سيفعلون أي شيء لحماية حقوق الإنسان.