وتوجد محطة “زابوريجيا” في مقاطعة تحمل ذات الاسم جنوب أوكرانيا، وهي مجاورة لأماكن تسيطر عليها روسيا مثل ماريوبول وخيرسون، والأخيرة أحرزت فيها القوات الأوكرانية تقدما الأيام الماضية واستردت بلدات فيها؛ ما يجعل تخلي أي من الطرفين عن المحطة وموقعها الاستراتيجي أمرا صعبا.
والأحد، أعلنت شركة أوكرانيا توقف العمليات بالكامل في المحطة التي تسيطر عليها روسيا منذ مارس، بعد فصل الوحدة السادسة بالمحطة عن شبكة الكهرباء.
وتتبادل روسيا وأوكرانيا الاتهامات بشأن القصف المستمر لأهداف قريبة من المحطة؛ ما يضع سلامة أكبر محطة نووية في أوروبا، على حافة الخطر، وأن تصحو أوروبا فجأة على كارثة تجدد ما حصل في انفجار مفاعل تشرنوبل القريب منها عام 1986.
المواقف من دعوة المنطقة الآمنة
في إفادته أمام مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي، قال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائل غروسي، إن الحل المؤقت لضمان سلامة المحطة هو إقامة “منطقة أمن نووي”، فيما يعني إبعاد أي مظاهر مسلحة من حولها.
ومن ناحيته، رحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بهذا المقترح، ما دام سيؤدي لنزع السلاح من محيط المحطة.
ولم يتضح بعد الرد الرسمي من موسكو، إلا أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، أبلغ نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي، الساعات الأخيرة، بـ”التدابير التي اتخذها خبراء روس لضمان أمن المحطة”.
وشدد على ممارسة ضغوط على كييف، لتوقف فورا “هجماتها”؛ ما يؤشر لتمسك روسيا بالوجود في المحطة بحجة حمايتها.
احتمالات تطبيق المنطقة الآمنة
سرد متخصصون لموقع “سكاي نيوز عربية” احتمالات تطبيق المقترح على الأرض.
فيرى آصف ملحم مدير مركز “جي سي إم” للدراسات ومقره موسكو، أن الدعوة ليست واقعية لعدة أسباب:
• ما زالت الحقيقة عائمة في تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ أي حقيقة المسؤول عن قصف المحطة، معتبرا أن الدعوة تتضمن اتهاما مبطنا لموسكو بالمسؤولية عن احتمال حدوث الكارثة النووية.
• يتعرض مفتشو الوكالة الدولية لضغوط غربية للإيحاء بأن موسكو هي التي تهدد أمن المحطة؛ لإحراجها وإجبارها على الانسحاب.
• هناك مشكلة في مصطلح المنطقة الآمنة؛ لأنه إذا كان يعني خروج القوات الروسية من محيط المحطة؛ فهو يعني ببساطة عودة القوات الأوكرانية إلى هذا المكان، وقيامها بأعمال استفزازية ضد سكان المنطقة.
• وهناك تفسير آخر للمنطقة الآمنة بضرورة انعقاد مجلس الأمن لتدبير غطاء دولي يضمن وجود قوات تحمي سكان مدينة إنيرغودار المجاورة.
هدف موسكو الثمين
في المقابل، يُحمل كاميل جيل كاتي، السياسي البولندي، موسكو احتمال إفشال مقترح منطقة “الأمن النووي” مرجعا ذلك إلى:
• موسكو تستخدم المحطة لترهيب أوروبا.
• لا تريد موسكو الانسحاب عسكريا من محيط المحطة، مستدلا برفضها الدائم لنزع السلاح منها.
• تحويل كهرباء المحطة للمدن الواقعة تحت السيطرة الروسية هدف اقتصادي ثمين لموسكو يساعدها في إعادة إعمار البنية التحتية لمناطقها بأقل التكاليف.
الحل القريب
أما عن الحل الذي يراه واقعيا، فيقول ملحم إنه يكمن في وقف إطلاق النار، وهو ما سيحمي المحطة وأوروبا كلها من أي كوارث نووية.
ويتساءل، لماذا تصر أوكرانيا على قصف القوات الروسية في محيط المحطة رغم خطورة الأمر؟ ويجيب بأنها تهدف للضغط على المجتمع الدولي بكارت المحطة لإرسال قوات حفظ سلام تجبر الروس على الرحيل.