وقال سفير النيجر لدى الأمم المتحدة، عبدو أباري، الذي سيشارك في تنظيم الزيارة، برفقة نظيره الفرنسي نيكولا دي ريفيير، إن منطقة الساحل تواجه مختلف أنواع التحديات، من مكافحة الإرهاب إلى إشكالية الإغاثة الإنسانية وصولا إلى أثر التغير المناخي والحوكمة.

في غضون ذلك، ذكر دي ريفيير، أن الوضع في منطقة الساحل ما يزال هشا جدا، متحدثا عن إرساء الاستقرار في مالي وضرورة بحث كيفية دعم جهود دول الساحل الخمس لضمان أمنها.

وتأتي الزيارة في الوقت الذي تبحث فيه حكومة مالي عن شركاء جدد بدلا من فرنسا التي أعلنت عن سحب قواتها المشاركة ضمن قوة “برخان”، وسط أنباء عن التعاقد مع قوات “فاغنر” الروسية لتحل محل القوات الفرنسية العاملة في منطقة الساحل.

 الإرهاب وهشاشة الوضع

وتتحدث سالي فريد، أستاذة الاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، عن مدى اهتمام الغرب بدول الساحل، حيث إن منطقة الساحل تعد نموذجا لمدى قدرة الإرهابيين على استغلال كل أشكال الهشاشة، لكي يجدوا لأنفسهم على حسابها مرتكزات وجود وتكاثر، كما لو أن الأمر أشبه ما يكون بطفيليات تتكاثر على كل جسم استسلم لعوامل المرض والضعف.

وأضافت سالي فريد، في دراسة نشرها مركز “فاروس” للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، أن التنظيمات الإرهابية استطاعت أن تستغل الهشاشة الجغرافية للمنطقة، التي تتأرجح بين المناطق الصحراوية الشاسعة، وبين المناطق الاستوائية التي يغلب عليها الطابع الغابي، وهو ما سمح لها بأن تجد بسهولة مهربا ومخبأ استراتيجيا، وهو ما يصعب مهمة ضبط التنظيمات ومحاربتها.

وأوضحت الباحثة أنه تم استغلال الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية السائدة، حيث تعد المنطقة من أفقر بقاع العالم، كما أنها منطقة تهريب مفتوحة لا يحسب فيها شأن للحدود المحلية، الأمر الذي يجعل جزءًا كبيرًا من التبادلات يتم في إطار غير رسمي.

وتوفر هذه الفوضى مناخا مناسبًا للفساد المالي، وهو وضع يزيد في تعقيد مهام محاربة الإرهاب، على اعتبار أن هذا الأخير يجد سهولة أكبر في تمويل عملياته، وكذلك في الخروج من قبضة القانون، الذي لا يبدو أنه يملك صلاحيات صارمة وحاسمة في المنطقة.

وأشارت إلى أن هذا الوضع شجع الإرهابيين على أن يقدموا أنفسهم كبديل عن الدول نفسها، فجعلوا يجْبُون من السكان إتاوات باسم “جمع الزكاة”، ويروجون لأنفسهم كضمانات للأمن أكثر مما تستطيعه الجيوش النظامية، وذلك في إطار دعاية تحاول تبييض الوجه الدموي للتنظيمات الإرهابية.

تراجع دور فرنسا

من جانبه، يقول المحلل السياسي والخبير في الحركات المتطرفة من مالي، عبد الله ميغا، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن فرنسا اتخذت زمام المبادرة في العمليات القتالية ضد العناصر الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي، كما تأخذ باريس على عاتقها تحمل العبء الأكبر في عملية “برخان” العسكرية في منطقة الساحل، وهي في طريقها للانتهاء.

وأوضح ميغا أن هناك تعاونا لوجيستيا بين الولايات المتحدة وفرنسا، في الحرب على الإرهاب بمنطقة الساحل الإفريقي، لافتا إلى أن هذا الدعم يتمثل في تقديم معلومات استخباراتية عن العناصر الإرهابية من تنظيمي القاعدة وداعش والمتمركزة في هذه المنطقة، لاسيما في ظل ضعف التنسيق الأمني بين دول الساحل وضعف مراقبة الحدود.

وأشار إلى أن هذا الدور الفرنسي أخذ في التراجع مع الحديث عن تعاقد السلطات في مالي مع عناصر من قوات “فاغنر” الروسية، الأمر الذي قد يدفع المنطقة للدخول في دوامة عدم الاستقرار.

 الإمكانيات الاقتصادية

ويذهب البعض للحديث عن اهتمام الغرب بمنطقة الساحل الإفريقي، نظرا لما تزخر به هذه المنطقة من ثروات معدنية مثل الذهب واليورانيوم والفوسفات، كما باتت الثروة النفطية عامل جذب كبير لدول العالم، حيث تصدر تشاد النفط ما يقارب 200 ألف برميل يوميا.

وتعتبر مالي ثالث منتج إفريقي للذهب بعد جنوب إفريقيا وغانا، وتتميز النيجر بكونها ثالث دولة مصدرة لليورانيوم في العالم بعد أستراليا وكندا، بالإضافة إلى نيجيريا التي تعد أكبر دولة مصدرة للنفط بحجم إنتاج يومي يصل إلى 27 مليون برميل واحتياطي يبلغ 36 مليار برميل.

وتقول سالي فريد لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن استقرار منطقة الساحل والصحراء بصفة عامة يعني استقرار المصالح الغربية والأوروبية والمتمثلة في مصادر الطاقة واليورانيوم، حيث تمثل موريتانيا مخزونا هاما من الحديد المهم لصناعة الصلب في أوروبا.

وتحتل النيجر المرتبة الرابعة عالميا في إنتاج اليورانيوم بنسبة 8.7 في المئة من الإنتاج العالمي وتغطي ما نسبته 12 في المئة من احتياجات الاتحاد الأوروبي، كما تشير الدراسات إلى أن تشاد وموريتانيا والنيجر تشكل ثروة بترولية مهمة.

وتشير سالي إلى كون الساحل منطقة عبور استراتيجية لمشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء ويمتد على مسافة 4128 كم، بإمكانيات سنوية قد تصل إلى 30 مليار متر مكعب، ينطلق من “واري” في نيجيريا ويصل إلى “حاسي الرمل” بالجزائر مرورا بالنيجر.

ويتيح المشروع لأوروبا التزود بالغاز الطبيعي، رغم ما قد يعترض تحقيقه من مخاطر جيوسياسية ترتبط بالوضع الأمني في المنطقة وبالتنافس الدولي على ثرواتها.

وتبعا لذلك، فإن مصادر الطاقة التي تتوفر عليها دول الساحل الإفريقي هي ما جعل دول الاتحاد الأوروبي والدول الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة تتسابق عليها من أجل تنفيذ برامجها، فهي أصبحت تشكل أهمية بالغة لهذه الدول لما تتمتع به من موارد خام لم تستغل بعد وأصبح التنافس حول أخذ النصيب الأكبر منها وتأمين التزود بالطاقة انشغالا لمختلف القوى الدولية التقليدية منها والصاعدة، خاصة أن هذه الثروات لا تخضع لسيطرة سلطة مركزية قوية.

skynewsarabia.com