حالة التعاطف مع الرقيبة جي تكونت من خلال الصور التي نشرتها من قبل عن أعمالها داخل أفغانستان. فالشابة التي كانت تبلغ من العُمر 23 عاماً، كانت قد نشرت على صفحتها في منصة إنستغرام مجموعة من الصور الوجدانية والإنسانية، التي تُظهر تعاطفها وقُربها من المُجتمع الأفغاني خلال محنته هذه، بالذات تلك الصورة الشهيرة التي تظهر فيها وهي تحمل طفلة أفغانية بين ذراعيها، وتحاول تهدئة روع والدتها، مُعلقة “أُحب عملي”.

صور المقاتلة نيكول جي والمرويات اللاحقة التي سُردت عنها، أخذها الرأي العام الأميركي كنموذج للأوضاع الصعبة التي يعانيها أفراد الجيش الأميركي داخل مطار كابول الدولي، والمدفوعين تحت ضغط الزمن لإنجاز مهمة كبيرة جداً خلال أيام قليلة، بالذات إجلاء قرابة ربع مليون أفغاني، وتأمين المطار المحاصر أمنياً ولوجستياً، والتواصل مع أكثر من ألف أميركي تقطعت بهم السُبل داخل أفغانستان، ولا يستطيعون الوصول إلى المطار، وكل ذلك قبل نهاية شهر أغسطس الحالي، حيث لم تتبقَ إلا ساعات قليلة. وكل ذلك بسبب اتفاقيات غير مُعلنة أقرتها الإدارة السياسية للبلاد.

صور المُجندة الأميركية أظهرتها مُندمجة تماماً في الحياة العامة والثقافة الشرقية. ففي صورة تبدو مواسية وداعمة لامرأتين أفغانيتين وهُما تسيران نحو طائرات الإجلاء من مطار كابل، حيث كانت متأكدة من أن مشاعر الخشية والشعور بالفقد تنتابهما. وفي أخرى تبدو مبتسمة داخل الطائرة التي تقل بعض الأطفال والنساء الأفغانيات، وفي ثالثة تظهر وهي مُعتلية صهوة الجمل. فالضحية المذكورة كانت تنشر مختلف صورها عبر صفحتها الشخصية من منصة إنستغرام، وتضع مجموعة من التعليقات التي تدل على سعادتها بمهمتها وتعاطفها الوجداني مع الشعب في أفغانستان.

أحد أقرباء الضحية، ويدعى جبرائيل فوكو، صرح في مقابلات مع وسائل الإعلام الأميركية قائلاً “كانت تؤمن بما تفعله، لقد أحببت أن تكون جندية في مشاة البحرية، لم تكن تريد أن تكون في أي مكان آخر”.

ونادرا ما يتم الاستعانة بالجُنديات في سلاح المشاة الأميركي في المهام القتالية، وغالباً ما يقُمن بمهام لوجستية مساندة لجهود الفرق العسكرية. لكن في أفغانستان تمت الاستعانة بآلاف الجنديات في مهام الجيش الأميركي، لأنهن كُن الأكثر قُدرة ومكانة ثقة من المجتمع الأفغاني المحافظ.

 صحيفة التايمز البريطانية كانت قد أجرت مقابلة مع الملازم أول جون كوبولا، الذي كان مُشرفاً مباشرة على عمل المُجندة المذكورة، قال فيها “لم تكن خدمتها حاسمة في إجلاء الآلاف من النساء والأطفال فحسب، بل تلخصت مهمتها في التعبير ما يعنيه أن تكون جندياً، عرضت نفسها للخطر من أجل حماية الآخرين بها”.

 المعلق الأميركي في راديو “صوت” دامر كوبان، شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية معاني الاهتمام الأميركي بصور هذه المجندة “تلاقي الصور المليئة بالإنسية والدفء الوجداني التي نُشرت عن الضحية ما يتلهف المُجتمع والرأي العام الأميركي لسماعه، إلا وهو الوجه الإيجابي للجيش والعملية العسكرية الأميركية في أفغانستان. فأحداث الأيام الأخيرة ذهبت لزرع نوع من النزوع الأميركي نحو لوم الذات لما وصلت إليه الحالة الإنسانية في أفغانستان، وتالياً فإن الراي العام يلهث في سبيل إيجاد أي صورة وحكاية قد تكون بديلة عن ذلك، وصور المقاتلة جي كثيرة الدلالة في ذلك الاتجاه”.

skynewsarabia.com