حصار وقصف ومحاولة سيطرة على المدينة التي أعلنت السلطات داخلها عن قتل نحو 2500 مدني، منذ بدء العملية العسكرية، كما ذكر الجيش الأوكراني، الثلاثاء، أن القوات تصدت لتقدم روسي تجاه المدينة التي تواجه قصفا جويا مكثفا منذ أيام؛ فلماذا كل هذا الإصرار على سقوط ماريوبول؟
في البداية ولمعرفة طبيعة المعركة حول مدينة ماريوبول، يقول المحلل العسكري الروسي ألكسندر أرتاماتوف إن المدينة تنتمي إلى أراضي جمهورية دونيتسك الشعبية وتقع داخل حدودها الإدارية وهذا أدى إلى زيادة الصراع حول المدينة.
وأوضح أن “أوكرانيا لا تعتبر أن سكان تلك المدينة من سكانها الأصليين ولذلك تدمر المدينة بأي ثمن وتستخدم السكان دروعا بشرية”.
جوهرة على مائدة بوتن
تدور معارك عنيفة منذ أكثر من أسبوع بينالجيش الروسي والقوات الانفصالية من جهة والقوات الأوكرانية من جهة أخرى للسيطرة على المدينة الاستراتيجية المطلة على الساحل الشرقي لأوكرانيا.
وهنا يقول المحلل العسكري الروسي ألكسندر أرتاماتوف، خلال تصريحاته لـ”سكاي نيوز عربية”، إن السيطرة على المدينة ستسمح لموسكو بالربط بين قواتها في شبه جزيرة القرم وتلك الموجودة في المناطق الانفصالية في دونباس.
وأضاف أنه من المهم إحكام السيطرة الكاملة على ساحل بحر أزوف، بخلاف أنها حتى الآن أكبر مدينة لا تزال في أيدي كييف في حوض دونباس الذي يضم مناطق دونيتسك ولوغانسك.
من جانبه، يقول الأستاذ المساعد بالعلاقات الدولية في جامعة لوباتشيفسكي الروسية عمرو الديب تكمن أهمية ماريوبول في 3 نقاط: “الأولى أن أراضي هذه المدينة هي الطريق البري الموصل من روسيا وشرق أوكرانيا مع شبه جزيرة القرم، وحال السيطرة عليها بالكامل فستشهد العملية تقدما كبيرا في العملية العسكرية وتنفيذ أهم أهدافها عزل أوكرانيا بحريًا”.
وأوضح الأستاذ المساعد بالعلاقات الدولية في جامعة لوباتشيفسكي، خلال تصريحاته لـ”سكاي نيوز عربية”، أن “النقطة الثانية أن هذه المدينة هي الميناء الأهم والأكبر من حيث القدرة على بحر أزوف، والسيطرة عليه من قبل قوات روسية وقوات شرق أوكرانيا ستعني قدرة اقتصادية قوية لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك خصوصًا في مجال تصدير الفحم والمعادن”.
وتابع قائلًا: “النقطة الثالثة والأخيرة تتمثل في حرمان أوكرانيا من هذا الميناء والذي سيعني تقويضا واضحا لقدرات أوكرانيا الاقتصادية”.
صراع تدفق الأسلحة
السبت الماضي، أعلنت الولايات المتحدة إرسال أسلحة إضافية إلى أوكرانيا بقيمة 200 مليون دولار، تشمل شحنات جديدة من مدافع الهاون عيار 105 ملم، والمزيد من صواريخ جافيلين وستينغر المضادة للدبابات والمدرعات والطائرات.
من جانبها، حذرت روسيا من أن قواتها قد تتخذ إجراءات عسكرية بغية منع دول أجنبية من تصدير أسلحة إلى الحكومة الأوكرانية.
وأكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، أن تنظيم واشنطن لعمليات ضخ أسلحة من عدد من الدول إلى أوكرانيا لا يشكل خطوة خطيرة فحسب، بل وخطوة تجعل من قوافل الأسلحة تلك أهدافا عسكرية مشروعة للجيش الروسي.
وحول سباق التدفق المشتعل، قال أرتاماتوف إن موسكو لن تقبل بتزويد أوكرانيا بالأسلحة، وقد صرح بذلك بشكل لا لبس فيه وبشكل متكرر ممثل روسيا لدى الأمم المتحدة.
وأوضح أن بخلاف التحذير فالمجال الجوي الأوكراني يخضع بالكامل لسيطرة روسيا، مؤكدًا أن الأسلحة التي يتم إرسالها تحتاج إلى خبراء للتدريب وهذا غير موجود على الأرض الجميع ترك أوكرانيا وهرب.
من جانبه، يقول الأستاذ المساعد بالعلاقات الدولية في جامعة لوباتشيفسكي الروسية إن موسكو أمامها فقط طريق واحد بالنسبة للتعامل مع شحنات الأسلحة، وهذا الطريق هو ضمان تدمير أي أسلحة غربية يمكن إدخالها إلى أوكرانيا لأنها ستعتبر هذا الأمر وكأنه حرب عليها وفي الرد على ذلك مسألة التدمير هي الطريق الوحيد للقيادة الروسية.
وبالنظر إلى استراتيجية وعقيدة الجيش الروسي الحالية، والقدرات التي أظهرها في النزاعات الأخيرة، من المرجح أن يشن حرباً أولية قصيرة ومكثفة، قد تنتج تأثيرات حاسمة حتى قبل الانخراط الكامل للقوات البرية الروسية، حيث يجري إطلاق القنابل والصواريخ الموجهة بدقة ضد قوات العدو والبنية التحتية التي تدعم القتال.
موعد الحسم
مع انطلاق العملية العسكرية الروسية الشهر الماضي، وبعد مرور يومين أكد الكرملين أنه لا أحد يستطيع أن يجيب عن سؤال متى تنتهي الحرب الروسية على أوكرانيا سوى الرئيس الروسي فلاديمير بوتن.
وأوضح المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن “الرئيس بوتن هو من يحدد مدة العملية الخاصة في أوكرانيا، وهذا يتوقف على مدى فعاليتها وجدواها”.
وأشار بيسكوف إلى أن “الهدف من العملية العسكرية الروسية هو منع عسكرة أوكرانيا لأن هذا يشكل تهديدًا للشعب الروسي”، موضحًا: “هذا يعني تحييد القدرات العسكرية التي نمت بشكل كبير مؤخرًا بفضل المشاركات النشطة للدول الأجنبية”.
وهنا توقع المحلل العسكري الروسي أن يكتمل الجزء العسكري من العملية الخاصة في غضون شهر ونصف، قائلًا: “أوكرانيا بلد كبير والضغط البطيء على المسلحين.. لا يمكن لبديهية المناطق السكنية أن تسير بسرعة. ويمكن أن تستمر المرحلة الثانية وهي نزع السلاح من ثلاث إلى خمس سنوات”.
من جانب آخر، يقول عمرو الديب إنه من الصعب وضع تاريخ معين لانتهاء هذه العملية العسكرية ولكن انتهاءها مرتبط بتحقيق أهداف العملية العسكرية والباقي عن طريق التفاوض، وهذا يظهر من خلال المباحثات الثنائية بين روسيا وأوكرانيا، وتابع: “كل ما نعلمه في هذا الصدد هو أن استمرار العملية العسكرية أمر خطير سواء لروسيا او لأوروبا والعالم”.