وكشف الناشط التركي في مجال حقوق الإنسان، تونا بيكليفيتش، في حديث مع صحيفة “تلغراف” البريطانية، أنه تلقى تهديدات بالقتل، وباغتصاب والدته وزوجته، من مجموعة حسابات على موقع تويتر، اتضح أنها تابعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي ينتمي له الرئيس رجب طيب أردوغان.
وأوضح الناشط البالغ من العمر 43 عاما، أنه شك في أن التغريدات التي توعدته هو وأسرته لا تعود لأناس عاديين، وإنما لما وصفه بـ”جيش أردوغان الإلكتروني“، لأن جميعها ظهرت بشكل مفاجئ بعد ساعة فقط من نشره تغريدة انتقد فيها الرئيس التركي.
وأشار بيكليفيتش إلى أنه في الثاني عشر من يونيو، نشر موقع تويتر تحقيقا أجراه، مؤكدا أنه أفضى إلى إغلاق 7300 حساب موال لأردوغان، لأن تلك الحسابات “خرقت القواعد”، ومن بينها الحسابات التي أرسلت التهديدات للناشط.
ووفقا لتويتر، فإن جميع الحسابات التي أرسلت الرسائل، تم تنسيقها من قبل “جناح الشباب” في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، على الرغم من نفي مسؤولي الحزب ذلك.
وقال بيكليفيتش: “بعد قرار تويتر، نظرت مرة أخرى ووجدت أن جميع الحسابات تقريبا (التي هاجمته) قد أغلقت.. يمكنك أن تخمن بسهولة أن هذه التهديدات منظمة”.
تركيا “الرهينة”
وأجبرت التهديدات التي تلقاها الناشط عامي 2018 و2019، على مغادرة تركيا والعيش في المنفى في واشنطن، حيث يواصل حملته ضد أردوغان.
واعتبر بيكليفيتش أنه “من المستحيل مواصلة هذه المقاومة (ضد نظام أردوغان) من داخل تركيا، لأن البلاد ليست حرة، فهي الآن رهينة”.
ومنذ وصول أردوغان لسدة الحكم عام 2014، تم اتهامه بتوجيه البلاد نحو الاستبداد، وتقويض سمعتها كدولة ديمقراطية.
وحتى الآن، يوجد حوالي 80 صحفيا تركيا في السجن، العديد منهم منتقدون صريحون لسياسات أردوغان، في حين حُكم على نائب برلماني معارض عام 2017 بالسجن لمدة 25 عاما، لما قيل إنه “تسريب لمعلومات حساسة” إلى وسائل الإعلام، وفقا للصحيفة البريطانية.
ويقول أردوغان إن هذه الإجراءات الصارمة “ضرورية لحماية المواطنين الأتراك”، وذلك في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، التي اتخذها الرئيس التركي ذريعة لكل الإجراءات الخانقة التي فرضها لتشديد قبضته على البلاد، من بينها حملة اعتقالات طالت آلاف الأتراك.
لكن منتقدي أردوغان حذروا من أنه يتطلع الآن إلى توسيع نفوذه بشكل أكبر من خلال السيطرة على عالم الإنترنت، الذي يعتبره كثيرون آخر منصة متبقية لنشاطهم ومطالبتهم بالحرية والديمقراطية.
فبعد وقت قصير من نشر تحقيق تويتر، تعهد أردوغان بتقديم مشروع قانون يحظر كل من تويتر وفيسبوك تماما، أو على الأقل يضعهما تحت سيطرة الدولة.
وعند طلب “تلغراف” الحصول على تعليق، رفض مسؤول حكومي تركي فكرة أن مشروع القانون الجديد سيكون بمثابة قمع لحرية التعبير، واصفا إياه بأنه “ينظم منصات التواصل الاجتماعي لمنع الانتهاكات المنهجية للقوانين المحلية، وحماية حقوق المواطنين”.
وأضاف: “لا يوجد فرق ملحوظ بين اقتراح تركيا واللوائح البريطانية. لا يتعلق الأمر بحرية التعبير ولكن بإنفاذ القانون”.
في الوقت نفسه، قال التحقيق الذي قاده تويتر إن الحسابات الـ 7300 التي أوقفها “كانت تستخدم لتضخيم الروايات السياسية الموالية لحزب العدالة والتنمية، وأظهرت دعما قويا للرئيس أردوغان”.
من جانبها، حذرت مديرة منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تركيا، إيما سينكلير ويب، من سعي الحكومة التركية لفرض رقابة على المعلومات التي لا تناسب الحكومة أو سرد حزب العدالة والتنمية.
وقالت: “ليس هناك شك على الإطلاق في أن خطة الرئيس التركي لكبح جماح وسائل التواصل الاجتماعي تدور حول زيادة القدرة بشكل كبير على الحد من تداول الأخبار والتعليقات المنتقدة للحكومة”.
وعلى الرغم من العنف والتهديدات التي يتعرض لها الناشطون الذين ينتقدون سياسات أردوغان ويطالبون بتحقيق الديمقراطية والحرية في بلادهم، فإن بيكليفيتش أكد أنه سيواصل حملته ضد أردوغان، حتى لو كانت الوسيلة الآمنة الوحيدة للقيام بذلك هي عبر الإنترنت، ومن خارج حدود تركيا.
واختتم الناشط التركي حديثه بالقول: “أنا محظوظ.. فأنا بأمان الآن. لقد عشت في واشنطن لمدة عامين، وأنا لا أخاف من أردوغان”.