فبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، يبدو أن زعيم المعارضة، يائير لابيد، قد صار على بعد خطوات قليلة من أجل حسم الأمر لصالحه، وهذا يعني أن مصير نتانياهو على المحك، الأمر الذي ينطبق أيضا على حزبه الليكود وتحالف الأحزاب اليمينية التي تدعمه.
وتقول هذه التقارير إن لابيد اتفق مع رئيس حزب “يمين”ا اليميني نفتالي بينيت، على تشكيل حكومة يتم التناوب على رئاستها.
وينص الاتفاق على تولي بينيت رئاسة الحكومة في النصف الأول من فترة الحكومة (حتى سبتمبر 2023)، على أن يخلفه لابيد في النصف الثاني حتى نوفمبر 2025. وكان لابيد قد توصل في وقت سابق لاتفاق مع حزبي إسرائيل بيتنا وميرتس، إضافة إلى حزب العمل مؤخراً.
وكانت إسرائيل شهد قبل أشهر انتخابات هي الرابعة خلال عامين، ولم تفرز أغلبية واضحة، وكلف الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، نتانياهو بتشكيل الحكومة، “لأن لديه فرصة صغيرة لإنجاز المهمة”.
لكن نتانياهو فشل في المهمة ولم يتمكن من اقناع الأحزاب بالتصويت له، مما أفسح المجال أمام لابيد بوصفه زعيم المعارضة في إسرائيل.
وتحتاج الحكومة الإسرائيلية إلى موافقة 61 عضوا في البرلمان من أصل 120 حتى تنال الثقة.
ويمتلك حزب “يش عتيد” (هناك مستقبل) بقيادة يائير لابيد 17 مقعداً بالكنيست. كما يمتلك تحالف يمينا بقيادة نفتالي بينيت سبعة مقاعد.
وفي حال تشكيل لابيد الحكومة، فإنها ستكون مكونة من هذين الحزبين، بالإضافة إلى حزب “أزرق أبيض” الذي يمتلك ثمانية مقاعد، و”العمل” لديه سبعة مقاعد، و”إسرائيل بيتنا” لديه سبعة مقاعد.
ويمتلك حزب “أمل جديد”، الذي يقوده المنشق عن حزب الليكود، جدعون ساعر ستة مقاعد، و”ميرتس” (ستة مقاعد، بما يشكل 58 مقعداً، بفارق ثلاثة مقاعد لنيل الثقة.
وهذا الأمر يتطلب التنسيق مع أحزاب القائمة المشتركة (صاحبة الستة مقاعد) أو القائمة العربية الموحدة (صاحبة الأربعة مقاعد)، لاستكمال الائتلاف الحكومي.
أسبوع الحسم
ويقول أستاذ الدراسات العبرية، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أحمد فؤاد أنور، في تحليله لسيناريوهات تشكيل الحكومة الإسرائيلية إن الأسبوع الجاري هو أسبوع الحسم، وتظهر خلاله المؤشرات كافة، موضحاً أن المعارضة تقترب من تشكيل الحكومة.
ويشير أنور في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية” إلى أن “السيناريو الأغلب والأرجح هو تمكن منافس نتانياهو، يائير لابيد (رئيس حزب “هناك مستقبل” المُكلف من قبل الرئيس الإسرائيلي في 5 مايو الجاري، بتشكيل الحكومة)، من تشكيل حكومة ائتلافية في مطلع الأسبوع المقبل، مع انضمام حزب يمينا، بقيادة نفتالي بينيت، بعد أن أعلن الحزب الموافقة على الانضمام لائتلاف حكومي”.
ويلفت الخبير بالشأن الإسرائيلي، إلى أن “لابيد وحزب يمينا يناقشون الآن بعض التفاصيل المرتبة بضمان عدم هروب أو انشقاق أعضاء من الحزب وانضمامهم إلى الجبهة الرافضة للتغيير”، موضحاً أن “الكتلة التي تسعى للتغيير برئاسة لابيد اقتربت فعلاً من تشكيل حكومة، هي شبه حكومة وحدة وطنية، بمعنى أن بها يسار وممثل عن اليمين، ممثلاً في نفتالي بيليت وحزبه يمينا”.
وتأتي المخاوف المرتبطة بمسألة انشقاق أعضاء من الحزب، في خطٍ متوازٍ مع ما أشارت إليه تقارير إعلامية إسرائيلية مؤخراً، حول كون مجموعة من أعضاء (يمينا) أقل حماسة للانضمام إلى تلك الحكومة. تتزعم تلك المجموعة الشخصية الثانية في الحزب وهي وزيرة العدل السابقة أيليت شاكيد.
وتشكيل حكومة وحدة وطنية في إسرائيل، يأتي في حالات الطوارئ (مثل الحرب والكارثة الطبيعية أو الأزمة الاقتصادية)، وأيضاً في حالة وجود تكافؤ في ميزان القوى بين الكتل الحزبية المتخاصمة التي تم انتخابها للكنيست، الأمر الذي يحول دون تشكيل الائتلاف الذي يتمتع بأغلبية. ويكون رئيس الائتلاف الحكومي ” هو على الأغلب رئيس الكتلة الأكبر في الكنيست من بين تلك المشاركة في الحكومة”.
وحول ما إن كان نتانياهو الذي يتولى منصبه منذ 2009 وحتى الآن، سيرضخ إلى هذا السيناريو، لا سيما في ضوء قضايا الفساد التي تنتظره لدى خروجه من الحكومة، يوضح أنور أن “دراسة شخصية نتانياهو تشي لنا بأن هذا السيناريو (سيناريو تشكيل المعارضة الحكومة) لن يتم بسهولة، وأنه لن يستسلم”.
تنازلات نتانياهو
ويتحدث عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية بموازاة ذلك عن ما وصفه بـ “التنازلات” التي قدّمها رئيس الوزراء الإسرائيلي، ضمن مساعيه للبقاء في المنصب، قائلاً: “أخرج نتانياهو من جعبته لإفساد هذا السيناريو تنازلاً جديداً ممثلاً في إعرابه عن موافقه على أن يكون (رقم 2) في الحكومة القادمة، حال ما إذا تراجع شركاء لابيد عن دعمه وعادوا مرة أخرى لمعسكر نتانياهو”.
ويشرح: “نتانياهو أعلن أنه لا مانع لديه في أن يكون رئيس وزراء بالتناوب، وأن يكون هو الثاني بعد من يوافق على التحالف معه (تكون له بذلك كل الامتيازات من الديوان والموكب وغير ذلك)، على رغم أنه جرت العادة ألا تكتمل الحكومة في الغالب بعد النصف الأول، وقد كان نتنياهو سابقاً يشترط أن يكون رئيس الوزراء الأول في أي حكومة بالتناوب.
وكان نتانياهو قد علق على الاتفاق الأخير الذي تم الإعلان عنه بين لابيد وبينيت، واصفاً ذلك الاتفاق بأنه “عملية احتيال”، و”انتهاك صارخ للوعود التي قطعها بينيت على نفسه قبل أسابيع”.
ويشير أنور إلى أنه “بنهاية الأسبوع تكون المؤشرات قد ظهرت بشكل كامل، لا سيما أن هناك مجموعة كبيرة تشعر بأن نتانياهو صار كارتاً محروقاً”، متحدثاً عن ملفات الفساد المتهم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي قد تطالب عائلته.
ويختتم حديثه بالإشارة إلى أن ما سبق يمثل أبرز السيناريوهات المطروحة حالياً، بينما “من حيث الموقف من العرب، ومن حيث المنافسة بين اليمين واليسار، فهي أمور أصبحت أمراً ثانوياً، فالأمر (تشكيل الحكومة) متعلق بإغراءات مالية وامتيازات وتولي وتوزيع حقائب وزارية”.