وقال أرتاك بلغاريان المسؤول المكلّف بملف حقوق المدنيين في أوقات الحرب، في كاراباخ إنه “بحسب تقديراتنا الأولية، نزح نحو 50 في المئة من سكان كاراباخ و90 في المئة من النساء والأطفال، أي ما يعادل نحو 70 إلى 75 ألف شخص”.
وأكد بلغاريان في تصريحات لـ”فرانس برس” أن السكان الذين نزحوا من جرّاء القتال توجهوا إلى مناطق أخرى في المنطقة ذاتها، أو إلى أرمينيا وغيرها.
وحوّل القصف الذي نفذته القوات الأذربيجانية على ستيباناكرت، المدينة الرئيسية في كاراباخ، إلى مدينة أشباح مليئة بالذخيرة غير المتفجّرة والحفر الناجمة عن القذائف.
من جانبها، اتّهمت أذربيجان القوات الأرمينية بقصف أهداف مدينة في المناطق المأهولة، بما في ذلك ثاني كبرى مدن البلاد كنجه، التي يقطنها أكثر من 330 ألف نسمة.
وأفاد متحدث باسم وزارة الخارجية بأنه لم يتم بعد تحديد عدد السكان الأذربيجانيين الذين نزحوا جرّاء المعارك.
وكانت المعارك بين الجانبين المتحاربين قد تواصلت في الإقليم، حيث تعرضت مدينة ستيباناكرت، عاصمة الإقليم، إلى قصف طوال ليل الثلاثاء الأربعاء، ودوت صافرات الإنذار في المدينة، الغارقة في ظلام شبه كامل، في فترات متقطعة كل ساعة تقريبا.
وأشارت تقارير إلى وقوع انفجارات قوية لم يتسن تحديد طبيعتها بدقة، وما إذا كانت صواريخ أو مدفعية أو قصف جوي.
وقال أحد السكان لوكالة فرانس برس، إنها ليلة القصف الأعنف منذ نهاية الأسبوع منذ أن بدأت القوات الأذربيجانية استهداف ستيباناكرت، التي يقطنها 55 ألف نسمة.
وتعليقا على تصاعد الأعمال القتالية في ناغورني كاراباخ، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الأربعاء الأرمن والأذربيجانيين إلى وقف “المأساة” الجارية في الإقليم.
وفي مقابلة مع التلفزيون الحكومي بثها الكرملين في يوم عيد ميلاده، قال بوتن “إنها مأساة هائلة. هناك ناس يموتون. نأمل أن يتوقف هذا النزاع في أسرع وقت ممكن”.
وتابع بوتن: “إن كان من غير الممكن وقف هذا النزاع بشكل نهائي، لأننا بعيدين عن ذلك، فإننا ندعو على الأقل، وأشدد على ذلك، إلى وقف إطلاق نار. وينبغي تحقيق ذلك في أقرب وقت ممكن”.
وسبق أن نقل الكرملين عن بوتن دعوته إلى وقف القتال في بيانات، لكنه أول موقف علني وتلفزيوني يصدر عنه مباشرة منذ بدء القتال في 27 سبتمبر.
تحذير مبطّن
وأعلن بوتن أن روسيا “ستحترم التزاماها في إطار منظمة المعاهدة الأمنية الجماعية”، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المواجهات “لا تجري على أراضي أرمينيا بل على أراضي ناغورني كاراباخ، الإقليم الانفصالي الأذربيجاني المدعوم من يريفان”.
لكن في حال توسيع بقعة النزاع إلى الأراضي الأرمنية، فإن ذلك قد يحمل روسيا على التدخل لا سيما وأن لديها قاعدة في أرمينيا.
ووجه رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان تحذيرا مبطنا في مقابلة مع “فرانس برس” إلى أذربيجان من توسيع النزاع، مذكرا بتحالفه العسكري مع الشقيق الأكبر الروسي، بالقول: “إنني واثق بأن روسيا ستفي بالتزاماتها إذا تطلب الوضع ذلك”.
وارتفعت أعداد القتلى بين الجنود في ناغورني كاراباخ إلى 280 قتيلا بعد أن سجلت مقتل 40 جنديا إثر المعارك مع القوات الأذربيجانية.
ونقلت وكالة “إنترفاكس” الروسية عن وزارة الدفاع في ناغورني كاراباخ قولها، الأربعاء، إن 40 آخرين من جنودها قتلوا، مما يرفع عدد القتلى في صفوفهم إلى 280 منذ اندلاع القتال مع القوات الأذربيجانية في 27 سبتمبر.
وتشهد المنطقة أكثر المعارك دموية منذ أكثر من 25 عاما بين قوات أذربيجان والقوات المنحدرة من أصل أرميني المسيطرة على ناغورني كاراباخ.
واتهم رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، الأربعاء، تركيا بدعم باكو، قائلا إن بلاده تواجه ما يصل إلى حد “الهجوم الإرهابي” من أذربيجان وتركيا.
وفي حديث لشبكة “سكاي نيوز”، أوضح باشينيان أن ما تفعله تركيا في ناغورني كاراباخ “جزء من استمرار الإبادة الجماعية للأرمن، ومحاولة لإعادة الإمبراطورية العثمانية”.
وسبق لرئيس وزراء أرمينيا أن اتهم تركيا الجمعة “بالتقدم مرة أخرى على طريق الإبادة الجماعية”، مشيرا إلى أن جيش أنقرة يقود بشكل مباشر هجوما لقوات أذربيجان على القوات الأرمينية حول إقليم ناغورنو كاراباخ.
وأفاد باشينيان في حديث لصحيفة “لو فيفارو” بأن “الوضع أخطر بكثير (من الاشتباكات السابقة في عام 2016). سيكون من الأنسب مقارنته بما حدث في عام 1915 عندما قُتل أكثر من 1.5 مليون من الأرمن في أول إبادة جماعية في القرن العشرين”.
وأضاف: “الدولة التركية التي تواصل إنكار الماضي تغامر مرة أخرى بالسير في طريق الإبادة الجماعية”.