وتنشط مجموعات مسلحة تشادية في الجنوب الغربي الليبي، حسبما كشفه أهالي ومسؤولين محليين لـ”سكاي نيوز عربية”، قائلين إنهم متورطون مع مجموعات محلية أخرى في أنشطة تهريب الوقود والمخدرات وبيع السلاح، بالإضافة إلى نقل المهاجرين غير الشرعيين، وهؤلاء قد يستغلون أنشطتهم في تحقيق مصالحهم السياسية الخاصة، في ظل حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة.
تزكية الصراع
ويوضح المحلل السياسي التشادي علي موسى أن البلاد تشهد تصاعدا في الأحداث على خلفية قرب عقد انتخابات الرئاسة، إذ أوقف أحد مرشحي المعارضة البارزين وهو يحيى ديلو، فيما قالت الحكومة إنها “تصدت لتمرد يهدف إلى إثارة الفوضى في البلاد”، بينما قرر باقي مرشحي المعارضة الانسحاب من المناقشة بالانتخابات.
ورجح موسى، في حديثه إلى “سكاي نيوز عربية”، إن تشهد البلاد في الأيام المقبلة احتجاجات من جانب المعارضة تطالب بتغيير النظام.
وهنا تأتي المخاوف من أن ينعكس تأزم الوضع في تشاد على ليبيا، فيقول موسى: “ليبيا الآن الحاضنة الوحيدة للحركات المسلحة، ولن تكون ساحة لتصفية الحسابات بين الأطراف، بل نقطة للتجمع والانطلاق لتذكية الصراع الذي سيكون داخل تشاد”.
وأكد أن ليبيا بحكم عدم استقرارها وموقعها الحدودي مع تشاد يمكن استغلالها في تغذية الصراع، مشيرا إلى أن تصعيد الوضع وتأزمه سيسهم في تدخل أطراف خارجية في الشأن التشادي كما يحدث في ليبيا الآن، التي “ستكون معبرا لدخول أطراف” لإثارة القلاقل في الداخل التشادي.
وحذر المحلل السياسي التشادي، من إمكانية اتساع رقعة الصراع، إلى أن تشمل دول الساحل ووسط إفريقيا، والتي ستكون في حينها “مهددة” بشكل حقيقي.
وسبق أن أعلن الرئيس التشادي إدريس ديبي عن قلقه من “انتشار المرتزقة” إضافة إلى “الإرهابيين في الغرب الليبي“، قائلا إنهما “شران ابتليت بهما منطقة الساحل حاليا”.
ولفت إلى مواجهة بلاده جماعات متمردة تهاجم الجيش التشادي في تيبستي، مستخدمة جنوب ليبيا كقاعدة خلفية لأنشطتها، موضحا أن هؤلاء “قاتلوا في صفوف المليشيات المتطرفة في مصراتة والجنوب” ضد الجيش الوطني الليبي.
عقبات جديدة
ويرى الباحث في الشأن الإفريقي، عمرو حسين، إنه لن يكون هناك تأثير قوي للانفلات في تشاد على الوضع الأمني داخل ليبيا، لأنها في الأساس الآن بمرحلة تضميد الجراح والالتئام، والسعي لإقامة مؤسساتها.
إلا أنه لم يستبعد، في حديثه إلى “سكاي نيوز عربية”، تعطيل الانتقال السياسي في ليبيا، بالتحديد بالنسبة للالتزامات التي تتعلق بمنطقة الجنوب الغربي، ما يحمل أعباء على حكومة الوحدة الوطنية.
وتابع: “الحكومة الليبية الجديدة هي أمام معضلة في الأساس لاستيعاب كل العشائر والقبائل، كما تواجه خطر الإسلام السياسي، إضافة إلى ملف التعامل مع الدول الخارجية، وقد تجد نفسها أمام أزمة حدودية في الجنوب”.
وعن السيناريوهات التي يمكن أن تحدث في حالة انفجار المشهد في تشاد، قال: “سيزداد تهريب البضائع بما يستنزف الاقتصاد الليبي، كما سيرتفع وتيرة تدفقات اللاجئين بشكل غير مسبوق، وقد نشهد موجة نزوح بما لا يقل عن 100 ألف شخص من الشمال التشادي إلى جنوب ليبيا”.
كما نبه إلى خطر استغلال الأزمة من الأفارقة غير التشاديين لمحاولة دخول ليبيا، إضافة إلى رواج التجارات غير المشروعة للسلاح والمخدرات وتهريب البشر.
وتابع: “ستجد الأطراف الخارجية التي تتحرك في الملعب الليبي ذريعة لمزيد من التدخل، وهو الأمر الذي سيدفع فرنسا للتدخل من أجل الدفاع عن منطقة نفوذها في دول الساحل والصحراء”.
ويعتقد الباحث السياسي، أن “حدوث حالة الفوضى تلك والانفلات الأمني والاحتراب، سيأتي في صالح إدريس ديبي، الذي يلقى دعما واسعا من أطراف دولية على رأسها فرنسا، التي لن تخاطر بتركه عرضة للسقوط، حتى لا يتكرر سيناريو إفريقيا الوسطى”.