ويبقى التوتر شديدا مع تأكيد واشنطن امتلاكها أدلة على أنّ موسكو تخطط لتصوير هجوم أوكراني مفبرك يستهدف الروس، لتبرير اجتياحها لأوكرانيا، غير أنّ كييف تبدي مزيداً من ضبط النفس، واعتبر وزير الدفاع أولكسي ريزنيكوف أنّ مخاطر حدوث “تصعيد كبير” للنزاع تبقى “ضعيفة”.

وترى موسكو أنّ تهدئة التوتر حول أوكرانيا لن يكون ممكنا إلا إذا تخلى حلف شمال الأطلسي عن سياسته التوسعية في البلدان المجاورة لروسيا. ورغم رفضهم هذا المطلب، يريد الأوروبيون والأميركيون مواصلة الحوار مع موسكو في شأن مخاوفها الأمنية.

وقبل يومين، أجرى رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، زيارة إلى أوكرانيا، أكد خلالها أن أي غزو روسي لأوكرانيا سيكون كارثة، لافتا إلى أن تداعيات الأزمة سترتد على موسكو التي تقول إن الغرب لا يراعي مطالبها الأمنية.

 الزيارات مهمة ولكن

الأكاديمي المختص بالشأن الدولي طارق فهمي، قال إنه بالتأكيد الزيارات مهمة وهناك أيضا اتصالات ولقاءات مستمرة لإنقاذ الموقف ونزع فتيل الأزمة ولكن هناك تطورات خطيرة جزء منها مرتبطة بالمناورات العسكرية التي تجريها روسيا في بيلاروسيا وهناك حشود عسكرية وكلها تمثل رسائل مباشرة للولايات المتحدة.

وأضاف فهمي، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الصين مع روسيا واليابان مع الغرب وهناك قوى أخرى اتبعت أنصاف حلول وأشباه خيارات مثل فرنسا وألمانيا رغم قبولهم فكرة نشر قوات أميركية في شرق أوروبا، وهناك دول أخرى تحاول لعب دور مهم في الأزمة كالمجر التي أجرت محادثات وضغوطات على روسيا لوقف التصعيد.

وأوضح أن هذا الأمر معناه أننا أمام سيناريو مفتوح وأن الخيارات العسكرية تستبق الخيارات السياسية في هذا التوقيت، حيث إن الإدارة الأميركية تصعد مع روسيا وهناك تحسبات لمواقف ربما تبدو جديدة كفرنسا وألمانيا والأخيرة لا ترغب في مواجهة عسكرية وهناك تحفظات داخل بعض دول حلف الناتو خصوصا الدول الجديدة لجنوب غرب وشرق أوروبا في هذا الإطار.

وأشار إلى أن الاستعدادات العسكرية والمناورات الروسية التي تجريها في هذا التوقيت ستكون خطيرة وستدفع نحو عسكرة الأزمة، لافتا إلى أن أميركا الآن باتت تخطط لما بعد الغزو وليس منع هذه الأزمة، وبالتالي ستستثمر روسيا هذا الموقف وستتعامل معه بصورة كبيرة في ظل حالة التجاذبات المفروضة على كافة الأطراف.

وتابع: “أعتقد أن روسيا تستقوى بالصين في إطار رفض بكين لأي خيارات عسكرية في هذه المنطقة، ومن ثم فكل السيناريوهات مفتوحة وكل المشاهد أيضا واردة في إطار الأزمة الأوكرانية“.

 جهود فرنسية

وسعياً لخفض التوتر في الأزمة الأوكرانية، يلتقي الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، الإثنين، في موسكو ثم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، في كييف، وفق ما أعلن قصر الإليزيه الجمعة،

وكثّف ماكرون في الأيام الأخيرة الاتصالات الهاتفية مع بوتين وزيلينسكي، وكذلك مع الرئيس الأميركي جو بايدن، سعيا للتوسط في الأزمة.

وأجرى الرئيس الفرنسي الخميس محادثات عبر الهاتف مع كلّ من بوتين وزيلينسكي، وأعلن الكرملين أنّ بوتين وماكرون بحثا خصوصاً “الضمانات الأمنية” التي تطالب بها موسكو خلال مكالمتهما الهاتفية الثالثة هذا الأسبوع حول هذا الموضوع، مشيرا إلى حوار “بناء”.

وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، غابرييل آتال الجمعة، إنّ “مهمة فرنسا أن يكون لها دور قيادي في الجهود المتعددة الطرف بهدف نزع فتيل التصعيد”.

وأضاف أنّ “هذا النزاع مفتوح منذ أشهر عدة، وعقدت اجتماعات كثيرة بمبادرة من فرنسا. لقد حقّقنا تقدّماً صلباً في الأسابيع الأخيرة، وخصوصاً عبر اجتماع بالغ الأهمية (في 26 يناير) مع المستشارين الدبلوماسيين لرؤساء الدول والحكومات في بلدان آلية النورماندي، روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا”، لافتاً إلى أنّ هذا الاجتماع استمر “نحو تسع ساعات، توصل بعدها (المستشارون) إلى بيان مشترك هو الأول منذ ديسمبر 2019 للتذكير بالتزام نزع فتيل التصعيد”.

 ألمانيا تعود للملف الشائك

كما يزور المستشار الألماني أولاف شولتز في 14 فبراير كييف قبل أن ينتقل في اليوم التالي إلى العاصمة الروسية ليجتمع بدوره مع بوتين، ووفق المتحدث باسم الحكومة الألمانية فولفغانغ بوشنر فإنه “إضافة الى المحادثات الثنائية، سيتم التركيز على الموضوعات الدولية وبينها مسائل الأمن”.

وواجه شولتس في الأسابيع الأخيرة انتقادات لعدم حضوره الفاعل سياسيا في هذا الملف الشائك، فيما يستقبل المستشار الألماني الخميس قادة ليتوانيا واستونيا ولاتفيا، حيث تبدي دول البلطيق الثلاث الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قلقا أمنيا في ظل الأزمة الأوكرانية.

ويشكل اللقاء بين شولتس وبوتين أول زيارة يقوم بها المستشار الألماني لروسيا منذ توليه منصبه في ديسمبر الماضي، ويؤخذ على شولتس أنّه تبنى مواقف غير ثابتة في شأن أوكرانيا وخصوصا بعدما رفضت ألمانيا تسليم أسلحة لكييف.

 روسيا ترد

بينما دعا الكرملين إلى “عدم تصديق” الاتهامات التي وجهتها إليها الولايات المتحدة حين اعلنت أن موسكو تعتزم فبركة شريط مصور عن هجوم أوكراني على روسيا لاستخدامه ذريعة لغزو جارتها.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف حين سئل عن هذا الاتهام “أوصي بعدم تصديق ما يقوله أيّ كان في هذه المسائل، وخصوصاً وزارة الخارجية الأميركية“.

وكان الناطق باسم البنتاغون جون كيربي قال الخميس “لدينا معلومات أنّ الروس يريدون على الأرجح فبركة ذريعة للغزو”.

وأضاف أنّ واشنطن تعتقد أن الحكومة الروسية تخطط لفبركة هجوم للجيش الأوكراني أو قوات استخباراتية “ضدّ أراض خاضعة لسيادة روسيا أو ضدّ أشخاص ناطقين بالروسية”.

skynewsarabia.com