وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” قال الباحث والناشط المتخصص في الشأن الإيراني كيمومرث مظرفي: “لم يعد خافيا أن الخلافات المحتدمة داخل النظام الإيراني، تعيق أي تقدم في المسار التفاوضي في فيينا، بينما تضغط على المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران، إذ أن استراتيجية طهران في المماطلة، والدخول في مفاوضات استنزافية، نجحت في إحالة ملف المفاوضات إلى حكومة إبراهيم رئيسي المنتخبة، وقد أعلن الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، نهاية الأسبوع الماضي، عن امتعاضه لضياع فرصة بلاده في التوصل لاتفاق نووي جديد، كما انخرط في ملاسنات جديدة وعنيفة مع المتشددين الذين اعتبروا أن خطة العمل المشتركة أضعفت البرنامج النووي الإيراني“.
وحمّل روحاني التيار الراديكالي والمتشدد داخل النظام فشل المفاوضات النووية، الأمر الذي ساهم في تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية على خلفية بقاء العقوبات، وقال: “يؤسفني للغاية وضع عقبات في طريق الحكومة، وهو ما تسبب في ضياع فرصة التوصل إلى اتفاق مبكر خلال المفاوضات النووية”، وفقا لوكالة أنباء “فارس” الإيرانية.
وتابع قائلا: “منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قادرة على تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 و60 في المئة، وبإمكانها أيضا التخصيب بنسبة 90 في المئة إذا احتجنا لذلك”.
واعتبر روحاني أن من بين أهدافه حكومته “ضمان حقوق الشعب في قضايا التكنولوجيا الحديثة والتجارة والاقتصاد والأنشطة الاقتصادية والإنتاجية”، كما توجه بالحديث إلى الرئيس المنتخب، وقال: “أتمنى نجاح الحكومة الجديدة في استكمال التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة، ما يؤدي إلى رفع العقوبات المفروضة على الجمهورية”.
وأشار تقرير وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الذي قدمه لرئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي بالبرلمان، إلى وجود خلافات جمّة داخل النظام، تبرز انعكاساتها في تعثر المفاوضات التي مرت بست جولات دون التوصل لاتفاق جديد.
وشدد ظريف على ضرورة “التآزر وتوحيد الصف” حيث إن “المصالح الوطنية العليا للشعب والبلاد تتطلب ألا تكون السياسة الخارجية ساحة نزاع سياسي وحزبي داخلي”.
ولذلك، دان ظريف عدم وجود توافق وإجماع بين النخبة السياسية الحاكمة على شروط العودة للاتفاق النووي، بالقول: “لو توصلنا إلى إجماع حول ضرورة العمل المتوازن مع الشرق والغرب، فمن جانب لن نزعج أصدقاء الأوقات الصعبة منا طمعا في سراب تدفق الشركات الغربية، ومن جانب آخر، استفدنا من جميع طاقات الاتفاق النووي لإقامة مصالح اقتصادية أساسية لكل الفاعلين (بما في ذلك الفروع الأجنبية للشركات الأميركية) ولم يحبط أصدقاؤنا، ولكان ترامب في مواجهة موانع جدية من المستثمرين الأجانب (بما في ذلك الداخل الأميركي) في فرض الضغوط القصوى”.
وبدوره قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، النائب مجتبى ذو النوري، في البرلمان، السبت: “رغم أن الاتفاق النووي لم يكن جيدا، فقد كان بمثابة مكبح لنا، لكن ما يمكن قوله عن مقاربة الحكومة المقبلة في الاتفاق النووي من المؤكد أنها لن تشير بالقول: بسبب أن الاتفاق لم يكن جيدا فإننا لا نريده”.
وبيّن: “من المؤكد أن هذه ليست سياسة النظام ولا الحكومة الجديدة ستتبع هذه السياسة، على العكس من ذلك الحكومة ستطالب بالاتفاق”.
وبحسب وكالة “ميزان” التابعة للقضاء الإيراني، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية إن “الحكومة الجديدة لن تقلب الطاولة على الاتفاق النووي، وستكون أقوى من الحكومة السابقة في الحصول على حقوق الشعب الإيراني، ومن جهة ثانية، على الطرف الآخر الذي يسعى وراء حفظ الاتفاق النووي أن يدفع ثمن ذلك لكي تحل المشكلات الاقتصادية”.
وعقّبت الخارجية الأميركية على تصريحات نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والذي يقود وفد المفاوضات في فيينا، بخصوص تأجيل المفاوضات لحين تسلم الإدارة الجديدة مهامها، بأنها تهدف “للتهرب من اللوم عن الأزمة الحالية”.
بيد أن عراقجي قال: “نحن في مرحلة انتقالية حيث يجري انتقال ديمقراطي للسلطة في عاصمتنا. لذلك من الواضح أنه يتعين على محادثات فيينا انتظار إدارتنا الجديدة”.
ودعا نائب وزير الخارجية الإيراني، القوى الكبرى لتأجيل محادثات فيينا إلى حين تسلم الإدارة الإيرانية الجديدة للرئيس إبراهيم رئيسي السلطة في إيران.
إذا، لكسر فكرة انغلاق الحرس الثوري الإيراني، يحاول الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي إيجاد باب للانفتاح على العالم، لجهة إنقاذ الوضع الاقتصادي، بحسب الدكتور كمال الزغول الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، ولذلك سوف يسعى رئيسي ليكون “بيده قلم توقيع الاتفاق النووي ليفتح باب ذلك الانفتاح، وحتى يتوج نفسه فوق الجهود التي بذلها المعتدلون في حكومة روحاني”.
وأشار الزغول في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” إلى أنه ما تزال هناك دول أوروبية وغير أوروبية تضغط باتجاه توقيع الاتفاق مثل ألمانيا واليابان، ولا مناص من البدء بهذه المفاوضات عاجلا أم آجلا.
ولفت الباحث المتخصص في الشأن الإيراني إلى أن التيار المتشدد يقوم بقصف القوات الأميركية في العراق، كمحاولة لتعطيل الانتخابات العراقية والمفاوضات النووية لجهة تمكين إبراهيم رئيسي من تحقيق شعبية جديدة بتوقيع الاتفاق، والترويج للحرس الثوري في الداخل، الأمر الذي سوف سيترتب عليه إزالة العقوبات فورا، مما سيضاعف من شعبية التيار الراديكالي، لأن حركة تصدير النفط سوف تستأنف مما ينعش الاقتصاد الإيراني.
في المقابل فإن روحاني بحسب الزغلول “يحاول استفزاز أميركا بقوله إن إيران سوف تخصب ما نسبته 90 في المئة، لتسريع المفاوضات، وتحقيق السبق الإصلاحي في آخر أيامه في الرئاسة”.
ضغوط جمهورية
ويواصل الجمهوريون ضغوطهم من أجل انسحاب إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، من المفاوضات، وذلك وسط تقارير تشير إلى مراجعة الولايات المتحدة نتائج الجولات الست من المحادثات التي لم تفض إلى نتائج، ومن ثم البحث عن بدائل وسيناريوهات أخرى في المقابل.
وطالب السيناتور الجمهوري، بيل هاجرتي، الولايات المتحدة بـ”الانسحاب فورا من محادثات فيينا”، ودعا إلى “عدم تقديم أي تنازلات إلى النظام الإيراني، وتحديدا ما يتصل برفع العقوبات”، كما انتقد بعض العقوبات التي جرى رفعها، ووصف النظام في طهران بأنه “أكبر دولة راعية للإرهاب”.
ومن جانبه أوضح وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن أن بلاده مستعدة لاستئناف المفاوضات في فيينا، غير أن طهران طلبت مزيدا من الوقت لحين انتقال السلطة للرئيس المنتخب. عندما تنتهي إيران من هذه العملية، فسنكون حينها مستعدين لتخطيط عودتنا إلى فيينا لمواصلة محادثاتنا. لا نزال مهتمين بالعودة المشتركة للالتزام بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، لكن هذا العرض لن يظل مطروحا للأبد”.