ففي خطوة مهمة نحو توحيد صفوف أحزاب اليسار الفرنسية، أعلن متزعم حزب “فرنسا الأبية”، جان لوك ميلونشون، توصله لاتفاق مبدئي مع الحزب الاشتراكي، بعد التحالف مع حزب “الخضر” و”الشيوعيين” بشأن الاستحقاقات التشريعية التي ستجرى دورتها الأولى في 12 يونيو المقبل.

وبينما أكد العديد من المسؤولين التنفيذيين داخل هذه الأحزاب على الجانب “التاريخي” للاتفاقية التي قد تحقق مساعي ميلونشون في الحصول على أغلبية في البرلمان المقبل وبالتالي فرض تعايش مع الرئيس الليبرالي الوسطي إيمانويل ماكرون، يرى المحلل السياسي، برونو كاوتريس ، في تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية” أن مثل هذه الاتحادات داخل اليسار “سبق وأن تحققت خلال الجمهورية الخامسة”.

ويضيف: “عرفت فرنسا ابتداء من عام 1970 العديد من تجارب الاتفاقيات الانتخابية بين أحزاب اليسار. كتجربة “المنصة المشتركة” عام 1968 و”البرنامج المشترك” عام 1972، واتحاد ليونيل جوسبان عام 1997. ما يعني أن مثل هذه التشكيلات اليسارية ليست بالغريبة على التاريخ السياسي لفرنسا”.

وفي المقابل، لا ينفي المحلل كاوتريس أن النخبة السياسية أمام وضع متغير ومهم، مضيفا “ففي العقدين الأخيرين، عرف اليسار انقسامات كثيرة تمثلت أساسا في ترشح ستة مرشحين عن اليسار في الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة. واتحادهم اليوم له دلالات مهمة وتاريخية في هذا السياق، خصوصا أنه يمكن أن ينبثق عن وضعية صعبة كتلك التي يمر بها الحزب الاشتراكي ودعاة حماية البيئة مشروع جديد بقواعد جديدة”.

أهداف اتحاد أحزاب اليسار

ويرى برونو كاوتريس أن لهذا التحالف اليساري أهدافا كثيرة يمكن تحليلها على مستوى عدة زوايا. ويقول في هذا الشأن: “على المدى القصير يحاول اليسار الفوز في الانتخابات التشريعية لعام 2022 أو على الأقل الحد من الكارثة الانتخابية لليسار بعد النتائج السيئة للغاية للمرشح البيئي، يانيك جادوت والمرشحة الاشتراكية آن هيدالغو. وبالتالي، الهدف الأول هو تقليل الخسائر والسعي للفوز في الانتخابات التشريعية المقبلة”.

أما على المستوى البعيد، فالهدف، وفقا للمحلل السياسي، يسير نحو التوصل إلى “اتفاق حكومي”، يحقق صيغة “الحكم معًا”.

ويتابع: “هنا يكمن التحدي الكبير، إذ يجب أن تنصهر كل الأفكار والإيديولوجيات المختلفة لأحزاب اليسار لتقدم برنامجا حكوميا موحدا”.

وفي حال فشل هذا الاتحاد خلال الانتخابات التشريعية، يعتبر المحلل السياسي أن “هذه الاتفاقية موجودة على الأقل وستساهم في إعادة النظر في برامج اليسار وكيف سترص صفوفها من جديد آخذة في عين الاعتبار التناقضات بين اختيارات الاشتراكيين والمتمردين وحماة البيئة والشيوعيين لتستعد لخوض الانتخابات الرئاسية لعام 2027 تحت لواء واحد”.

هل يمكن تحقيق “الأغلبية البرلمانية”؟

يحتاج اليسار إلى تأمين أغلبية قوية من النواب من أصل 577 مقعداً متاحاً في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، خلال الانتخابات التشريعية التي ستجرى في الفترة بين 12 و19 يونيو المقبل. لكن يبدو أن مهمة ميلونشون الذي حصل على 22 في المئة من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي أقيمت في 10 أبريل الماضي وحل ثالثا، ليست بالسهلة.

فوفقا لعالم السياسة الفرنسي: “المهمة الصعبة أمام هذا الاتحاد، خصوصا أنه يسمح لمرشح واحد بالتقدم في دائرة انتخابية. وعلى العموم، هذا التحالف سيخلق دينامية داخل اليسار والأكيد أنه سيسمح بمرور مرشحين عن اليسار إلى الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية”.

وبحسب آخر استطلاعات الرأي التي أجرتها شركة “إيلاب” ، يرى 37 في المئة من الفرنسيين أن هذا التحالف الجديد من اليسار هو أفضل خصم في الانتخابات التشريعية المقبلة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون الذي أعيد انتخابه مؤخرًا.

ويختم برونو كاوتريس حديثه بالتأكيد على أنه “بالاطلاع على الاتفاقيات الموقعة بين ميلونشون ومتزعمي الأحزاب الأخرى، يظهر جليا أن الإطار العام يغلب عليه برنامج حزب “فرنسا الأبية”، وفي هذا الأمر تطور جديد لأن المعروف تاريخيا هو أن الحزب الاشتراكي هو من كان يقود اليسار”.

وبحسب الخطوط العريضة للاتفاقيات التي أبرمها حزب “فرنسا الأبية” مع حلفائه اليساريين، فالبرنامج الحكومي المشترك يتضمن أساسا زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 1400 يورو والتقاعد في سن الستين وتجميد أسعار “الضروريات الأساسية” و”التخطيط الإيكولوجي”.

skynewsarabia.com