وشهدت الشهور القليلة الماضية عدة محاولات انقلابية؛ أحدثها المحاولة الفاشلة في غينيا بيساو، الثلاثاء، وقبلها بأسبوع انقلاب ناجح قاده بول هنري سانداوغو داميبا في بوركينا فاسو، وذلك بعد أشهرٍ قليلةٍ من انقلابٍ في غينيا كوناكري.
ومُنِيت القارة بأكثر من 200 محاولة انقلاب عسكري منذ حصول أكثر دولها على استقلالها من الدول الأوروبية التي تحتلّها في النصف الثاني من القرن العشرين، إلا أن معدل الانقلابات من 1960-2000 ظلّ ثابتًا بمتوسّط 4 محاولات سنويًّا، في حين انخفض بين عامي 2000 و2019 إلى نحو محاولتَيْن كُل عام، قبل أن يعود للارتفاع منذ عام 2019.
الصّراع الدّولي
يرى خبراء أنّ الدوافع وراء ظاهرة الانقلابات في إفريقيا ترجع إلى عدم التوافُق بين الأحزاب التي تتولّى الحُكم والصّراعات العِرقِيّة وضعف التنمية والتدخّلات الخارجيّة التي يدلّ عليها عدم فرض قواعد مناهضة للانقلابات والتعامُل مع كُلّ انقلابٍ حسب المصالح الدولية معه.
وفي ذلك، يقول مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات، الدكتور عبد الفتاح الفاتحي، إنّ الانقلابات ظاهرة طويلة الأمد، فتطوّر الدّول على المستوى السياسي والاقتصادي لم يكُن كافيًا، خاصّةً مع استمرار وجود الجماعات المُسلّحة.
ويُضيف الفاتحي أسبابًا أخرى؛ مثل غياب الكفاءات العسكريّة والأمنيّة وغياب توافُق الأحزاب، بينما يرى العسكريون أنّهم مسؤولون عن حماية مُقدّرات البلاد، هذا بخلاف أنّ إفريقيا مركزٌ للصّراع بين القوى العالمية الكبرى، روسيا والصين مِن جهةٍ والولايات المتحدة والقوى الغربية مِن جهة، وهناك حالة ارتباك بين الأحزاب والقوى العسكرية لمَن تُقدّم الولاء.
وما سبق يولد ثغرات واسعة تقفز منها الميليشيات المسلحة لتهديد الحدود والداخل، وقد تنجح أحيانًا في إسقاط حكومات.
ويرى الخبير في الشؤون الإفريقية، لوكا بيونق دينق، أن القارة بحاجةٍ إلى بناء مؤسّسات راسخة وترسيخ مفاهيم الحُكم الديمقراطي والمدني لوضع حدّ للانقلابات التي حرمت كثيرًا من دول القارة الاستفادة من مواردها.
مؤشّرات خطيرة
رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي، وصف خلال كلمةٍ له في افتتاحية اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، نهاية الأسبوع، كثرة الانقلابات بأنّها “تعكس مؤشّرات خطيرة لتراجع الإرادة السياسية”.
وزاد بأن السّلم والأمن مُهدّدان في العديد من أقاليم القارة جراء النزاعات وتمدد الإرهاب في الساحل والجنوب الإفريقي.
وعلى هذا، طالب فكي بتفعيل القوانين الإفريقية الرادعة، وأن تحدّ القارة من تبعيتها المالية للشركاء الدوليين.
وتُعدّ دول الساحل الغربي لإفريقيا أكثر ضعفًا بسبب الإرهاب والصّراعات الإثنية والطائفية، فمنذ استقلالها في حلقة مفرغة بين الانقلاب وفترة انتقالية وحكومة مدنية كما تُعاني مشكلة الانهيار وصعوبة التكيّف مع وضع مستقر.