وقال سوبرامنيام جاي شانكار، في مقابلة خاصة لـ”سكاي نيوز عربية”، أجرتها جيزال خوري ضمن برنامج “مع جيزال“: “الأمر لا يتعلق بكون نظام جديد يحل مكان نظام قديم. النظام العالمي سيتطور إلى نظام جديد، وسيتعايش النظامان لبعض الوقت”.

وتابع: “ستكون هناك استمرارية للنظام القديم، بمعنى، الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، أي النظام القديم، أو الولايات المتحدة وروسيا اللتان تمثلان النظام القديم.. هذا سيستمر وسيتغير، لكن في نفس الوقت، فإن صعود الصين والهند وقوى إقليمية أكثر، هو جزء من النظام الجديد”.

واستطرد: “مجموعة العشرين تحل محل مجموعة السبع.. وأعني بهذا أنها تصبح الكتلة الأهم. العالم يتحرك نحو تعدد الأقطاب وتعدد القوى، وإذا نظرنا إلى أكبر 20 اقتصادا في العالم، إنها مختلفة عما كان عليه الحال قبل 50 عاما، وإذا نظرنا إلى مناطق العالم، وكيف يتوزع التأثير الاقتصادي، سنلاحظ أنه قد تغير ذلك”.

وأشار وزير الشؤون الخارجية الهندي، إلى أن “الوضع على الأرض مختلف، والمداولات الدولية ستعكس ذلك”، مضيفا: “أنا مقتنع أن الأمر يحدث بالفعل. الأمر يحدث وسيظهر بطرق مختلفة، ربما اقتصاديا أكثر، ثم لاحقا سياسيا، وأمنيا وثقافيا. كل هذا سيعاد توازنه”.

وعن موقف بلاده المتوازن فيما يخص أزمة أوكرانيا، قال: “سأصف الأمر بهذا الشكل. أعتقد أننا نفعل ما هو جيد حقا بالنسبة لنا، كما أننا نعبر عن رؤيتنا ونتخذ مواقف كما تفعل الكثير من دول العالم. وهناك رؤى تقول إن هذا النزاع ليس جيدا للعالم، وأنه خلق أزمة طاقة حادة، وأثار قلقا عميقا بشأن الأمن الغذائي، وحدوث هذا النزاع بعد جائحة كورونا التي أثرت سلبا على العالم، زاد من فداحة حالة الاقتصاد العالمي، وأحيانا أدى هذا إلى حدوث مشكلات سياسية”.

وتابع: “إذن هناك حالة من القلق العميق في العالم، ومخاوف عميقة بشأن (إلى أين نذهب، وماذا يحدث؟)، ومن الواضح أن بعض الدول عبرت عن مواقفها بوضوح أكثر من الأخرى، وهذا ما نفعله”.

وفيما يتعلق بشراء بلاده النفط والغاز من روسيا رغم العقوبات الغربية، قال جاي شانكار: “الكثير من الدول تشتري النفط والغاز من روسيا، ومن بينها دول أوروبية. الناس يشترون النفط والغاز، وخاصة بالنسبة للدول منخفضة الدخل مثلنا، نحن نشتريه من أية جهة تبيعه أرخص”.

وأوضح المسؤول الهندي أنه “لا يمكن الذهاب إلى سوق النفط بأجندة سياسية، بل بأجندة نفطية”، مستطردا: “أما بشأن المنظور السياسي، ففي هذا العالم العديد من المصالح والعديد من الرؤى. هناك بعض الدول التي تكون مرتبطة كثيرا بالولايات المتحدة، والبعض الآخر تدعم روسيا، وهناك دول مستقلة أكثر، وكانت تاريخيا مستقلة. أعتقد أن العالم مكان متنوع جدا، وفي عالم متنوع هناك رؤى متنوعة، وإذا كنا ديمقراطيين فعلينا أن نحترم هذه الرؤى”.

وفيما يخص العلاقات مع الدول العظمى، وموقف بلاده في الصراع بين أميركا والصين وروسيا، أوضح: “علاقتنا بروسيا كانت جيدة على الدوام، وهناك أسباب وجيهة لذلك، فلدى روسيا تاريخ طويل في دعم الهند بشأن قضايا مهمة جدا لنا، ولدينا علاقة عسكرية أمنية طويلة الأمد مع روسيا. علاقة تمس جوانب حساسة مثل الفضاء، والطاقة النووية. ولدينا بعض التبادل التجاري مع روسيا إلى جانب استثمارات هناك، ولديهم استثمارات في الهند”.

واستطرد موضحا: “في نفس الوقت، فإن العلاقات الأميركية الهندية منذ 20 عاما تشهد التزاما من الجانبين، وهي علاقات وثيقة وقوية جدا، ولدينا حوارات مع الأميركيين. لدينا رؤية، هي أن النزاع لا يخدم مصلحة أي أحد ولا مصلحة السلام ولا مصلحة المجتمع الدولي. نحن نلح على العودة إلى الحوار والدبلوماسية، ونؤمن بأن المخرج هو المفاوضات”.

أما بالنسبة للصين، فقال: “الصين جارة لنا وهناك علاقات اقتصادية مهمة جدا تجمعنا، لكن في عام 2020 كانت هناك مشكلات خطيرة على حدودنا بسبب انتهاكات للاتفاقيات بيننا، فالصينيون جلبوا قوات كبيرة إلى مناطق الحدود. وللأسف حدث آنذاك اشتباك وسقط العديد من القتلى.. 20 جنديا من جانبنا قتلوا، وذلك الحادث أثر على العلاقة بيننا”.

وأضاف: “اليوم، نحن نركز أساسا على الجانب السياسي، لمحاولة حل التوترات في منطقة الحدود. بالطبع، لدينا علاقة اقتصادية، وبسبب كوفيد-19، هناك ربما تنقلات أقل بين البلدين، لكن لدينا طلاب يدرسون هناك، والجيران هم الجيران”.

وعن العلاقة مع دولة الإمارات، قال جاي شانكار: “لدينا اليوم تبادل تجاري مع دولة الإمارات بقيمة 73 مليار دولار. لقد وقعنا على اتفاقية اقتصادية شاملة، إنها مثل اتفاقية تجارة حرة مع الإمارات، وقد رفعت كثيرا مستوى التبادل التجاري بيننا”.

وتابع: “أحد أهم جوانب تلك التجارة، هو إمدادات الغذاء. هناك طبعا جوانب أخرى مثل الطاقة. وبعد ذلك، شهدنا في فبراير من هذا العام، وثيقة رؤية، وهي اتفاق بين الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، حيث وضعا الخطوط العريضة لعلاقاتنا، وكيف هي خطة الحكومتين لتطبيق تلك الرؤية”.

واستطرد: “كان للأمن الغذائي نصيب كبير في تلك الخطة، وكيف يمكن تطبيقها في العالم الحقيقي. نحن نبحث عن معابر غذائية، وذلك باستثمار دولة الإمارات في إنتاج الغذاء بالهند، والشركات الإماراتية تنقل الغذاء باستمرار من الهند، والشركات الهندية تستجيب لمتطلبات السوق الإماراتية. هذه هي كيفية تطبيق الخطة”.

وأكمل وزير الشؤون الخارجية الهندي شرحه، قائلا: “إذا سمحت لي بشرح هذا في إطار أوسع، فإن العالم اليوم يشهد الكثير من الاضطرابات، ليس فقط بسبب النزاع في أوكرانيا، إذ رأينا كيف اضطربت التجارة العالمية بشدة أثناء جائحة كورونا، فإذا كانت هناك دولتان لديهما تاريخ طويل من التواصل بينهما، وصداقة وإرادة حسنة، وكانت التجارة طبيعية بينهما، وتتكاملان من حيث العرض والطلب، وفي مجال حساس كالغذاء، فهذا يجعل الدولتين مستقرتين، حين يكون هذا التشابك الجيد بينهما على المدى الطويل. إذن، نحن نسعى لأن ننمي الأمن الغذائي ليكون أحد أهم الأعمدة في هذه العلاقة”.

skynewsarabia.com